… ماذا وراء الاندفاعة الدولية في اتجاه بيروت والتي ستكون أبرز محطاتها الأسبوع المقبل مع زيارة وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو؟
سؤالٌ «لم تهدأ» محاولات سبْر أغواره على وقع استمرار حركة «هبوط وإقلاع» طائرات الموفدين الدوليين والتي تشي بحصيلة مزدوجة. فرغم البُعد الإيجابي الذي تعبّر عنه زيارات الديبلوماسيين الاوروبيين والأميركيين والدوليين لجهة تأكيد أن لبنان «غير متروك»، فإنها تنطوي في الوقت نفسه على جانبٍ بالغ الدقة ومفاده أن «بلاد الأرز» تحت «العين الحمراء» انطلاقاً من وضعية «حزب الله» كرأس حربة في المشروع الإيراني وحجْم تأثيره في لعبة السلطة كما في مساراتٍ إقليمية.
وأكدت مصادر مطلعة لـ «الراي» أن المجتمع الدولي الذي «يرعى» ورشة النهوض المالي والاقتصادي للبنان عبر مؤتمر «سيدر» يوجّه رسالةً بأنه لن يهمل إطلاقاً «الشقّ السياسي» من الملف اللبناني والحاجة إلى ضوابط تمنع تَمادي الوهج الإيراني في إدارة الخيارات الداخلية والخارجية من خلال توسع نفوذ «حزب الله»، ولا سيما في غمرة اشتداد المواجهة بين الولايات المتحدة وحلفائها وبين طهران وأذرعها وفي مقدّمهم الحزب وخصوصاً في مرحلة ما بعد «داعش».
وفيما كرّستْ محادثات مساعد وزير الخارجية الاميركي لشؤون الشرق الادنى ديفيد ساترفيلد في بيروت مقاربة الولايات المتحدة للواقع اللبناني من زاوية التحذير من تأثيراتٍ إيرانية عبر «حزب الله» على «الخيارات الوطنية» والتموْضع الاستراتيجي للبنان عشية مرحلة من تضييقِ الخناق السياسي والمالي على طهران والحزب، اكتسبتْ مباحثات وزير الدولة لشؤون الشرق الأوسط في الخارجيّة البريطانيّة اليستر بيرد مع المسؤولين اللبنانيين أهمية خاصة ولا سيما أنها جاءت على وقع التطابُق بين واشنطن ولندن حيال النظرة الى «حزب الله» وأدواره كامتدادٍ إيراني وهو ما عبّر عنه قرار بريطانيا بتصنيف الحزب بجناحيْه العسكري والسياسي تنظيماً إرهابياً.
وإذ وُضعت زيارة بيرد في إطار تأكيد ان قرار بلاده لا يؤثر في العلاقات مع لبنان الرسمي مع إيضاح موجباته، فإن بيروت بدتْ مستشعرة بوطأة المناخات المستجدّة حيال «حزب الله» ومخاوف المجتمع الدولي من اختلال التوازنات الداخلية لمصلحته والتداعيات المحتملة لذلك على واقع البلاد. وكان لافتاً إبلاغ الرئيس العماد ميشال عون الى الديبلوماسي البريطاني أن «لبنان أخذ علماً بالموقف البريطاني من حزب الله، وقد يكون من المفيد الإشارة الى ان الامتداد الاقليمي لحزب الله، لا يعني أن تأثيره على السياسة اللبنانية يتجاوز كونه جزءاً من الشعب اللبناني وممثّلاً في الحكومة ومجلس النواب».