جال مساعد وزير الخارجية الأميركية لشؤون الشرق الأدنى ديفيد ساترفيلد، في اليومين الماضيين، ملتقياً جميع الشخصيات السياسية الرئيسية التي تدور في الفلك الأميركي. الاستثناء الوحيد كان الاجتماع مع وزير الخارجية جبران باسيل. هدف ساترفيلد واحد: تجميع جبهة ضدّ حزب الله وتحذير من التعامل معه ومع إيران. الجولة الثانية من «التهديدات» والتحذيرات، سيتولى نقلها وزير الخارجية مايك بومبيو منتصف الشهر الجاري
لا خبر في العدلية يتقدّم خبر «ملف الفساد الذي يحقق فيه فرع المعلومات» في قوى الأمن الداخلي. أمس، أوقف 5 مساعدين قضائيين، يعملون في بيروت وجبل لبنان والبقاع، بينهم رئيس قلم. الشبهة، بحسب مصادر قضائية، تتعلق بتلقيهم رشىً لتزوير ملفات جنائية، أو لتحويل مسارها أو إخفاء أحكام. وإلى جانب الموقوفين الخمسة، يجري التداول بين القضاة والمحامين والموظفين العدليين بأسماء نحو 20 قاضياً مشتبهاً فيهم بالتعامل مع «سماسرة» موقوفين لدى فرع المعلومات، للاشتباه في دفعهم رشىً نيابة عن مطلوبين لـ«تسوية» ملفاتهم القضائية. ورغم أن مصادر قضائية أكدت لـ«الأخبار» أن غالبية القضاة الذن يجري التداول بأسمائهم غير مشتبه فيهم، إلا أن مصادر أخرى تجزم بأن الملف الذي يحقق فيه فرع المعلومات سيشكّل صدمة لم تشهد العدلية لها مثلاً، لجهة عدد المساعدين القضائيين والقضاة المشتبه في تورطهم في قضايا فساد! وفضلاً عن ذلك، أوقف فرع المعلومات عدداً من رجال الأمن، في القضية نفسها (في مخفر واحد في البقاع، جرى توقيف 10 عسكريين!).
كذلك يجري الحديث عن توقيف ضابطين، من دون أن تتمكّن «الأخبار» من التثبت من ذلك. ويضرب فرع المعلومات طوقاً مشدداً من السرية حول التحقيقات، ما يسمح للشائعات بالانتشار لتطاول عدداً كبيراً من القضاة والضباط.
سياسياً، استكمل مساعد وزير الخارجية الأميركية لشؤون الشرق الأدنى ديفيد ساترفيلد جولته في لبنان، بعدما وصل قبل يومين في زيارة اتخذت بداية طابعاً سرياً. واللافت أنه استهلها بلقاء وزراء القوات اللبنانية الأربعة (غسان حاصباني، ريشار قيومجيان، كميل بو سليمان، ومي شدياق). صحيح أنّ الوزيرة فيوليت الصفدي والوزير السابق محمد الصفدي، كانا حاضرين، لكنّ الأساس هو في «رمزية» افتتاح الزيارة للبنان بلقاء الحزب الرئيسي (القوات اللبنانية)، الذي يُعوّل عليه الأميركيون لتنفيذ سياستهم في البلد. زيارة ساترفيلد أتت تحضيرية قبل جولة وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو في المنطقة، وهي ستشمل لبنان وفلسطين المحتلة والكويت، كما أُعلن رسمياً أمس. لكنّ وجود ساترفيلد أكّد أيضاً التناقض في السياسة الأميركية تجاه لبنان.
فمن جهة، لا يتوقف المسؤولون في الإدارة الأميركية عن تأكيد نيتهم الحفاظ على «الاستقرار في لبنان»، ومن جهة أخرى، يستمرون في سياستهم التحريضية، وفي سعيهم إلى فرض سياستهم على العلاقات الخارجية للبنان. خلال لقاءاته أمس مع الرئيس سعد الحريري ورئيس حزب الكتائب النائب سامي الجميّل، والنائب السابق وليد جنبلاط، وما سبقها، كان الموفد الأميركي يعيد النغمة ذاتها: تحذير من التعامل مع إيران ومع حزب الله «الإرهابي». تقول مصادر مطلعة إنّ لهجة ساترفيلد «كانت مرتفعة وحادّة، في الحديث عن إيران وحزب الله».
