يصل وزير الخارجية الاميركي مايك بومبيو الى الشرق الاوسط اليوم في جولة ستشمل تباعا الكويت، تل ابيب، فلبنان، وتستمر حتى 23 آذار الجاري. وفي وقت لم تخف الخارجية الاميركية هدف الزيارة بل حددته صراحة وبوضوح تام في بيان وهو “مواجهة أنشطة إيران المخلة بأمن المنطقة”، بدا لافتا اعلان الكويت في الساعات الماضية توقيفها “رجل الأعمال السوري المقيم في البلاد مازن الترزي و4 من معاونيه على خلفية اتهامه بتبييض أموال لجهات خارجية، وطباعة منشورات من دون تراخيص”. ووفق صحيفة “القبس”، “فقد تم اعتقال سكرتيرة مازن الترزي ومعاونين لبنانيين له، بتهمة الانتماء لـ”حزب الله” والتخابر معه”.
الخطوة الكويتية، بحسب ما تقول مصادر دبلوماسية مراقبة لـ”المركزية”، تأتي لتثبت انخراط الدولة الخليجية في المسار الدولي العريض، عموما، والاميركي خصوصا، لمكافحة الارهاب بأشكاله ومسمّياته كافة، أكان ذلك الذي تمثّله “داعش” أو المتمثّل بأذرع ايران العسكرية المنتشرة في الدول العربية، ومنها “حزب الله”، وهو ما تضعه الولايات المتحدة على رأس أولوياتها منذ وصول الرئيس دونالد ترامب الى البيت الابيض.
واذا كانت الكويت تقوم بـ”واجباتها” على أتمّ وجه في هذا الخصوص- وفق الرؤية الاميركية طبعا – فإن المصادر تقول ان محادثات المسؤول الاميركي في بيروت سيكون هذا “الالتزام” بالذات، محورَها. فالرجل سيقول للمسؤولين اللبنانيين ان على الدولة التحرّك فعليا، وبخطوات وإجراءات ملموسة، لإظهار انها جزء من “الشرعية الدولية” (وتُعدّ واشنطن عمود هذه الشرعية الفقري) وتحت مظلّتها.
ففيما “تطويقُ نفوذ ايران في الشرق الاوسط” بات العنوان الاساس للمرحلة المقبلة في المنطقة، ويلتقي عليه – وإن بنسب وأشكال متفاوتة- الاميركيون والروس والاوروبيون والعرب والخليجيون، لا يمكن لبيروت ان تستمر في التغريد خارج هذا السرب. وعليه، لا بد لها من الانضمام الى هذا النهج وإطلاق عملية سياسية واضحة تقود في نهاية المطاف الى تحويل “حزب الله” الى حزب سياسي أعزل، تماما كما باقي الاطراف اللبنانيين، وتُعيده من الميادين العربية حيث يقاتل، وتستعيد منه قرار الحرب والسلم (…) اما استمرار “التطنيش” اللبناني عن فائض قوة “الحزب” وعن مُضيّه في خرق القرارات الدولية لا سيما جنوبا، وعن مشاركته في حروب ونزاعات المنطقة من سوريا الى اليمن والعراق، فسيضع بيروت في مواجهة مع المجتمع الدولي.
واذ تشير الى ان بومبيو سيتحدث بصرامة ومن دون مسايرة، خلال لقاءاته المنتظرة، وستكون لهجته حازمة أكثر من تلك التي اعتمدها مساعده دايفيد ساترفيلد منذ اسابيع، تلفت المصادر الى ان “الضّيف” سيذكّر بأن واشنطن أبرز شركاء الجيش اللبناني وداعميه، وتمدّه بالسلاح والاعتدة المتطورة دورياً، كما انها من أهمّ مساندي لبنان اقتصاديا واستثمارا. وبالتالي، فإن هذا التوجّه الاميركي يُفترض ان يُقابل بموقف لبناني “إيجابي”، يدل الى ان بيروت “تستحقّ”. وذلك بأن تتقيد الحكومة جديا بالنّأي بالنفس وتعمل لجعل القوى الشرعية المدافع الوحيد عن الاراضي اللبنانية، وأيضا، بأن تطلق سريعا ورشة إصلاحية فتضع موازنة وتتخذ اجراءات تقشّفية، تدل الى رغبتها وضع حد للفساد الذي نخر الدولة منذ عقود والى عزمها الخروج من مستنقع التراجع والمديونية الذي تتخبط فيه منذ سنوات، لتفوز بمساعدات مؤتمر “سيدر”. أما اذا لم تلتزم هذه الاجندة والخيارات، فلا مساعدات اميركية، لا عسكرية ولا اقتصادية ولا مادية أو مالية لبيروت، فهل تتحمّل التبعات؟