كتب نعمه نعمه في “الاخبار”:
تعمل مصلحة التعليم الخاص في وزارة التربية بكدّ ونشاط. تشير إلى ذلك، حفلات الغداء والعشاء التكريمية لرئيس المصلحة عماد الأشقر، وزيارات أصحاب المدارس لمكتبه في الوزارة لتقديم الدروع والجوائز وخلع الألقاب عليه، بحسب الصور التي تزخر بها صفحته على «فايسبوك»، وعشرات المنشورات التي يتشاركها أصحاب المدارس على هذه الصفحة! آخر حفلات التكريم للأشقر جرت الأسبوع الماضي، في بعلبك، ودعت إليها مجموعة من المدارس الخاصة التي يعمل بعضها في تزوير الإفادات وترفيع الراسبين في المدارس الرسمية والخاصة. في هذه الدراسة المصغرة سنستعرض نماذج من المدارس الخاصة، المجانية وغير المجانية (ومن ضمنها شبكة «دكاكين التعليم»)، التي ترفع إلى وزارة التربية بيانات غير دقيقة لجهة المعلومات المتعلقة بعدد التلامذة والمعلمين والشُّعَب.
تستند هذه الدراسة إلى البيانات الواردة إلى وزارة التربية، والمنشورة على صفحة المركز التربوي للبحوث والإنماء (دليل المدارس)، في إحصاءي عام 2013/2014 وعام 2015/2016، ومقارنتهما لاكتشاف نمط عمل بعض المدارس الخاصة، ومن بينها شبكة «دكاكين التعليم».
مصادر البيانات هي المدارس نفسها، من خلال استمارة خاصة تملؤها كل مدرسة، ويفترض أن تتطابق مع بيانات وزارة التربية ومصلحة التعليم الخاص. أما التحليل فيستند إلى العناصر الآتية: العدد الإجمالي للتلامذة، عدد الشُّعَب، أفراد الهيئة التعليمية (ملاك وتعاقد)، عدد الإداريين، حد أدنى للقسط المتوجب تقاضيه. وقد اعتمدنا رواتب المعلمين على أساس الدرجة 15 قبل القانون 46، أي 1,08 مليون ليرة كمتوسط راتب للمعلمين والإداريين. وتم احتساب الإضافات على الراتب كصندوق التعويضات والنقل والضمان في احتساب القسط.
استناداً إلى ذلك، يتبيّن أن هناك 647 مدرسة من أصل 1433 لا يغطي معلّموها المسجلون في جداول الوزارة ساعات التدريس المخصصة للشُّعب، مما يتيح الاستنتاج أن هذه المدارس إمّا أنها لا تُدرّس التلامذة الدوام كاملاً وتكتفي بـ 4 أو 5 ساعات يومياً، أو أن المعلمين فيها يغطّون ساعات إضافية بشكل غير قانوني، أو أن الجداول والأرقام المقدمة إلى الوزارة مزورة أو غير دقيقة وأن عدد الشعب مبالغ فيه. وفي الحالات الثلاث يعتبر هذا الخلل سبباً موجباً لتدخل مصلحة التعليم الخاص وهو ما لم يحدث. ومن بين هذه المدارس، هناك 197 مدرسة فيها أقل من معلّم/ة في الشعبة (الحدّ الأدنى هو 1,4). وبعض هذه المدارس إفرادية، تنتمي إلى شبكة «دكاكين التعليم» التي تزوّر الإفادات وترفّع الراسبين في المدارس الرسمية والخاصة، مستفيدة من إدارة رئيس مصلحة التعليم الخاص عماد الأشقر. وفي ما يأتي بعض النماذج:
– مدرسة لبنان الأخضر (خاصة غير مجانية – زقاق البلاط): بلغ عدد تلامذتها 139 تلميذاً عام 2013 – 2014 وانخفض إلى 90 تلميذاً عام 2015 – 2016، فيما انخفض عدد الشُّعب من 12 إلى 6، وعدد المعلمين من 15 إلى 13. المفارقة أن مدرسة بهذه المواصفات تحتاج لتسيير أمورها إلى أن يكون قسطها 3,8 مليون ليرة للتلميذ الواحد عام 2013 – 2014، و5,4 مليون ليرة عام 2015 – 2016 نتيجة انخفاض عدد التلامذة المسجلين. إلا أنه لدى سؤال بعض الأهل عن الأقساط، أكدوا أنهم لا يدفعون مثل هذه الأقساط، ما يعني أن لدى المدرسة مصادر تمويل أخرى. وبحسب البيانات المنشورة، يمكن الاستنتاج أن متوسط عدد التلامذة في الشُّعبة الواحدة هو بين 11 و15 تلميذاً. إلا أن الأهالي أنفسهم يؤكدون أن عدد تلاميذ الشّعبة الواحدة يصل أحياناً إلى 35!
