خَرَقَ المَشهد السياسي في لبنان، استقبالُ خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز في الرياض رئيس الحكومة سعد الحريري حيث كان بحثٌ في سبل تعزيز التعاون الثنائي ومستجدات الأوضاع في المنطقة ولا سيما على الساحة اللبنانية.
وفيما تتهيأ بيروت خلال الأيام القليلة المقبلة لاستقبال وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو الذي يُتوقّع أن يحمل معه نصائح تتصل بـ«المعركة» مع إيران والوضع السوري، مع تشديدٍ على اعتبار الالتزام الصارم بسياسة «النأي بالنفس» بمثابة «درع حماية» للبنان من تشظياتِ الواقع الإقليمي، بدا أن مسألة التوازنات الداخلية التي يعوّل المجتمع الدولي على عدم تحويل اختلالها مدخلاً لجرّ البلاد بالكامل الى الحضن الإيراني، تقف أمام اختبارٍ جديد في ضوء الضوضاء التي أثارها تشكيل الوفد الرسمي برئاسة الحريري، الى مؤتمر بروكسيل (غداً وبعده) والذي استُخدم من أطراف في قوى 8 مارس منصة للهجوم على رئيس الحكومة وكيفية تعاطيه مع ملف النازحين السوريين وصولاً إلى اتهامه تلميحاً من وسائل إعلام قريبة من «حزب الله» بأنه من «أنصار التوطين».
وفيما انطلقتْ «شرارةُ» هذه القضية مع المعلومات حول عدم إشراك وزير الدولة لشؤون النازحين صالح الغريب (القريب من النظام السوري) في عداد الوفد الذي يضمّ الى الحريري وزيري الشؤون الاجتماعية والتربية، فإنّ ما رافق هذا الملف المستجدّ أظهر تَصدُّعات مبكّرة في الجسم الحكومي وتحديداً في مقاربة مسألة النزوح وآليات تحقيق العودة بين فريقٍ (حزب الله وحلفاؤه) يرى ان التطبيع مع النظام السوري هو مفتاحها، مقابل فريقٍ (الحريري وما كان يُعرف بـ14 مارس) يعتبر ان الحل يكون تحت سقف المبادرة الروسية والمجتمع الدولي.
ومع بروز مخاوف من أن يشكّل هذا «اللغم» خطَراً على خطة الحكومة للتصدي للإصلاحات المطلوبة على طريق تنفيذ «سيدر 1» والتي صارتْ أساساً محط تشكيكٍ في ظلّ بروباغندا «مذنب حتى تثبت براءته» التي يستخدمها «حزب الله» في ملف الفساد وما ينطوي عليه من تصويبٍ ممنْهج على «الحريرية السياسية»، ظهرتْ محاولاتٌ لسحب هذا «الفتيل» ولا سيما بعد إبداء قريبين من رئيس الجمهورية العماد ميشال عون امتعاضاً مما اعتبروه استبعاداً للغريب، وذلك عبر ضمّ الأخير الى الوفد اللبناني. وتَرافق ذلك مع حرْص بعض الأوساط على التخفيف من إمكان بروز لبنان في المؤتمر بـ«لسانيْن» وتداعيات ذلك على ما قد يحصده من دعم، معتبرة ان من الصعب ان يكون الغريب «صوت النظام السوري» لأن الحريري هو رئيس الوفد ويعبّر عن سياسة الحكومة وتوجهاتها.
وإذ لم يكن حُسم حتى أولى ساعات مساء أمس إذا كان الغريب سيُدرج ضمن عداد الوفد اللبناني أم لا، كان فريق رئيس الحكومة أوضح أن مشاركة وزيري التربية والشؤون الاجتماعية جاءت كونهما مدعوين مباشرة من الاتحاد الأوروبي للمشاركة في حوارات قبل يوم من زيارة الحريري، وأن الدعوة للمؤتمر وجهت فقط إلى رئيس الحكومة ووزير الخارجية (لن يشارك في الوفد)، في حين برزتْ علامات استفهام حول إذا كانت عدم دعوة وزير الصحة (من حزب الله) تعبّر عن ملاقاة أوروبية ضمنية لموقفيْ واشنطن ولندن المتشدّد من الحزب.