أشار وزير الشؤون الاجتماعية ريشار فيومجيان إلى أنه “مع دخول الصراع في سوريا عامه الثامن، فالعواقب تتجاوز ما يمكن أن نتخيّله إذ يستمرّ لبنان بتحمّله العبء الأكبر من الآثار الاقتصادية والاجتماعية المترتبة على هذا الصراع، مما يضاعف التحديات القائمة من قبل ويدفع بلبنان إلى شفير الهاوية”.
وأضاف، في حلقة حوارية حول الحماية في البرلمان الأوروبي في بروكسل: “شخص من كل أربعة أشخاص في لبنان هو نازح سوري، الأمر الذي جعل منه البلد الذي يستضيف العدد الأكبر من النازحين في العالم مقارنة بعدد سكانه. إضافة إلى 1.5 مليون نازح سوري، يستضيف لبنان أيضا الفلسطينيين والعراقيين من بين السكان الآخرين النازحين قسرياً. وبما أن 67 في المئة من اللبنانيين الأكثر فقراً يستضيفون 87 في المئة من النازحين السوريين ويعانون معاً من ضعف البنى التحتية وضعف التنمية، لا يسعنا إلا أن نعتبر أن المواطنين اللبنانيين قد ساهموا بشكل كبير في تحمل أعباء النزوح، وبالتالي فإن لبنان يعد البلد الأكثر استجابة للازمة السورية. ولكن لا يمكننا القيام بذلك وحدنا، فقد احتسبت وزارة المال أن الأزمة كلفت الاقتصاد اللبناني نحو 33 مليار دولار، مع الأخذ في الاعتبار تدفق المساعدات المالية الدولية””.
وشرح قدرة “الوزارة لقيادة خطة لبنان للاستجابة للأزمة، وتتصدّى للأمر بطريقة مبتكرة من خلال الجمع بين المساعدة الإنمائية والإنسانية، وتلبية احتياجات السوريين النازحين وتأمين بيئة تمكينية قوية للبنانيين للاستجابة للتحديات التي تواجههم بسبب الأزمة”، مشيرا إلى أن “عمل الوزارة مع شركائها في الأمم المتحدة، من خلال برامج مثل “برنامج التوظيف المكثف والبنية التحتية في لبنان (EIIP)” وبرنامج دعم المجتمعات المضيفة في لبنان (LHSP)، أثبت فعاليته في الاستجابة للأزمة ومحدوديته في تحسين البنية التحتية العامة”.
وأضاف: “الجهد والتمويل المقدمان مفيدان للغاية ولكن الحاجة لا تزال أكبر بكثير. تستهدف هذه البرامج المستفيدين مباشرة من خلال زيادة فرص كسب رزقهم وأوضاعهم الاقتصادية، وتعزيز تقديم الخدمات الاجتماعية وتحسين أمن المجتمع. لذلك، فقد ساهمت هذه البرامج في كسب الرزق وتعزيز ضمانات الحماية وتخفيف الضغط من خلال تحسين ظروف العمل، خصوصا للفئات الأكثر ضعفاً في المجتمع”.
وتابع: “على الرغم من المساعدات التي تم توفيرها من خلال خطة لبنان للاستجابة للأزمة 2017-2020، نؤكد من جديد موقفنا المتمثل في أن المساعدات المقدمة حتى الآن لا تزال غير كافية ولا تعوّض بما يكفي الآثار السلبية. إن احتياجات السكان المتضررين، سواء السوريين النازحين أو المجتمع اللبناني المضيف تفوق قدرة حكومة لبنان. لذلك، يتوجب إيجاد حلول دائمة بما في ذلك استراتيجيات قصيرة إلى متوسطة الأجل تهدف إلى تقاسم العبء الديموغرافي للنازحين وضمان أن السوريين قادرون على العودة إلى وطنهم أو إعادة إيجاد مساكن لهم، وخصوصا في حالة البلدان الهشة مثل لبنان”.
وشدد على “ضرورة العمل معاً لإيجاد استجابات تنموية مبتكرة تدعم اللبنانيين والسوريين الضعفاء على حد سواء، وتساعد لبنان على تحويل الأزمة إلى فرصة بناء للمستقبل، وإيجاد الحل الدائم للنازحين ليعودوا إلى وطنهم ولتأمين مساكن لهم”.