لم يفرض أوامره على السياسيين الذين التقاهم، «بل استخدم لغة التحذير، مُتحدثاً عن أنّ العقوبات تجاه حزب الله ستزيد». تعتقد الولايات المتحدة أنّها بهذه الطريقة، تُضيّق الخناق أكثر على حزب الله، وتُسبّب له الإزعاج داخل البيئة اللبنانية من أجل تقويض حركته.
وكان ساترفيلد قد اعتبر عقب لقائه سامي الجميّل أنّ «لبنان عانى طويلاً جرّاء صراعات وإيديولوجيات رُوجت على أرضه من الخارج. هذا الوضع عليه أن يتغير ولا بدّ من اتخاذ قرارات جدية في هذا الإطار. فالأحزاب في لبنان فاعلة، ولا بدّ أن يكون هناك تحرّك وطني في هذا الاتجاه، والولايات المتحدة ستبذل كلّ ما في وسعها لدعم خيارات لبنان الوطنية». أما نائب رئيس الحكومة غسان حاصباني، فقال في حديث إذاعي إنّ «زيارة ساترفيلد تبدو كأنها زيارة متابعة وسيكون هناك لقاءات رسمية بحيث سيتابع المسؤول الاميركي شرح الموقف الأميركي والقرارات الأميركية التي ستتخذ… الولايات المتحدة مهتمة جداً باستقرار لبنان (…) وبحماية النظام المالي من العقوبات».
ولا تستبعد المصادر أن يكون أحد أهداف زيارة ساترفيلد، ومن بعده بومبيو لبيروت، بحث ملفّ الحدود البحرية والغاز اللبناني. وتُفيد مصادر أخرى، في هذا الإطار، عن إعادة تنشيط الاتصالات مع قبرص من أجل إنهاء قضية حدود المنطقة الاقتصادية الخالصة بينهما، التي بدأت عام 2007. السبب في إعادة إثارة الموضوع، توقيع إسرائيل رسمياً الاتفاق مع اليونان وقبرص وإيطاليا، من أجل تصدير الغاز من الأراضي المحتلة إلى أوروبا. حصل ذلك قبل قرابة عشرة أيام، والاتفاق سيكون بإشراف الاتحاد الأوروبي.
الهمّ الأساسي في لبنان، كان معرفة إن كان الأنبوب يمرّ في الأراضي اللبنانية، التي تعتبرها إسرائيل متنازعاً عليها. وتُفيد المصادر عن تواصل حصل بين وزارة الخارجية اللبنانية والجانب القبرصي لبحث الخطوات المقبلة.
وقد برز عندها «استعجال» قبرصي، وضغوط على لبنان من أجل الانتهاء من تحديد المنطقة الاقتصادية المشتركة، «أو على الأقل أن نوقّع بالأحرف الأولى». وسيُعقد لهذه الغاية، اجتماع ثلاثي بين لبنان وقبرص واليونان في نيسان المقبل.
من جهة أخرى، يعقد مجلس النواب جلستين اليوم وغداً، وعلى جدول الأعمال 36 بنداً، أبرزها اقتراح القانون المعجل المكرر الرامي إلى الإجازة للحكومة اعتماد القاعدة الاثنتي عشرية لغاية صدور قانون موازنة 2019. واقتراح القانون المعجل المكرر الرامي إلى الإجازة للحكومة الاقتراض بالعملات الأجنبية، واقتراح قانون آخر لإعطاء سلفة خزينة طويلة الأجل لمؤسسة كهرباء لبنان. وسيُبحث اقتراح القانون المتعلق بالموارد البترولية في لبنان.
واقتراح القانون المعجل المكرر الرامي إلى الإجازة للحكومة إنشاء نفق لطريق بيروت – البقاع على طريقة الـBOT.
وأعلن الوزير باسيل بعد اجتماع «تكتل لبنان القوي» التقدم باقتراح قانون لرفع السرية المصرفية، «في إطار عملية مقاومة الفساد التي يقوم بها تكتل لبنان القوي، من خلال تنفيذ خطة كاملة متكاملة على الصعيدين التنفيذي والتشريعي». وأوضح أنّه «ارتأينا أن هناك سيبة من ثلاثة قوانين تعطينا ذراعاً قوية لمقاومة الفساد: رفع السرية المصرفية، رفع الحصانة، واستعادة الأموال المنهوبة».