كتبت ايفا ابي حيدر في صحيفة “الجمهورية”:
تستعدّ وزارة المالية لإصدارين في الشهرين المقبلين (نيسان وأيار) لدفع استحقاقات بقيمة مليار و150 مليون دولار. ولم تتّضح بعد الجهة التي ستدير الإصدار ولا نسبة أسعار الفوائد، والتي يقول الخبراء إنها ترتبط بالإشارات التي سترسلها الحكومة حول جدّيتها في الإصلاح المالي.
وافق مجلس الوزراء على طلب وزارة المالية إصدار سندات خزينة في العملات الاجنبية وتقديم عروض استبدال كامل أو جزء من سندات الخزينة بالعملات الأجنبية، بما فيها اليوروبوند المستحقة خلال العام 2019.
في هذا الاطار، كشف الخبير الاقتصادي نسيب غبريل لـ«الجمهورية» أنّ استحقاقات لبنان من اليوروبوندز خلال العام 2019 تبلغ مليارين و650 مليون دولار، ونيسان هو موعد الاستحقاق الأول، حيث قيمة المستحقات خلال هذا الشهر 500 مليون دولار، يليه استحقاق ثانٍ في أيار يبلغ 650 مليون دولار والاستحقاق الثالث في شهر تشرين الثاني ويبلغ مليارين و 500 مليون دولار.
ولفت الى أنّ هناك حاجة لمليار و400 مليون دولار كتغطية لفوائد على اليوروبوندز، ليصل مجموع الحاجات بالدولار الى 3 مليارات و900 مليون دولار، وهو المبلغ الذي وافق عليه مجلس النواب أخيراً.
ورداً على سؤال، عن أسعار الفوائد التقديرية لهذه المستحقات، أكد غبريل أنّ السوق هي مَن تقرّر نسبة الفوائد بناءً على الطلب على السندات الذي سيظهر عند موعد الإصدار، ولا يزال من المبكر التكهّن بهذا الموضوع، فالواقع أنّ هناك ترقّباً اليوم للأسواق محلياً ودولياً أي من المحافظ الاستثمارية في الاسواق الناشئة الحاملة لسندات اليوروبوندز، وهي في انتظار أن تلمس جدّيةً في الإصلاحات التي تعد بها الحكومة من أجل تخفيض العجز في الموازنة وبالتالي تخفيض حاجات الدولة للاستدانة، وهذه متى اعتُمدت تعطي إشارات إيجابية للأسواق.
تابع: للدولة اليوم حاجات للاستدانة وهناك عجز في الموازنة من المتوقع أن يصل الى 8 في المئة من الناتج المحلّي في 2018، لكن بسبب قرارات اتّخذتها الحكومة ولها علاقة بزيادة الضرائب عام 2017 الى جانب إقرار سلسلة الرتب والرواتب سيصل العجز في 2018 بين 10.5 و11% من الناتج المحلي أي ما بين 6 مليارات و 6 مليارات و 300 مليون دولار.
وبالتالي من حقّ حاملي سندات اليوروبوندز، سواء المصارف اللبنانية أو مصرف لبنان أو محافظ الاستثمار الأجنبية، أن تتوخّى الحذر بانتظار الإصلاحات التي ستقوم بها الحكومة لأنّ هذه القرارات التي اتُّخذت في العام 2017 (أي زيادة الضرائب) أضرّت بالمالية بالاقتصاد وبالنموّ ولم تُفدها بشيء لا من ناحية النموّ الاقتصادي ولا من ناحية المالية العامة.
تابع: انّ الأسواق اليوم في حاجة لأن تلمس جدّية الحكومة في تطبيق الإصلاحات، وكلنا يعلم أنّ هذه الإصلاحات لن تظهر بين ليلة وضحاها بل تحتاج الى مدى متوسط وطويل الأجل.
وإذا اردنا أن نكون اكثرَ إنصافاً، فكلنا يعلم أنّ الحكومة تشكلت منذ 5 اسابيع وأخذت الثقة منذ اسبوعين لذا هي تحتاج الى وقت لتبرهن عن نفسها.
في المقابل، تنتظر الأسواق إشارات إيجابية على جدّية الحكومة في تطبيق الإصلاحات، وهناك الكثير من التدابير والإجراءات التي يمكن اتّخاذُها خلال 100 ساعة وليس 100 يوم.
وفي هذا السياق، تطرّق غبريل الى بعض التدابير التي يمكن اتّخاذُها سريعاً لخفض النفقات غير المجدية وإعطاء اشارات ايجابية للأسواق، خصوصاً وأنّ الأرقام تشير الى أنّ النفقات بين 2005 و2017 ارتفعت نحو 129 في المئة.
ومن هذه التدابير: وقف التوظيف العشوائي، تخفيض عدد العمال في القطاع العام، وقف بعض البرامج منها ما أوصت به لجنة الاقتصاد بإقفال أو دمج 86 إدارة أو هيئة أو مجلس مواز للإدارة العامة، وما أوصت به لجنة المال والموازنة بإلغاء مشروع الامم المتحدة الإنمائي لأنه بات يشكّل عبئاً على الخزينة، خفض رواتب الوزراء والنواب 50 في المئة خلال العام 2019، مكافحة التهرّب الضريبي، ومكافحة التهريب عبر المعابر غير الشرعية وتفعيل الجباية.
وفود أجنبية
الى ذلك، كشف غبريل أنّ لبنان استقبل الاسبوع الماضي مجموعة وفود من الخارج من حاملي السندات اللبنانية وممثلين عن محافظ استثمارية في الأسواق الناشئة والحاملة لسندات اليوروبوندز، ومصارف استثمارية عالمية، اضافة الى بعثة صندوق النقد الدولي لاستطلاع ما يحصل فعلياً على الارض، والاطّلاع على واقع الاوضاع المالية في لبنان، والحصول على تفاصيل ادق عن الوضع. وللغاية اجتمعوا بمديري المصارف الرئيسية، وزارة المالية ومصرف لبنان ليطّلعوا عن قرب على جدّية الإصلاحات.