كتب انطوان غطاس صعب في “اللواء”:
صبت اللقاءات التي أجراها الرؤساء الثلاثة مع الموفدين الدوليين وسفراء غربيين على ضرورة دعم مسألة النازحين، وتفهم خصوصية لبنان في ظل العقوبات التي رفعتها الولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا، على كل من إيران وحزب الله، وبالتالي مشددين على هذه الدول أن لا يذهب لبنان ضحية لأي سياسة في سياق الأزمات التي يعاني منها، مؤكدين على أهمية وضرورة تفهم كيفية تعاطي لبنان مع كل مكوناته السياسية بمعنى اللجوء إلى خيار اعتماد سياسة النأي بالنفس.
وتكشف أوساط سياسية عن معلومات مفادها أن اللقاءات الأخيرة التي أجراها تحديداً رئيس الجمهورية مع بعض الموفدين الدوليين ولا سيما مع رئيسة المفوضية الأوروبية، فقد كان حاسماً لا بل أنه قالها بصوت عال أكثر من مرة أن لبنان لا يريد أن يكرر سابقة الوجود الفلسطيني في لبنان، وعلى هذا الأساس دخل الفلسطينيون العام 1948 وحتى اليوم لم تحل قضية اللاجئين والمخاوف من أن ينسحب ذلك على النازحين السوريين، وعلى هذا الأساس يتطلب من المجتمع الدولي حسم قضية النازحين في أقرب وقت ممكن، لأن لبنان ليس بوسعه تحمّل هذه الأعباء وهو الذي يعاني أزمات اقتصادية ومالية واجتماعية.
من هذا المنطلق، تتجه الديبلوماسية اللبنانية ربطاً بجهود الرؤساء والمسؤولين على ضرورة تخطي ما تفرضه بعض الدول من عقوبات وإجراءات وخطوات على حزب الله، بمعنى أن ينعكس ذلك على لبنان بشكل عام من خلال التبادل الديبلوماسي والعلاقات الاقتصادية والتجارية والسياحية، وسوى ذلك مما يرتب على البلد أعباء إضافية وأزمات أخرى هو بغنى عنها في هذه الظروف المصيرية التي يمر بها، وهذا ما تم إبلاغه لهؤلاء الموفدين إلى السفراء الأوروبيين المعتمدين في لبنان، وثمة أجواء أيضاً تؤشر إلى حراك ديبلوماسي لبناني للخروج من هذه المعضلة بعد العقوبات البريطانية المشددة على حزب الله إلى موقف وزير الخارجية جبران باسيل، الذي بدا على نفس الموجة مع رئيس الحكومة سعد الحريري، وفق ما ينقل عن أوساطه الذي اعتبر أن القرار البريطاني لا يعنينا. وبالتالي العمل ينصب من قبل الحريري على تجنب هذه الأزمات والخلافات والعقوبات كي لا ترتد على الحكومة وتفرمل عملها ودورها، بعد المعاناة التي حصلت في الجلسة الأولى بعد نيلها الثقلة، ولهذه الغاية هناك تشاور واتصالات مستمرة على غير صعيد من قبل المسؤولين لتحييد لبنان عن الكباش الإقليمي، وهذا ما تقوم به أكثر من مرجعية سياسية مع عواصم القرار والسفراء وذلك ما يتم إبلاغه للموفدين الإقليميين والدوليين.
وتعتبر المصادر المتابعة لهذه الأجواء أن لبنان، لا زال يعاني ما يفرض على إيران وحزب الله من عقوبات في ظل الانقسامات الداخلية والتي تفاقمت في الآونة الأخيرة، على خط جلسات فتح ملفات الحكومات السابقة وموازناتها ومتابعة سياسات الهدر والفساد والسمسرات، وحيث يرى البعض أن هناك ملفات تفتح لكيديات سياسية ولا سيما على خط حكومات الرئيس فؤاد السنيورة، مما يؤكد بأن هناك مطبات لا زالت قائمة ومن شأنها أن تشكل عوامل سلبية على أداء الحكومة وتوافقها وتضامنها في حال لم يتم التوافق بين جميع القوى على تحييد لبنان عن الصراعات الإقليمية والتأكيد والإجماع على سياسة النأي بالنفس.
لذلك هناك اختبارات ستحصل خلال الجلسات المقبلة لمجلس الوزراء، كذلك من خلال مواكبة أعمال اللجان النيابية المشتركة وإلى أين ستصل في دراسة ملفات الفساد والهدر وما صرف في حكومات سابقة وسط تساؤلات إلى أين ستتجه هذه الملفات، وكذلك هل ثمة كيديات سياسية ستمارسها بعض القوى على هذا الفريق وذاك، ما يعني أننا أمام أسابيع حاسمة، والمخاوف الكبرى تبقى من خلال تفاعل العقوبات الدولية وحيث لبنان على أبواب استحقاقات اقتصادية ومالية داهمة.