IMLebanon

بالتفاصيل.. هكذا طوّقت ذيول حادثة الشويفات

لا يدعو المشهد السياسي اللبناني إلى التفاؤل، مع أن رئيس الحكومة سعد الحريري بادر إلى تطويق ما ساد الجلسة الأولى لمجلس الوزراء من أجواء خلافية من جهة، وإلى قطع الطريق على من يحاول الإيقاع بينه وبين رئيس الجمهورية ميشال عون من جهة ثانية، من خلال الغمز من قناة الأخير، بأن ما صدر عنه من مواقف يمسّ بصلاحيات رئاسة الحكومة.

ويرتبط الحديث عن الصلاحيات، في جزء منه، بملف النازحين السوريين، مع أن هذا الملف، وإن كان يشكل نقطة خلافية، إلا أن من يعارض عون في إصراره على المضي قدماً في تطبيع العلاقات اللبنانية – السورية، يتمنى أن يوفّق رئيس الجمهورية بإقناع النظام السوري بتأمين عودتهم من دون شروط.

فرهان البعض على وجود خلاف بين الرئيسين عون والحريري على الصلاحيات، لن يُصرف في مكان في ظل إصرارهما على التعاون والدفاع عن التسوية التي كانت وراء انتخاب عون رئيساً للجمهورية، وبالتالي لن يوفر لهؤلاء مادة سياسية دسمة للعب على التناقضات.

لكن الاشتباك السياسي المفاجئ بين «المستقبل» و«حزب الله» تقابله محاولات جدية للتهدئة على قاعدة «تنظيم الاختلاف» أو «ربط نزاع»، وهذا ما ظهرت بوادره من خلال قيام وزيري «اللقاء الديمقراطي» أكرم شهيب ووائل أبو فاعور بزيارة للرئيس عون، وأعقبها زيارة قام بها وزير الدولة لشؤون المهجرين غسان عطاالله (التيار الوطني الحر) لرئيس الحزب «التقدمي الاشتراكي» وليد جنبلاط واتفاقهما من موقع الاختلاف على ضرورة إقفال ملف المهجرين في نهاية هذا العام وهذا ما كان يطالب به «التقدمي» منذ سنوات.

وأتاح الانفتاح بين «التقدمي» من جهة والرئيس عون ومن خلال «التيار الوطني» من جهة ثانية، وبرغبة من الرئيس الحريري، الدخول في مكاشفة حول أسباب الخلاف وضرورة تطويقه.

وعلمت «الشرق الأوسط» أن حادثة الشويفات التي أودت بحياة العنصر في «التقدمي» علاء أبو فرج حضرت في لقاءات المكاشفة، وكان أول من أثارها الوزير أبو فاعور الذي زار رئيس «التيار الوطني» الوزير جبران باسيل، مع وفد من «اللقاء الديمقراطي» في سياق جولات «اللقاء» على القيادات السياسية لتسليمها «الورقة الاقتصادية التي أنجزها «التقدمي» بشأن رؤيته لمعالجة الأزمات الاقتصادية والاجتماعية.

وانتهز باسيل فرصة اللقاء ليطلب عقد خلوة جانبية مع رئيس الوفد النائب هادي أبو الحسن، وتمنى عليه التواصل مع جنبلاط لتطويق ذيول ومضاعفات حادثة الشويفات. وتولى أبو الحسن نقل رغبته إلى جنبلاط، بعدما تبين أن رئيس الحزب «الديمقراطي اللبناني» النائب طلال أرسلان يرغب في معالجة ذيولها، خصوصاً أن المتهم بقتل أبو فرج هو مرافق أرسلان الخاص.

وسرعان ما دخل الرئيس عون على خط الوساطة ولقي تجاوباً من جنبلاط، انطلاقاً من أن تطويق ذيولها يبدأ بمبادرة أرسلان إلى تسليم مرافقه وترك الأمر للقضاء. لكن الأخير اشترط أولاً إسقاط حق الادعاء الشخصي، وهذا ما أدى إلى «تبريد» الاتصالات؛ خصوصاً أن إسقاط هذا الحق لا يسقط حق الادعاء العام عن المتهم.

وعلى خط آخر يتواصل القيادي في «التقدمي» الوزير السابق غازي العريضي مع المعاون السياسي للأمين العام لـ«حزب الله» حسين خليل، على قاعدة الإقرار بتنظيم الاختلاف حول عدد من النقاط التي ما زالت عالقة بين الطرفين وأبرزها الخلاف في الموقف من النظام السوري.

وعلمت «الشرق الأوسط» من مصادر سياسية مواكبة للقاءات المشتركة بين الطرفين أن علاقتهما أخذت تعود إلى طبيعتها، وأن تدخّل «حزب الله» إلى جانب الوزير السابق وئام وهاب عندما توجّهت قوة من شعبة «المعلومات» إلى بلدة الجاهلية لإبلاغه بمذكرة تقضي بحضوره للمثول أمام النيابة العامة التمييزية على خلفية دعاوى أقيمت ضده، قد سحب من التداول، بعدما تبين من خلال التحقيق الذي أجراه قاضي التحقيق العسكري أن مقتل مرافق وهاب، محمد بوذياب، حصل نتيجة رصاصة أُطلقت من بندقية من خارج السلاح الذي هو في حوزة «الشعبة».

وفي هذا السياق أيضاً، فإن اللقاء الأخير بين الحريري وجنبلاط أدى إلى تنقية الأجواء بينهما في ضوء ما سمعه الأخير من رئيس الحكومة بأنه لن يتركه وحيداً، وسيبقى إلى جانبه ولن يكون شريكاً في أي حصار يستهدفه أو أي محاولات للعب بالبيت الدرزي. كما اتفقا على تشكيل لجنة مشتركة من الطرفين تتولى نقاش القضايا الخلافية، وأبرزها ملف الكهرباء، لأن لا مصلحة في أن يبقى خاضعاً لتبادل الحملات الإعلامية، وأن هناك ضرورة لإعادة الاعتبار لتحالفهما.

لكن الجهود التي أدت إلى التهدئة تبقى معرضة للخرق مع اشتداد الخلاف حول مكافحة الفساد ووقف الهدر، علما بأن العلاقة بين «التيار الوطني» وحزب «القوات اللبنانية» تمر بمطبّات يحمّل الأخير مسؤوليتها لباسيل بسبب انقلابه على «إعلان معراب»، مع أن الدكتور سمير جعجع يبدي حرصه على تحييد المصالحة المسيحية – المسيحية وعدم إقحامها في ملف الخلاف.