وتابع: “تشمل الحماية حماية جميع أطر المجتمع وضمان معرفة الناس لحقوقهم كبشر وتُعتبر أداة أساسية لتحقيق أهداف التنمية المستدامة، لذا نحن
وأردف: “حريصون على الوفاء بالتزاماتنا التي تم التعبير عنها في المؤتمرات الدولية بما فيها شراكة لبنان التي تم تطويرها في بروكسل 2 مع الاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة”، مطالبا من المجتمع الدولي “تحسين تقاسم المسؤولية وفقاً للاتفاق العالمي بشأن اللاجئين إذ لا يمكننا القيام بذلك وحدنا!”، لافتا إلى أن “الوزارة أجزت سجلا ناجحا في الحفاظ على علاقات مستقرة نسبيا من دون وقوع أعمال عنف كبيرة بين الطوائف، من خلال قيادتها الشاملة لخطة لبنان للاستجابة للأزمة”.
وأشار إلى أن “لبنان يتطلع إلى تقديم المجتمع الدولي مزيداً من الدعم فيما يتعلق بالبنية التحتية للمؤسسات العامة المسؤولة عن تنفيذ أعمال الحماية الخاصة باستراتيجيات حماية الأطفال والعنف ودعم الأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة”.
وذكر أن “حكومة لبنان تبنت سياسة لتسهيل الحصول على الإقامة القانونية من خلال الإعفاء من رسوم تجديد الإقامة لفئات معينة من النازحين، ويجب القيام بالمزيد من العمل لتوسيع نطاق هذه الإصلاحات السياسية مما يسمح للنازحين بالحصول على الإقامة على أساس مبدأ عدم التمييز. ولتحقيق ذلك، يحتاج لبنان أيضاً إلى دعم المجتمع الدولي لمؤسساته العامة التي تشرف على هذا الأمر من أجل تعزيز قدراتها”.
تابع: “لقد ضرب لبنان مثالاً في الطريقة التي استجابت بها الحكومة ومؤسساتها للحاجة إلى تسهيل تسجيل المواليد من الأطفال النازحين. منذ العام 2011، ولد حوالي 175000 طفلاً من النازحين السوريين المسجلين لدى المفوضية في البلاد. وبالتالي، تم اتخاذ عدد من القرارات المهمة المتعلقة بسياسة تسهيل تسجيل المواليد للأطفال المولودين من أبوين سوريين غير حائزين على إقامة قانونية أو للأطفال الذين لم يتمكنوا من تسجيل ولاداتهم في إطار الإجراءات المقررة خلال السنة الأولى من حياتهم. يتم بالفعل رؤية نتائج إيجابية لهذه التدابير، بزيادة تراوحت من 17% في العام 2017 إلى 21% في العام 2018 من المواليد المسجلين على مستوى سجل الأجانب”، أملا “في العام المقبل توسيع سياسة تسجيل الولادات ومعالجة أوجه القصور الأخرى في الوثائق المدنية من خلال إصلاح السياسات المتعلقة بشهادات الوفاة”.
وأردف: “هذا هو وضعنا الحالي، لقد فعلنا الكثير ولكن تبقى تحديات عدة من دون معالجة وتتطلب جهودًا مشتركة من جانبنا جميعاً لإيجاد الحلول المناسبة. وإلى أن يعود النازحون إلى سوريا، ينبغي على المجتمع الدولي أن يعمل بقوة لتهيئة الظروف المناسبة لعودتهم”، داعيا إلى “تعزيز ودعم القوانين المتعلقة بالمطالبة بالممتلكات وللعمل على ضمان الحماية داخل سوريا من خلال معالجة انعدام الأمن ومخاوف التجنيد القسري والاحتجاز والاختفاء وهي عوامل يعتبرها النازحون أكبر الموانع التي تقف في وجه عودتهم إلى ديارهم”.
من جهة أخرى، التقى قيومجيان الأمين العام المساعد للأمم المتحدة ومدير المكتب الإقليمي للدول العربية في برنامج الأمم المتحدة الإنمائي مواد وهبه.
كما التقى قيومجيان مفوض شؤون الجوار في الاتحاد الاوروبي يوهانس هان في مكتبه في المفوضية، بحضور سفيرة الاتحاد في لبنان كريستينا لاسن.