Site icon IMLebanon

دولة الأجندات (بقلم بسام أبو زيد)

تسير الدولة اللبنانية من حيث تدري أو لا تدري في اتجاهات أقل ما يقال فيها إنها تؤدي إلى استمرار قيام اللادولة ووضعها في مواجهة العالم، لاسيما وأن هناك من يعتقد أن بإمكانه مواجهة العالم في كل المجالات.

في لبنان ليس هناك من سياسة موحدة للتعاطي مع القضايا ذات البعد الإقليمي الدولي، فهذه الدولة التي يحدثوننا عنها لا يمكنها أن تتخذ موقفا موحدا مما يجري في سوريا والعراق واليمن مثلا، كما لا يمكنها ان تتخذ موقفا موحدا من كيفية التعاطي مع الجمهورية الإسلامية الإيرانية من جهة ودول الخليج من جهة ثانية وفي مقدمها المملكة العربية السعودية والإمارات، لا بل ان مسؤوليها ومن هم في الحكومة يتناوبون على الشيء وعكسه معتبرين ان كل الدول المعنية بهذه المواقف تتفهم الواقع اللبناني وتغض الطرف، ولكن الواقع مغاير لهذا التذاكي اللبناني الذي لم يعد ينطلي على أحد.

إن بعض السياسات التي يمارسها أفرقاء في داخل الحكم في لبنان أدت وستؤدي إلى الكثير من الأضرار وربما الكوارث التي تصيب قطاعات مهمة في الاقتصاد اللبناني، وفي هذا المجال لا بد من التركيز على ما يعانيه القطاع المصرفي من قيود وإجراءات دولية تبقيه تحت المجهر وتجعل منه هدفا ووسيلة للضغط على لبنان واللبنانيين من أجل تعديل هذه السياسات. ولكن الحكم يقف عاجزا إزاء ذلك تحت عناوين واهية كالوحدة الوطنية والسلم الأهلي وصولا إلى العجز الفعلي عن القيام بأي خطوة تثبت أن هناك دولة بالفعل، إلى أن يأتي يوم يستفيق فيه المسؤولون على كارثة لن ينفع بعدها الندم.

إن لبنان الذي يحاول اليوم وكما في مرات سابقة تلمس طريق الخروج من المأزق الاقتصادي والاجتماعي والسياسي لن يتمكن من تحقيق ذلك طالما بقيت الدولة فاقدة لسيادتها وقرارها، فالمصلحة اللبنانية لا تتحقق وفق توجهات وأجندات فريق سياسي واحد يفرضها على باقي مكونات الوطن بالتخويف والتهويل وتقاسم المصالح ودفن الرؤوس في الرمال، وهي سياسات اتبعت منذ أن استقل لبنان عن فرنسا، فكل الازدهار الذي كانوا يتحدثون عنه في الأربعينات والخمسينات والستينات والسبعينات كان يتعرض لإنتكاسات متتالية بسبب غياب الدولة وفقدانها لقرارها وسيادتها إلى أن انفجرت الحرب وأطاحت بكل مظاهر الاستقرار.

والغريب انه منذ ما يعرف بنهاية الحرب نعيد تكرار التجربة ذاتها ولكن هذه المرة حتى مظاهر الإزدهار لم تعد موجودة، لأن السياسات العبثية تقضي عليها تباعا وتزيد من تورط لبنان في مشاكل داخلية وخارجية لن يتمكن من الخروج منها إلا بقيام الدولة الفعلية القوية القادرة وحدها على تحديد مصلحة اللبنانيين وحمايتها.