كتب محمد نزال في صحيفة “الاخبار”:
وزير الخارجيّة جبران باسيل في الوسط، خمسة وزراء إلى يمينه، ومثلهم إلى يساره، فتكتمل صورة تكتّل «لبنان القوي» أو «الثلث المعطّل» في الحكومة.
لعلّ هذه الصورة، وما رافقها مِن انضباط تنظيمي، هي أهمّ ما «بثّه» المؤتمر الصحافي الذي عقده التكتل، الثلثاء، في مقرّ «ميرنا الشالوحي». قرّر التكتّل أنّ يأخذ على نفسه تحدّياً، تحت طائلة المحاسبة مِن الرأي العام، بعرض «أهدافه وخططه» للأيّام المئة المقبلة. بدأ باسيل بنفسه، فوعد بمكننة السفارات اللبنانيّة، بحيث تصبح المعاملات «أونلاين»… لكن مهلاً، هذا مشروع «سنطلقه خلال الأيّام المئة المقبلة». متى يكتمل؟ هذا خارج رهان المهلة المذكورة. ربّما يكون في المئة الثانية أو الثالثة، الله أعلم. المهم أنّه «سينطلق».
وعد آخر مِن باسيل: تفعيل العمل في ملف استعادة الجنسيّة (استعادة، اختيار، المرسوم الذي يصدر عن رئيس الجمهوريّة). هذا نشاط كان انطلق سابقاً، مراسيم كثيرة صدرت، وبالتالي الحديث هنا عن «تفعيل» أكثر. وعد وزير الخارجيّة أيضاً بـ«تفعيل» البعثات الدبلوماسيّة، وإعلاء قيمة جواز السفر اللبناني، إضافة إلى الدبلوماسيّة الاقتصاديّة مِن خلال «جيش دبلوماسي» يُفعّل التجارة مع العالم.
جاء دور وزير المهجّرين، غسّان عطالله، فقدّم وعوداً واضحة في العناوين والمهل. قال: «وضعنا خطّة أولويات. أوقفنا أي صرف عشوائي. لديّ ثلاثة محاور أساسيّة: بعد 30 سنة (انتهاء الحرب الأهليّة) غريب أنّه بعد عنّا مصادرات لبيوت… سنضع مدّة 30 يوماً لإنهاء ملف الإخلاءات هذا».
وعد آخر أطلقه عطالله: «سننهي خلال المئة يوم ملف المصالحات بين المهجّرين… سنقفل جميع الملفّات الموجودة». إن فعلها الوزير حقّاً، خلال المهلة المذكورة، فلا بدّ مِن إعطائه جائزة ما. الكلمة الآن لوزير الدفاع، الياس بو صعب، حيث أشار إلى مرسوم صادر قبل 36 عاماً، ولكن إلى الآن لا مراسيم تطبيقيّة له (يسهّل عمل الجيش ـــ تحديد صلاحيّات)… «سنعمل على ذلك». وعد بو صعب أيضاً بالعمل على «تمتين التواصل بين الجيش والمجتمع»، علماً بأن هذا حاصل، والأنشطة (الرياضيّة وغيرها) كثيرة، ولكن يبدو أن الوزير يعد بـ«التمتين» أكثر.
ربّما ترجمة ذلك، بحسبه، ستكون مِن خلال «تدشين عدد مِن المشاريع وتسمية ساحات عامّة باسم الجيش». في وعده الثالث، تحدّث وزير الدفاع عن «تمتين» العلاقات الدوليّة للحصول على مساعدات للجيش، وهذه «نفضّل أن تكون هبات أكثر مِن قروض» (بسبب الوضع الاقتصاديّ المعروف). وفي حين أن بو صعب يرفض «التهجّم على تسليح الجيش»، إلا أنّه لم يتحدّث عن كيفيّة تسليح الجيش ليكون «قويّاً» أكثر.
وزير شؤون النازحين، صالح الغريب، قال باختصار: «ليس لديّ محاور متعدّدة، بل فقط إعادة النازحين». كيف سيتم ذلك؟ الجواب: «خطّة، ورقة شاملة، لكن لن نشاركها في الإعلام». جيّد، لِمَ حضر الوزير إلى مؤتمر صحافي؟ بالتوفيق عموماً. أخيراً وزير العدل، ألبرت سرحان، الذي وعد بهيئة استشارية عليا لمعاونته (مِن قضاة ومحامين وقانونيين). وعود عدليّة أخرى: ملء المراكز الشاغرة، والتي ستشغر، في الوزارة والقضاء. كذلك مكننة الوزارة خلال 20 يوماً، إضافة إلى إنشاء لجنة خاصة لحاجات قصور العدل. وعد أيضاً بـ«خطّة» لمكننة المحاكم (وهذه بالمناسبة يُحكى عنها منذ حكومات غابرة)، إضافة إلى محامين عامين يتفرّغون لمكافحة الفساد.
جيّد أن يأخذ وزراء على أنفسهم تحدّيات «إصلاحيّة» أمام الرأي العام… شرط ألا يبقى الحديث، في المرّات المقبلة، عن «خطط» و«سعي» و«تمتين» و«تعزيز»، حيث إنّ جميع المسؤولين، مِن هنا وهناك، يفعلون ذلك.
الحكاية تتلخّص بما يُثمر، وعندها لن يكون هناك حاجة إلى مؤتمرات صحافيّة، إذ «مِن ثمارهم تعرفونهم». أخيراً، يُفضّل في المئة الثانية، وما يليها، أن يكون مكان المؤتمر الصحافي في قاعة أرحب تتّسع للصحافيين.