يشكّل مؤتمرُ بروكسيل – 3 الذي ينْعقد اليوم وغداً تحت عنوان «دعْم مستقبل سورية والمنطقة» ما يشبه «الوقت المستقطع» بالنسبة إلى بيروت بين «المعركة الجهادية» ضدّ الفساد التي اختار «حزب الله» أن «يضغط على زنادها» من ضمن «سلة أهداف» سياسية لاحتْ مؤشراتها مع وضْع «الحريرية السياسية» في دائرة الاستهداف عبر التصويب على الرئيس السابق للحكومة فؤاد السنيورة، وبين التصدّعاتِ المبكّرة التي دهمتْ الحكومة الجديدة من بوابة الدعوات التي وُجّهت الى «بروكسيل» واستثناء وزير الدولة لشؤون النازحين صالح الغريب (القريب من النظام السوري) وما رافَقَ ذلك من معاودة تظهير «خطوط الفصل» بين مكوّناتها حول ملف النازحين وآليات تحقيق عودتهم.
وإذا كان «فتيل» مكافحة الفساد الذي أَشْعَلَهُ «حزب الله» سَلَكَ طريقَه إلى تفاعلاتٍ ستبقى تتدحْرج دون أن يكون ممْكناً التكهن بتداعياتها على الاستقرار السياسي في ضوء المغازي الكبرى لأيّ محاولةِ «انقضاضٍ» على السنيورة على خلفية أدواره كرئيس لحكومتيْن في مرحلة ما بعد «ثورة الأرز» أو كـ«ظلّ» للرئيس رفيق الحريري (بين 1992 وحتى اغتياله العام 2005)، فإنّ استبعاد «وزير النازحين» عن مؤتمر بروكسيل، وإن كانت برزت في الساعات الماضية ملامح إخراجٍ له من حلقة السجالات بـ«مكبرات الصوت»، سيترك بلا شكّ ندوباً على جسم الحكومة الجديدة التي تقف أمام تحديات لا يُستهان بها للامتثال للشروط الإصلاحية المطلوبة لبدء تنفيذ مقررات مؤتر «سيدر» للنهوض المالي والاقتصادي.
وكان لافتاً أمس حرص رئيس الحكومة سعد الحريري على زيارة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون قبيل سفر الأول الى بروكسيل، وهي الزيارة التي اعتُبرت في إطار تنسيق الموقف حيال ملف النازحين والاستراتيجية التي سيعتمدها لبنان في المؤتمر والتي تركّز هذه المرة على تأكيد أولوية عودة النازحين الآمنة والكريمة والأهمية القصوى لرفْد لبنان بمقومات التصدي لأعباء النزوح والوفاء بالوعود التي قُطعتْ في بروكسيل 1 و 2 لجهة دعم النازحين والمجتمعات المضيفة وذلك بمعزل عن ملف العودة الذي تتحكّم به عوامل عدة ومع التشديد على الفصل بين مساريْ بروكسيل و«سيدر».
وجاء لقاء عون – الحريري بعد إشاراتِ الامتعاض التي صدرتْ من قريبين من رئيس الجمهورية على خلفية استبعاد الغريب عن الوفد اللبناني، رغم توضيح مصادر رئيس الحكومة ان الاتحاد الاوروبي هو الذي وجّه الدعوات التي لم تشمل أيضاً وزير الصحة (من حزب الله) واقتصرت (الى الحريري) على وزير الخارجية جبران باسيل (اختار عدم المشاركة) ووزيريْ الشؤون الاجتماعية ريشار قيومجيان والتربية أكرم شهيب.
وبدا الحريري، ورغم الكلام السلبي وغير المألوف الذي توجّه به الغريب (من حصة عون وممثل عن النائب طلال ارسلان في الحكومة) كما ارسلان بحقه، حريصاً على عدم تحويل هذه المسألة «صاعقاً تفجيرياً» ولا سيما في ظل ما ظهّرتْه من خلافات عميقة حول آليات عودة النازحين ومحاولة «حزب الله» وحلفائه استخدام هذا الملف بوابةً لتطبيعٍ رسمي مع النظام السوري وهو ما يرفضه رئيس الحكومة وحلفاء له (كالقوات اللبنانية والحزب التقدمي الاشتراكي) مصرين على التوجه حصراً الى المجتمع الدولي ودفْع المبادرة الروسية للعودة قدماً.
وفي حين تحدثت تقارير عن احتمال أن لا تحصل زيارة وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو لبيروت هذا الأسبوع بل بين 22 و23 الجاري (اي عشية سفر عون الى موسكو)، وسط تحليلاتٍ تربط أحد جوانب هذه الزيارة، الى جانب التركيز على موضوع «حزب الله» وإيران، بـ«سباق» أميركي – روسي على ممرّات الغاز، لم تهدأ الحركة الخارجية في اتجاه بيروت التي كانت على موعد أمس مع وكيل الامين العام للامم المتحدة لعمليات السلام جان بيار لاكروا الذي التقى كبار المسؤولين.