كتب انطوان غطاس صعب في “اللواء”:
تبدي أكثر من مرجعية سياسية قلقها من حصول تطورات داخلية من شأنها أن تؤثر سلباً على مسار الأوضاع برمتها وخصوصاً على صعيد الأوضاع الاقتصادية الاجتماعية والمالية وصولاً الى ملف النازحين الذي تحول الى مادةٍ خلافية ودخل في لعبة المحاور الإقليمية بين هذا المحور وذاك، وفي السياق ثمة معلومات أن هذه المسألة تتخطى الشأن الداخلي أبعد من ذلك بكثير وخصوصاً على الصعيدين الإقليمي والدولي ولهذه الغاية حصلت الإشكاليات بالنسبة لمؤتمر بروكسل على هذه الخلفية إن على خط مرافقة وزير الدولة لشؤون النازحين صالح الغريب لرئيس الحكومة سعد الحريري الى هذا المؤتمر أو ما حصل من حملات سياسية بغية استثنائه من الزيارة على اعتبار أن رئيس الحكومة هو المعني مباشرة كرئيس للوفد بهذا الملف.
من هذا المنطلق ثمة خلافات كثيرة بدأت تظهر بوضوح داخل الحكومة وخارجها على أكثر من ملف، مما يبقي القلق قائماً حول كيفية إنتاجية هذه الحكومة بعدما عوّل عليها كثيراً بأنها ستكون حكومة الانتاج، وهذه الانقسامات بدأت تشكّل مدخلاً لاصطافات سياسية داخل الحكومة وخارجها وهذا ما سيؤدي الى إحداث هوة بين المكونات المشاركة في الحكومة ومرد ذلك أنها تضم معظم القوى السياسية اللبنانية وكافة الأحزاب والتيارات، وتحديداً ممن في فريقي 14 و 8 آذار مما سيزيد الطين بلة على خط الإنتاجية والعمل أو بشكل عام التضامن الحكومي والذي تصدّع باكراً على خلفية ملف النازحين الى الحملات التي تطاول الرئيس الأسبق فؤاد السنيورة.
وفي مجال آخر، تشير المعلومات الى أن ثمة اختبارات جديدة قد تكون منعطفاً أساسياً لتقليع الحكومة أو فرملتها ودخولها في بازار الانقسامات والخلافات على أكثر من ملف، فالانطلاقة الحكومية ستظهر معالمها من خلال التوافق على الملفات التي تعتبر خلافية من النازحين الى التعيينات الإدارية والأمنية في كل الفئات، وهذا الاختبار مقدماً نحو الوصول الى دفع القضايا الاقتصادية والاجتماعية والمعيشية الى الأمام من خلال تطبيق مؤتمر «سيدر» عبر قيام بإصلاحات بنيوية في كل المجالات، وهذا هو المطلوب ومن خلال تحذيرات الدول المانحة وفي طليعتها فرنسا، فإن الأمور ستعود الى الوراء وستحجب هذه الأموال وستذهب الى دولة أخرى من خلال ما أفصح عنه المستشار الفرنسي المكلف بمتابعة الملف سيدر بيار داكين، وسوى ذلك وفي حال استمرت الأمور على ما هي عليه من خلافات وانقسامات حول هذا الملف وذاك، فإن الأوضاع عندئذ ستتجه نحو المزيد من التصعيد السياسي وخصوصاً أن فتح ملف الفساد والهدر والصفقات ومن خلال صورتها الحالية وإنما يصب في خانة تصفية الحسابات السياسية ما ظهر بوضوح عبر الحملات التي تطاول الرئيس السنيورة.
وأخيراً هناك أجواء وفق المواكبين لمسار الأوضاع، أن الأيام المقبلة ستكون في غاية الأهمية ربطاً باستحقاقات داخلية ودورية الى ما ستسفر عنه زيارة وزير الخارجية الأميركية «بومبيو» وتحديداً الى لبنان، وان كانت لن تخرج عما سبقه من زيارات لموفدين دوليين ولا سيما زيارة مساعد وزير الخارجية الأميركي «ديفيد ساترفيلد» والذي وضع بومبيو في الأجواء اللبنانية. بمعنى أوضح أن الجميع من المجتمع الدولي وتحديداً واشنطن يشددون على العقوبات المتخذة بحق إيران وحزب الله، داعين السلطة اللبنانية المركزية الى الالتزام بهذه الإجراءات والعقوبات، وبات واضحاً بأن كل المساعدات من الدول الداعمة للبنان بدأت تطلب منه الالتزام بهذه العقوبات، بعيداً عن الشروط المسبقة الى أي مساعدة بحيث هناك تفهم لخصوصية الدولة اللبنانية إنما لا يمكنها أن تغرّد خارج سرب المجتمع الدولي.