كتبت ساسيليا دومط في صحيفة “الجمهورية”:
«عندما أجلس في غرفة الإجتماعات أشعر بأنني أكثرُ إنتاجية، فتراني أكتب مقالي في مدة لا تتجاوز الساعة، حتى إنني أشعر بالهدوء والراحة في هذا المكان، بعكس المكتب الخاص بي في الجريدة حيث أركز بصعوبة على الموضوع، ولا أستطيع استجماع أفكاري، فتضيع ساعات قبل أن أنهي ما بدأت به، وقد أؤجل ذلك ليومين أو أكثر».
هل يؤثر جوّ الغرفة على إنتاجية الفرد؟ ما هي العوامل الأساسية التي تزيد من الإنتاجية؟ هل نستطيع إضافة أمور معيّنة لتحويل المكان إلى محفّز للإنتاجية؟ هل علينا أن نغيّر مكان العمل عندما لا يُشعرنا بالراحة؟ هل علينا إهمال عامل الوقت والإهتمام بالطاقة التي نتمتع بها كي ننجح؟
كل أمر نقوم به يشكّل إنجازاً بحدّ ذاته، وينطبق ذلك على المجال التجاري والصناعي والتعليمي والأدبي، كما على الفنون وممارسة الهوايات، وحتى التسلية والرفاهية. فالرّسام مثلاً لا يستطيع الشعور بالرغبة بالرسم أينما كان، ويحتاج الكاتب إلى دوافع وعواطف وانفعالات تحثّه على الكتابة.
كما نلاحظ اختلاف مستوى الإنتاجية لدى الأشخاص بحسب المواسم والراحة النفسية التي يتمتعون بها، بالإضافة إلى الأجواء العامة والعلائقية في مكان العمل. كانت يارا من أنجح العاملين في تلك الشركة في مجال الإستيراد والتصدير إلى أن وقعت مشكلة شخصية بينها وبين زميلتها في المكتب نفسه، فأصبحت شخصاً قليل الكلام، يأتي إلى العمل دون رغبة، وينتظر الوقت للخروج، حتى إنّ عدد الزبائن قد تراجع بشكل ملحوظ، ما دفع ربَّ العمل للبحث عن حلٍّ للمشكلة.
للعوامل النفسية تأثير مباشر ومهم على مستوى الإنتاجية لدينا، لذا لا بد أن نسعى إلى اتّخاذ خطوات فعلية لتحسين حالتنا النفسية وبالتالي نوعية عملنا في آن واحد، وإليكم بعض التوجيهات والنصائح تستند الى برنامج شخصي تضعه بنفسك لمزيد من الإنتاجية والنجاح:
إعمل عندما تمتلك الطاقة وليس عندما يسمح لك الوقت بذلك، فنحن نعلم بأنّنا قد ننهي بساعة من الزمن عملاً حاولنا البدء به منذ أيّام ولم يساعدنا مزاجنا على ذلك؛ وكلّما انخفض مستوى الطاقة لدينا كلّما ضعفت قدرتنا على الإبداع والعطاء. لهذا السبب نبتعد عن الإلتزام ووضع البرامج عندما نمر بضعف في الطاقة بسبب المرض والمشكلات والهموم.
ولم لا تفكر بإدارة الطاقة لديك؟ أي بتحسين حالتك النفسية، وسوف تكتشف بهذه الطريقة أنّك قادر على إنجاز ما يحتاج للتركيز عندما تتمتّع بطاقة أكثر، أي عندما تشعر بالرضا والهدوء والإرادة والقدرة على التركيز؛ فسوف تحقّق المزيد من الربح وسوف تنشر الإيجابية من حولك مع الزملاء في مكان العمل والزبائن.
إلّا أنّ موضوع إدارة الطاقة نسبي وشخصي جدّاً، فيختلف بين شخص وآخر بحسب الظروف الراهنة والميول والإختبارات والتجارب الحياتية. وعلى الرغم من ذلك قد تساعد بعض الأمور على هذا الصعيد ومنها:
- دقائق فليلة من الراحة بعد كل ساعة عمل.
- النوم بشكل كاف أي ما يعادل السبع ساعات يوميّاً لتزيد طاقتك الجسدية والذاكرة.
- القيلولة بين 60 و90 دقيقة في اليوم تعطي مفعولاً إيجاباً للإنتاجية.
- عطلة من العمل بين فترة وأخرى.
- تناول الأطعمة التي تزيد الطاقة كالشوكولا والجوز واللوز، فهي تقوي المثابرة، لكن لا تكثر منها.
- قم بالأنشطة الرياضية التي تساعد على التركيز وتنشّط الذاكرة وتزيد الطاقة.
- تستطيع أن تقوّي إرادتك وعزيمتك وتتمكّن بعد مجهود معيّن أن تتحكّم بانفعالاتك ما يدلّ على أنك تستطيع معالجتها وإدارتها.
- المكافأة من الغير أو من الذات، قد تلعب دوراً مهمّاً في رفع مستوى الإنتاجية، وكذلك التخفيف من مسبّبات التشتت الفكري والشرود.
- اعتماد تنظيم المشاريع بحسب الأولويات قد يخفف من التردّد والضياع بين استحقاق وآخر، كذلك التخفيف من الخيارات التي يمكن أن تقوم بها في الوقت نفسه. هكذا تحدّ من الحيرة والتردّد والتنقل بين عمل وآخر.
كما ننصحك باستعمال المؤثرات النفسية بهدف إنجاز ما تقوم به، كاتخاذ القرار بالبدء بالعمل، فتقول لنفسك إبدأ بالعمل، ما قد يشعرك بضرورة عدم التوقف عنه قبل إنهائه بشكل كامل. وفي حال التأخر في إنجاز العمل، لا بأس بالإعتراف بذلك وبالأسباب التي أدت إليه بهدف تجنّبها مرة أخرى.
- خفّف سقف التوقعات بعد الإنتهاء من عمل معيّن، ولا تتردّد في ربط المردود بنوعية العمل.
تحكّم بجوّ العمل وروحيته، فهو دون أدنى شك مرتبط بنوعية العمل ومستوى نجاحه، وذلك عبر:
1 – وضع ملفاتك والكومبيوتر بحال جهوزية للبدء بالعمل.
2 – ترك غيرك يشهد على عملك، ما يحسّن النتيجة.
3 – الإستماع إلى الموسيقى، بحسب نوع العمل الذي تقوم به.
4 – الإهتمام بالبيئة التي تعمل فيها.
فمن أجل أن نحسّن مستوى الإنتاجية في مكان العمل، علينا أن نعرف ما يعيقنا ويبعدنا من النجاح. والوضع النفسي يؤثر على ذلك بشكل مباشر وملحوظ، كالشعور بالضعف، عدم الثقة بالنفس، الإحباط والخمول، وكل هذه الأمور على علاقة بالدماغ البشري، مصدر القوة والإنجاز.