كتب عمر حبنجر في صحيفة “الأنباء” الكويتية:
الحدث المروع الذي شهدته نيوزيلندا، دولة السكون المطلق في العالم، شكل صدمة للبنانيين، كما كل الناس، وتوالت الاستنكارات وبرقيات التعازي من الرؤساء والوزراء والنواب، مباشرة أو عبر تويتر، باتجاه حكومة نيوزيلندا.
وأقامت دار الفتوى في لبنان «صلاة الغائب» على أرواح هؤلاء في مسجد محمد الأمين صلى الله عليه وسلم وفي مختلف مساجد لبنان، وسط مخاوف عامة من المجهول الآتي، في ضوء الخلفية الثأرية ذات البعد التاريخي لهذا العمل الإجرامي الفظيع.
لكن التضامن اللبناني الجامع بوجه الإجرام الحاصل في نيوزيلندا، لم يعكس ذاته على مستوى هموم لبنان الداخلية، والتي جديدها الاحتكاك السياسي المستجد بين رئيس الحكومة سعد الحريري، ووزير الخارجية جبران باسيل، حول مسألة النازحين السوريين، وحول التعيينات الرئيسية المرتقبة في الإدارات العامة والجيش، الشرارة انطلقت من مؤتمر «بروكسل 3» حول النزوح السوري، حيث اعتبر الوزير باسيل الذي اعتذر عن عدم حضور المؤتمر، ان هذه المؤتمرات مهمتها تحويل عملية بقاء النازحين السوريين حيث هم.
وقال: إما عودة النازحين أو لا حكومة، وإما طرد الفساد عن طاولة مجلس الوزراء، أو لا حكومة.
وإما صفر عجز الكهرباء، وإما صفر حكومة ولا حكومة.
وردت قناة المستقبل على كلام باسيل بالقول: ان معالم هذا الملف تمر بالتفاهم مع المجتمع الدولي وعبر الطرق الآمنة التي أقرتها قمة بيروت وفق البيان الوزاري للحكومة ومن خلال تأمين المساعدات ليواجه لبنان الأعباء.
وفي إشارة الى باسيل قالت: فليتفضل مقدمو أوراق الاعتماد للممانعة بإعادة النازحين حيث لا أحد يمنعهم، وهم يوفدون الوزراء الى دمشق، فوق التفويض الرسمي المعطى للواء عباس ابراهيم المدير العام للأمن العام، إضافة الى المبادرة الروسية التي تتعاون معها الحكومة، فضلا عن تجاهلهم موقف الجامعة العربية التي يلتزم لبنان ميثاقها، انهم يريدون تطبيع العلاقة مع نظام بشار الأسد، الذي يضع رئيس حكومة لبنان على لوائح الإرهاب، وقد أرسل ميشال سماحة محملا «بمتفجرات الحب والعلاقات الأخوية» وهو نفسه من فجر مسجدي التقوى والسلام حاصدا أكثر من 50 شهيدا لبنانيا في طرابلس.
وردت مصادر التيار الحر بالقول: ان باسيل رفع الصوت في عشاء ذكرى 14 آذار بقصد إحداث صدمة إيجابية، والتنبيه من المخاطر في حال عدم مكافحة الفساد وإعادة النازحين، ونفت صحيفة «الجمهورية» أن يكون باسيل تصعيديا في وجه أحد، ولا استفزازيا لأحد، ولو أنه بدا عالي النبرة.
مصادر أخرى ترد نبرة باسيل العالية الى خلاف وقع بينه وبين الحريري، خلال لقائهما الأخير في بيت الوسط، حول الكهرباء، حيث عاد باسيل وفريقه الى فكرة استئجار البواخر التركية، التي يتردد أنها أصبحت مملوكة من أشخاص لبنانيين، خلال المرحلة الانتقالية، وقبل تلزيم مشاريع المعامل الثابتة، في حين بات الحريري أكثر ميلا لتلزيم المعامل الثابتة أولا وقبل أي شيء.
والعقدة الأشد، مطلب باسيل بأن يتولى التيار الوطني الحر اختيار الموظفين المسيحيين في وظائف الفئة الأولى الشاغرة وعددها مائة تقريبا (51 وظيفة في الإدارات العامة والجيش و49 في المؤسسات العامة) ما يعني إبعاد الأحزاب المسيحية الأخرى كالقوات اللبنانية والكتائب والمردة عن مؤسسات الدولة، الأمر الذي رفض الحريري أن يتحمله.
وبناء على ذلك، يبدو أن الأسبوع اللبناني الطالع لن يكون صحوا، على المستوى السياسي بالطبع، حيث يجري التحضير لجلسة مجلس وزراء مزدحم الجدول الى جانب التحضير لمواجهة طلبات وزير الخارجية الأميركية مايك بومبيو، القادم الى بيروت يوم 22 الجاري، حول النفط والغاز ومن ثم حزب الله وحضوره في الدولة، فضلا عن التحضير لزيارة الرئيس ميشال عون إلى موسكو يوم 25 منه، حيث بدأت الحرتقات، بإشاعة تغييب سفير لبنان في موسكو شوقي أبونصار عن الزيارة الرئاسية، على خلفية قربه من زعيم الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط، الأمر الذي نفته المراجع الرسمية، لتؤكد أنه هو من يتولى تحضيرات الزيارة ومتابعتها.