كتبت هديل فرفور في “الاخبار”:
في السادس من الشهر الحالي، سجّل أصحاب العقارين 713 و1203 في منطقة الجديدة العقارية شكوى لدى قلم محافظة جبل لبنان ضدّ رئيس بلدية الجديدة – البوشرية – السدّ أنطوان جبارة، بعد قرار (رقمه 80) أصدرته البلدية، في 5/2/2019، قضى باستملاك العقارين (ضمّهما أصحابهما ضمن عقار يحمل الرقم 713) «لتخصيصهما كموقف للسيارات (…) وتسهيل أمور المواطنين في محيط قصر عدل جديدة المتن (…)».
الشكوى التي تقدم بها أصحاب العقارين (أديبة زيدان ووكيلها زوجها رامي الخوري) تتهم جبارة بـ «الاستيلاء» على العقارين لـ«غايات شخصية… بحجة المنفعة العامة»، و«محاباةً لرجل أعمال نافذ في المنطقة يسكن في المبنى الملاصق للعقار، ويرفض تشييد أي مبنى مقابل مبناه»! وأوضحت أنّ هناك عقاراً قريباً (رقمه 1199) تملكه البلدية (تبلغ مساحته أربعة أضعاف مساحة العقارين 713 و1203)، يُستخدم موقفاً للسيارات حالياً. كذلك، فإنّ هناك موقفاً آخر مقابل قصر العدل، فضلاً عن موقف مخصص للمحامين ضمن القصر نفسه. ولفتت إلى أن «ضغط العمل في قصر العدل في الجديدة أقلّ مما هو في قصور العدل في بيروت أو بعبدا، نظراً إلى أنه لا يتضمّن نيابات عامة أو مكاتب لقضاة تحقيق أو محاكم تمييز أو قضاء إداري، بما لا يحتاج معه إلى هذا العدد من مواقف السيارات. «ومساحة العقارين (1150 متراً مربعاً) لا تسمح باستيعاب عدد كبير من السيارات، بما لا يبرّر كلفة شرائه وبناء حيطان دعم له لجعله صالحاً لركن السيارات».
وأوضحت مصادر مطلعة على القضية «أن واجهة العقار البالغ طولها 90 متراً تتيح ركن نحو 20 سيارة أمامها، فيما تجهيزه كموقف لن يتيح استيعاب أكثر من 30 سيارة داخله». وسألت: «لماذا تتكبّد البلدية ثمن شراء العقار وتجهيزه في وقت تملك فيه خيارات شبه مجانية؟».
أصحاب العقار اتهموا البلدية بـ«الضغط» واتخاذ إجراءات لمنعهم من التصرف به والبناء عليها. «وقد عرضت البلدية مرات عدة شراء العقار، إلا أن المالكين رفضوا، لأن السعر لم يكن منصفاً». وجاء في نص الشكوى أنه «منذ اليوم الأول لتملّكنا العقار، والبلدية تتعاطى بكيدية. فكلما طلبنا إفادة محتويات أو وصلاً أو تخطيطاً أو أي إفادة أخرى، يكون السؤال دائماً: لماذا تريدونها، وما حاجتكم إليها؟ (…) لا تتعبوا أنفسكم. لن نسمح بأي ترخيص على هذا العقار (…) هذا ما كان يردده دائماً رئيس البلدية جبارة وابن شقيقته مهندس البلدية السيد سيزار رزق».
في اتصال مع «الأخبار»، أكّد جبارة أنه لا يعلم شيئاً عن الشكوى، وقال إنّ البلدية «يهمّها ألّا تطلع صرخة الجيران جرّاء تشييد أي مبنى»، مشيراً إلى أنّ «من غير الجائز ضمّ عقارات مبعثرة من أجل تشييد مبانٍ وغيرها». ونفى نية البلدية إقامة موقف للسيارات على العقار المستملك، مشيراً إلى أن «لدى البلدية موقفاً مساحته 4 آلاف متر مربع»، وهو ما يناقض نص قرار الاستملاك الرقم 80 (5/2/2019) الصادر عن المجلس البلدي!
المصادر المطلعة على القضية رأت أن كلام جبارة يُعزّز الاتهامات له بمحاباة رجل الأعمال. إذ إن الأخير هو «الجار شبه الوحيد للعقار» من بين «الجيران الذين لا يريد أن تطلع صرختهم». ولفتت إلى أن البلدية سبق أن نقلت طريقاً عاماً قرب المبنى الذي يقطن فيه رجل الأعمال (العقار رقم 624) من الملك البلدي العام إلى الملك البلدي الخاص ثم باعته له!
قصّة العقار تعود إلى أكثر من 30 عاماً. ففي عام 1988، استصدرت بلدية الجديدة مرسوم تخطيط (رقم 4919/88) على العقار 1203 بحجة توسعة الطريق. إلا أن اللافت أن الطلب لم يلحظ توسعة الطريق كله، بل شمل العقار 1203 وما قبله فقط، وفق خريطة تبرزها الجهة المدعية. وطوال 30 عاماً لم توضع أي إشارة على الصحيفة العينية، ولم يُتَّخَذ أي إجراء يدل على وجود نية جدية لتوسعة الطريق، فيما بقي العقار شبه مجمد بحجة «وضعه على التخطيط». وتؤكّد الجهة المدعية أن المرسوم «لم يُستصدر من أجل مصلحة عامة، بل لإجبار المالكين على بيع العقار بوضعه الراهن لمن له مصلحة بالموضوع». وتشير إلى أن مهندس البلدية «نصح» الجهة المدعية مرات عدة ببيع العقار لكونه «مصاباً بالتخطيط».
بعد محاولات عدة، تمكّن مالكو العقار من الحصول على قرار بلدي عام 2017 يقضي بإلغاء قسم من التخطيط، وعلى مرسوم (رقم 2696/2018 موقع من الرئيس ميشال عون) بإلغاء قسم من التخطيط ورفع إشارته عن العقار. إلا أن ذلك لم يمنع البلدية من اللجوء إلى الاستملاك. حتى الآن، لم تستصدر البلدية مرسوماً بالاستملاك، «لكنّها تعرقل كل المعاملات بحجة ذلك». بمعنى آخر، لا يزال العقار ملكاً للجهة المدعية، «لكن مع وقف التنفيذ».