جثث ملقاة على الأرض، رائحة الموت تنبعث من كل مكان، صمت الأجساد يصارع أنين الأرواح، وجوههم الشاحبة تعاتب الإنسانية، كنا نصلي… وفجأة هزت ضربات قلوبنا أجسادنا، وببضعة ثوان اختفى كل شيء…
كنت أشاهد ولدي يصلي، وأنظر اليه بكل فخر، وأدعو الله أن يحفظه لي ويحفظ عائلتي قبل نفسي، كنت أعتذر عن خطاياي، وأطلب المغفرة من كل قلبي، كنت أشكر الله على نعمه، كنت أجثو على ركبتي، وأخاطب الله الواحد بروحي، كنت أصلي… وفجأة اختفى كل شيء!
هذا ما حصل معي في نيوزيلندا في المسجد، وما حصل معي في الكنيسة القبطية بمصر، وهذا ما يحصل كل يوم في بورما وإيران والهند وفرنسا وأفريقيا، هذا ما يحصل في العالم العربي والعالم الغربي، وفي كل بقعة أرض في العالم.
بين “الإسلاموفوبيا” و”الكريستيانوفوبيا”، الإنسانية ماتت، وأصبح الإرهاب يولد الإرهاب والتطرف يولد التطرف.
لا يمكن نسب العقول الهمجية والبربرية لأي دين، فالأديان السماوية تدعو الى المحبة والتسامح…لا تختلف أشكال الإرهاب عن بعضها أبداً، فالإنسان إنسان، وروحه لا يجب أن يأخذها منه إلا من نفخها بجسده!
اختلفت أسماء الجماعات والأشخاص، واختلفت جنسياتهم وأعراقهم وأشكالهم وألوانهم ودوافعهم، وما يجمعهم واحد وهو “التطرف”، الذي حول الإنسان الى آلة متحركة، لا قلب فيها ولا ضمير.
من أنت أيها الإنسان لتضع حدا لحياة أخيك الانسان؟ من أنت لتحرم أم من ولدها وزوجة من شريك حياتها وطفل من أهله؟
من أنت لتقترف أعظم خطيئة أجمعت عليها الأديان السماوية وبكل دم بارد باسم الله وفي بيته؟
انه مسلسل لا ينتهي، ابطاله شعوب تتغذى من الفتنة، وتورثها لـ”ولد الولد”… فهل يأتي اليوم الذي سينتهي فيه هذا الكابوس؟