– ثانوية الاتحاد اللبناني الحديثة (خاصة غير مجانية – برج البراجنة): بلغ عدد تلامذتها 97 في عام 2013- 2014 و95 في عام 2015- 2016، أما عدد الشعب فارتفع من 9 إلى 10، فيما تراجع عدد المعلمين من 13 إلى 9. انخفاض عدد المعلمين يشير إلى أن تغطية ساعات التدريس في الشُّعب تقلصت إلى أقل من نصف ساعات التدريس اليومية، أي بمعدل 3 ساعات من دون معلم يومياً، أو أن المعلمين يغطون بعضها بصورة غير قانونية وبساعات عمل إضافية. أما القسط فيجب أن ينخفض مع تقليص عدد المعلمين من 3.9 مليون إلى 2.84 مليون خلال هذين العامين. هذه البيانات تشير إلى أن متوسط عدد التلامذة هو بين 9 و10 في الشعبة الواحدة، وهو ما ينفيه الأهالي أيضاً. أما اللافت، والمستغرب، فهو أن في المدرسة 5 إداريين لـ 6 شُعب، وأن هذه المدرسة سجّلت، بحسب بيانات 2013/2014، نسب نجاح في البكالوريا، فيما هي مدرسة ابتدائية!
– مدرسة يوزرسيف الدولية (خاصة غير مجانية – برج البراجنة، تحولت إلى ثانوية الحسام بعد إقفالها): ارتفع عدد تلامذتها من 292 إلى 516، وعدد الشُعب من 16 إلى 37، فيما انخفض عدد المعلمين من 9 إلى 7، ما يعني أن معدل عدد المعلمين للشعبة هو 0,56 في عام 2013 -2014 و0,19 في 2015 – 2016، بينما المعدل المتوسط هو 1.4 معلم للشعبة. ويلاحظ من خلال البيانات أن هذه المدرسة ارتكبت مخالفات كبيرة وأخطاء فادحة، لا سيما لجهة عدم تغطية ساعات التدريس التي تصل إلى 5 ساعات من دون معلمين!
– ثانوية العائلة اللبنانية الحديثة (خاصة غير مجانية – الأوزاعي): ارتفع عدد التلامذة من 412 إلى 619 وعدد الشُّعب من 29 إلى 38، أما عدد المعلمين فانخفض من 27 إلى 26. ومن المفترض نظراً لزيادة عدد التلامذة أن ينخفض القسط من 2,03 مليون إلى 1,31 مليون. كما أن عدد التلاميذ في الشعبة (17 تقريباً بحسب البيانات) غير مطابق للواقع، فيما لا يغطّي عدد المعلمين نصف ساعات التدريس يومياً.
– ثانوية ستارز كولدج (خاصة غير مجانية – العباسية): زاد عدد التلامذة من 354 إلى 422، وعدد الشُّعب من 21 إلى 24، فيما تراجع عدد المعلمين من 46 إلى 25!
– ليسيه كلودال (خاصة غير مجانية – بعبدا): ازداد عدد الشعب من 26 إلى 31، وعدد التلاميذ من 188 إلى 260، فيما تراجع عدد المعلمين من 19 إلى 16، لا يغطون أكثر من 4 ساعات تدريس يومياً. والمفارقة أنه لا يوجد أي معلّم في هذه المدرسة من ضمن الملاك!