في اللقاء الشهري الذي عُقد الاربعاء بين جمعية المصارف وحاكم مصرف لبنان رياض سلامة، تبيّن أن ميزان المدفوعات (الفارق بين الأموال التي خرجت من لبنان وتلك التي دخلته) سجّل عجزاً كبيراً في شهر كانون الثاني 2019 بقيمة 1.3 مليار دولار، وأن سلامة لم يستطع التجاوب مع حملة المصارف من أجل إلغاء الضريبة على الفوائد بمعدل 7% عن توظيفاتها لدى مصرف لبنان. بحسب مصادر مطّلعة، تبيّن أن جمعية المصارف كانت قد طرحت موضوع إلغاء ضريبة الفوائد بمعدل 7% عن توظيفاتها لدى مصرف لبنان مع كل من رئيس مجلس النواب نبيه بري، ومع رئيس الحكومة سعد الحريري، من دون أن تحصل منهما على ما يطمئنها. وفي اللقاء مع سلامة أمس، ارتبك مجلس إدارة جمعية المصارف من إجابة سلامة، إذ أوضح لهم أن وزارة المال تفرض على مصرف لبنان ضريبة الفوائد على التسليفات التي يمنحها للمصارف بفائدة 2%، في إطار الهندسات المالية التي يجريها، وأن سلامة قدّم اعتراضاً على هذا الأمر أمام مجلس شورى الدولة، مدعياً أنه مُعفىً من هذه الضريبة.
الجواب كان صادماً لجمعية المصارف، إذ توقعوا أن يصطف سلامة إلى جانبهم في هذه المعركة، إلا أنهم وجدوه محرَجاً أكثر منهم فيها. يبدو أنها معركة لا أحد يريد خوضها إلى جانب أصحاب المصارف حالياً.
أبرز ما حصل في اللقاء الشهري أمس، أن سلامة أبلغ المصارف بأن ميزان المدفوعات سجّل في شهر كانون الثاني 2019 وحده عجزاً بقيمة 1.3 مليار دولار، علماً بأن العجز المسجل في نهاية 2018 بلغ 4.8 مليارات دولار، يضاف فوق عجز متراكم على مدى السنوات الماضية بقيمة تفوق 9 مليارات دولار. وهو عجز غير دقيق، لأن مصرف لبنان قرّر أن يضمّن حسابات ميزان المدفوعات قيمة محفظة سندات الخزينة بالعملات الأجنبية التي يحملها، لذا يتوقع أن يكون العجز مضاعفاً عن المعلن.
ومن أسباب تسجيل ميزان المدفوعات عجزاً بهذا الحجم في شهر كانون الثاني 2019، أن السوق اللبنانية كانت تشهد طلباً على الدولار نتيجة الأزمة المالية التي يمرّ فيها لبنان، والتي تفاقمت مع خفض وكالة موديز تصنيف لبنان من مستوى B إلى مستوى C، وهو ما ترك السوق أمام احتمالات مفتوحة تركت أثراً سلبياً على الطلب على الدولار وتحويل الودائع من الليرة إلى الدولار وهروب قسم منها إلى الخارج. وهذا الأمر انعكس سلباً على احتياطات مصرف لبنان من العملات الأجنبية، رغم كل محاولات تعزيزها عبر الهندسات المالية ورفع أسعار الفوائد في السوق بأكثر من ثلاث نقاط مئوية في غضون سنة واحدة.