تؤكد مصادر سياسية مطّلعة على الستعدادات اللبنانية الرسمية المنجزة حتى الساعة في شأن ملف النازحين السوريين أنها “ما زالت كلها قاصرة ومن دون مستوى البحث عن استراتيجية لبنانية موحدة لطرحها على ممثلي الدول والحكومات والمؤسسات المانحة المشاركة في مؤتمر “بروكسل 3″ المقرر عقده في 13 و14 آذار الجاري. فالمشاورات التي أجراها كبار المسؤولين الرسميين مع مدراء ومسؤولي المؤسسات اللبنانية ومندوبي المؤسسات الإقليمية والدولية والمجتمع المدني لم تنته إلى وضع الاستراتيجية الموحدة التي تشكل مقاربة كاملة لطرحها في المؤتمر”.
ويقر مسؤولون شاركوا في سلسلة ورشات العمل التي حفلت بها السراي وعدد من مراكز الدراسات المحلية المهتمة بملف النازحين أن في عدم تحضير ورقة موحدة أو استراتيجية خاصة بالمؤتمر، سياسة رسمية متعمدة مع مؤتمر “بروكسل- 3”. فلبنان الذي وضع سلسلة أوراق عمل طيلة السنوات السبع التي واجه فيها أزمة النزوح السوري واستثمرها في كل من مؤتمري “بروكسل- 1” و”بروكسل- 2″، لم يلمس أي نتائج عملية ترضيه، خصوصا في ضوء الخلافات اللبنانية التي حمل المسؤولون المعنيون نماذج منها معهم إلى بروسيل، ما أضعف الموقف اللبناني أمام المجتمع الدولي خلافا للارتياح الذي أرخاه الموقفان التركي والأردني اللذان ارتكزا على استراتيجية واضحة وإدارة وطنية سليمة للملف.
على هذا الاساس، تضيف المصادر، “فضّل لبنان هذا العام متابعة ما لم ينفذ من مقررات “بروكسيل- 2″ بعد أقل من عام على انعقاده (في 6 نيسان من العام الماضي) سواء على مستوى الوعود التي قطعت ولم تنفذ أو لاستكمال بناء ما بدأ به. فالعالم لم ينس بعد ما تعهد به ويمكن في مثل هذه الحال رمي الطابة لديه أكثر من تركها قنبلة حارقة في ملعب اللبنانيين”.
استنادا إلى ذلك، يترسخ لدى النافذين الممسكين بناصية القرار في التعاطي مع إدارة المؤتمر، اعتقاد أن مواجهة لبنان للمجتمع الدولي بمشاريع جديدة ومستنسخة لا يفيد كثيرا، بقدر اللجوء إلى استراتيجية جديدة تركز على أهمية متابعة بما انتهى إليه المؤتمر السابق من دون مخاطبة العالم بخطوات وأفكار جديدة يعتقد البعض انها تنطلق من نقطة الصفر بدل البناء على ما تحقق سابقا. ويمكن آنذاك نيل الموافقة على تمويل المشاريع التي وضعت جانبا في المؤتمر السابق واستوعبها المشاركون في المؤتمر. فلا داعي والحال هذه، للبحث في مشاريع جديدة طالما أن ما خضع للنقاش في المرحلة السابقة لم يطبق، وهو قابل للتنفيذ قبل طرح الأفكار الجديدة.
وعليه، يتوجه لبنان إلى المؤتمر بوفد وزاري مصغر برئاسة رئيس الحكومة سعد الحريري وفريق من المستشارين والتقنيين يتقدمهم وزير الشؤون الإجتماعية ريشار قيومجيان الذي يشرف بموجب التفاهمات والإتفاقيات السابقة على تنفيذ ما تقرر بشأن النازحين.
ويعبر مؤيدو الصيغة اللبنانية الجديدة عن رغبتهم في اختبار رد فعل الدول المانحة والمجتمع الدولي تجاه هذه الطريقة لاعتقادهم أنها ستدفع في اتجاه التعاطي مع الموضوع بكثير من الجدية، خصوصا أن ما رافق المؤتمرات السابقة من إشكاليات بين بعض المسؤولين اللبنانيين وممثلي المجتمع الدولي، كما تقول المصادر، لم يكن تجرية مشجعة إطلاقا. إذ في كل مرة كان بعضهم يتمسك بعبارات وتوصيفات للنازحين لا يفهمها المجتمع الدولي الذي لا يناقش الملف من زاوية خصوصية لبنان أو من جوانب سياسية، بل بنظرة انسانية وتقنية بحتة، كان المسؤولون اللبنانيون يقاربونه من باب الحرتقات الداخلية التي وإن عرفها المجتمع الدولي لا يوليها الأهمية التي يتوقعها بعض اللبنانيين.