في مقابل امتعاض بعض المسؤولين اللبنانيين من دعوة الرئيس سعد الحريري الى حصر الاتصالات بالمجتمع الدولي المتعلقة بمؤتمر سيدر، برئاسة الحكومة، عبّرت بعض المراجع الدولية والأممية عن ارتياحها للخطوة التي شكلت أحد مطالبهم الرئيسية في مرحلة من المراحل. ويعترف احدهم ان هذه الخطوة كانت شرطا أساسيا لاستمرار العمل في بعض المشاريع، وأنها كانت وما زالت تطالب بتوحيد المرجعية اللبنانية كخطوة أولى على طريق توحيد بعض المفاهيم، التي تتحكم بعمل هذه المؤسسات والملفات التي اودعت بين ايديهم.
تزامنا مع وجود السفير الفرنسي المكلّف متابعة ملف مؤتمر “سيدر 1” بيار دوكان في بيروت، وفي انتظار وصول المفوض السامي لشؤون اللاجئين في الأمم المتحدة فيليبو غراندي في الأيام المقبلة، قال احد كبار المسؤولين الأممين في تقرير رفعه الى مرجعيته وتقصّد تعميمه على بعض المواقع القيادية، انه لفت الأمم المتحدة الى اهمية ممارسة الضغوط السياسية والدبلوماسية لتوحيد الموقف اللبناني من ملف النازحين السوريين وطريقة التعاطي بهذه المراجع بغية التخفيف من الضغوط الإعلامية والسياسية التي تمارس بحقهم ظلما وبهتانا لأسباب مختلفة لا تقارب المهام الإنسانية والإجتماعية التي تقوم بها بكلفة عالية.
وعلمت “المركزية” أن المسؤول الأممي اجرى امام مرجعية لبنانية مقارنة دقيقة بين كل ما يرافق مهمته في لبنان من مصاعب ومطبات، وما يعيشه زملاء له في كل من الأردن والعراق وتركيا باعتبارها من دول الجوار السوري ليصوب بدقة على أهمية ان تكون هناك استراتيجية موحدة لمقاربة ملف بحجم وخطورة ملف النازحين السوريين وما يمكن القيام به للتخفيف من اعباء هذا النزوح على اللبنانيين بمختلف وجوه الحياة اليومية في المجتمعات المضيفة.
واعتبر في تقريره ان ليس هناك أسوأ مما يجري في لبنان سوى المعاناة اليومية للمسؤولين الأممين وفرق العمل في الداخل السوري، رغم استخدامهم العنصر البشري المحلي بنسبة تزيد على 90 % من طواقمهم لتسهيل الحوار والاتصال مع المستهدفين من اصحاب الحاجات الإنسانية والإقتصادية المحلية. ويضيف ان على هذه المؤسسات ان تواجه مشكلة وجود حوالى اربعة ملايين ونصف مليون نازح من بينهم ما يقارب الـ 200 الف طفل من حديثي الولادة واكثر من نصف مليون معمر ومصاب ومعاق جزئيا او كليا. ويعترف انه وان سمح لهم القيام ببعض المهمات فانها تجري في ظل اصعب الظروف التي لم تعشها الأمم المتحدة سوى في بعض الأزمات الدولية حيث تمارس اقسى مظاهر التطهير العرقي المنظم كما في بعض دول الشرق الأدنى التي تعاني فيها الأقليات المسيحية والإسلامية كل اشكال الإضطهاد وبعض مجاهل الدول الأفريقية.
وتجري المقارنة إشارة الى ان الظروف التي تعيشها المؤسسات الأممية في الأردن وتركيا تعتبر افضل بكثير من مثيلاتها في الدول الأخرى. ففي هاتين الدولتين وضعت الحكومات آلية لمقاربة الأزمة بشكل واضح وسهل حيث تتحمل المؤسسات الحكومية الأمنية والإجتماعية مسؤوليتها بجدارة مكنت هذه المؤسسات الدولية ورديفاتها من القيام بمهامها في ظروف قد لا تكون الفضلى لكنها مقبولة وفاعلة. فالمساعدات تصل الى أصحابها لمجرد إحصائهم وتحديد مواقع سكنهم في المخيمات المنظمة كما انها حجبت بكثير من العدالة عن غير المحتاجين الذين انتشروا في المدن الكبرى والمناطق الصناعية وشكل بعضهم مصدر دعم مقبول ومهم لبعض المؤسسات الداخلية التي تهتم بالنازحين من بلادهم. وهو امر متوفر في الأردن بنسبة اقل من تركيا بعدما اقرت السلطات التركية تشريعات محلية لتسهيل اندماج النازحين في المجتمع التركي خاصة وأن بعض المجتمعات متقاربة في حياتها اليومية وتقاليدها الدينية والاجتماعية وليس من الصعب اجراء عملية الدمج التي تعتبر مستحيلة في لبنان فقط.
عند هذه الحدود، عبرت المراجع الأممية عن فهمها العميق لأهمية دعوة الحريري الى توحيد المرجعية الرسمية للتعاطي معها. والتي وان اشار اليها على اساس انها لمواكبة التعاطي مع مقررات مؤتمر “سيدر واحد” فحسب، فانها تنسحب على قطاعات أخرى. ذلك ان هذا المؤتمر هو البوابة الرئيسية الى باقي الملفات الإجتماعية والإستثمارية التي قدمها لبنان واستجر على اساسها الدعم الإقليمي والدولي ومنها قضية النازحين السوريين. على امل ان تنعكس تخفيفا لمنطق الإتهامات والضغوط الإعلامية والسياسية التي تمارس على بعض المسؤولين الأممين والتي تشوه مهمتهم التي لا يعرف حقيقتها سوى النازحون الذين ينالون حصتهم من الدعم الدولي العربي والغربي.
وترفض المرجعية الحديث او مجرد الإشارة الى المستهدفين من الأطراف اللبنانية من قرار الحريري. ولفتت الى ان ذلك لا يعنيها ايا كان المستهدفون سواء من اطراف حكومية او سياسية او حزبية، فهذه هي من القضايا الداخلية اللبنانية التي لا تتدخل فيها هذه المؤسسات، وان كانت تصرفات البعض منهم تسيء اليهم مباشرة وتشكل تدخلا في عملهم اليومي.