ان كانت الدول المانحة في مؤتمر سيدر لا تثق بالدولة اللبنانية، فكيف لنا ان نطلب من اللبنانيين الوثوق بدولتهم بعدما بنوا أمالهم عليها لسنوات وفي كل مرة كانت تخيبهم؟
الموفد الفرنسي الخاص بمتابعة ملف “سيدر” بيار دوكان أكد في خلال زيارته للبنان حرص الدول المانحة، وفي طليعتها فرنسا، على تشديد رقابتها على طريقة صرف القروض التي ستُمنح، وعلى مراقبة المناقصات، بسبب انتشار الفساد في لبنان.
نعم، المجتمع الدولي غير مرتاح للفساد الذي تتحدث عنه كافة الاطراف السياسية وبالتالي، الدول المانحة تريد مراقبة دولية تمارسها دول مشاركة في “سيدر”.
نشر ملفات الفساد لكل من الاطراف السياسية لا يريح المجتمع الدولي، ربما لعدم ثقته بإمكانية حل الدولة اللبنانية لها. في حين، يبني اللبنانيون آمالاً جديدة حول تمكن حكومة “إلى العمل” من وضع حد للهدر والفساد والنهوض مجددا باقتصاد لبنان.
اذا، خوف المجتمع الدولي وعدم ثقته بحملة الفساد يدفعه الى أخذ احتياطاته وتوكيل من يدير ويراقب اموال “سيدر”، وسيبقى هذا التخوف الدولي طالما حملة الفساد موجهة من قبل كل جهة سياسية نحو الاخرى من دون أي إصلاح ومحاسبة ذاتية داخل فريق سياسي.
وبحسب المعلومات، تدرس إحدى الكتل السياسية البدء بالإصلاح الذاتي من خلال رفع الغطاء عن الفاسدين ضمن المحسوبين عليها لمحاسبتهم، لعلّ الكتل الاخرى تحذو حذوها ليبدأ الاصلاح الفعلي في البلد، فتتغير نظرة المجتمع الدولي لنا لتأخذ عمل مسؤولينا على محمل الجد.
المطلوب من الجميع، عوض التنافس على اتهام خصومهم بالفساد أن يتنافسوا في تنقية أنفسهم ومحيطهم وبيئتهم من الفساد والفاسدين، لأن الفساد بحسب ما اختبره اللبنانيون يشكل آفة عابرة للطوائف والمذاهب والكتل السياسية والحزبية، وعندها فقط يمكن أن نعوّل على بداية للإصلاح ومكافحة بالفعل للفساد وليس بالشعارات.