أدّت الاتصالات في الساعات الماضية بين التيار الوطني الحرّ وتيار المستقبل إلى هدنة، وإلى تحديد موعد جلسة لمجلس الوزراء يوم الخميس في القصر الجمهوري. جدول الأعمال يضمّ تعيينات المجلس العسكري، ويُبحث في إمكان ضم «خطة الكهرباء» إليه
مع اقتراب موعد زيارة وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو لبيروت، عاشت البلاد في اليومين الماضيين مستوى غير مسبوق من التوتر كادَ يهدّد بتفجير الحكومة، بسبب الخلافات بين القوى السياسية على العديد من الملفات، بدءاً بالتعيينات، وصولاً إلى الكهرباء وملف النازحين السوريين. وبعدَ أن بلغ هذا التوتر مرحلة متقدمة بين الرئيس سعد الحريري ووزير الخارجية جبران باسيل، وتُرجم بتصريحات متبادلة ورسائل إعلامية كادت تؤدي إلى تطيير جلسة الحكومة، على خلفية تهديد باسيل بأن «لا حكومة» في حال عدم عودة النازحين وطرد الفساد عن الطاولة وتصفير عجز الكهرباء، واتهامه الحريري بالمشاركة في مؤتمر بروكسيل الذي يهدف إلى تمويل بقاء النازحين، كُثفت الاتصالات يومَ أمس، وأدت مساعي التهدئة بينهما إلى الدعوة لانعقادها نهار الخميس المقبل.
إذ تلقّى باسيل اتصالاً من الحريري «جرت خلاله مناقشة شؤون الساعة وكانت أجواؤه ايجابية»، بحسب المعلومات. وفي هذا الإطار، قالت مصادر وزارية متابعة إن «ما حصل هو أشبه بهدنة بين الحريري وباسيل»، فيما أكدت أوساط سياسية بارزة «تنبّه المعنيين إلى ضرورة عدم الإنجرار إلى سقف لا يُمكن العودة عنه، خاصة أن البلاد تمرّ في مرحلة دقيقة جداً». ووُزِّع أمس جدول أعمال جلسة مجلس الوزراء، وهو من 54 بنداً، منها 19 بنداً بطلب قبول هبات، و17 بنداً لسفر وفود إلى الخارج! أما البنود الأخرى، فأهمها عرض وزارة البيئة لمسودة «سياسة الإدارة المتكاملة لقطاع محافر الرمل والأتربة والمقالع والكسارات، بما فيها مقالع وكسارات شركات الترابة، واتخذا القرار المناسب بشأن الاستثمار المرخص أو غير المرخص من قبل المرجع الصالح، أو المنتهي المدة المعطاة له من قبل مجلس الوزراء وغيره».
وفيما لم تتمكّن «الأخبار» من الاطلاع على مضمون البند، إلا أن الصيغة التي ورد فيها عنوانه تشير إلى احتمال وجود نية لدى وزارة البيئة ومجلس الوزراء بتمديد المخالفات في المقالع والكسارات، مع كل ما فيها من مخاطر على البيئة. وإضافة إلى قبول استقالة زياد حايك من منصب الأمين العام للمجلس الأعلى للخصخصة، يضم الجدول مشروع قانون الموارد البترولية على البر، وصرف الاعتمادات اللازمة لإجراء الانتخابات النيابية الفرعية في طرابلس، فضلاً عن تعيين أعضاء المجلس العسكري في الجيش. وبحسب مصادر وزارية، فإن الأسماء المقترحة للتعيين لا تزال هي نفسها التي أدرجت على جدول أعمال جلسة مجلس الوزراء الأخيرة، وطُلب سحبها بسبب اعتراض رئيس الجمهورية العماد ميشال عون على اقتراح تعيين العميد الركن محمد الأسمر أميناً لسر المجلس العسكري وأميناً عاماً للمجلس الأعلى للدفاع. وبحسب المصادر، فإن الحريري وضع فيتو على تعيين العميد ميلاد إسحق مفتشاً عاماً للجيش، فجرى إسقاط الفيتوين معاً، فأعيد وضع البند نفسه على جدول الأعمال. ويضم الاقتراح إلى إسحق والأسمر تعيين العميد أمين العرم رئيساً للأركان، والعميد إلياس شامية عضواً متفرغاً في المجلس العسكري.
وعلمت «الأخبار» أن مباحثات كانت جارية أمس لبحث إمكان إدراج خطة الكهرباء التي أعدتها وزارة الطاقة بالتعاون مع البنك الدولي كملحق على جدول الأعمال. وقالت مصادر وزارة الطاقة لـ«الأخبار» إن الخطة تقوم على إطلاق مشاريع للاستثمار في معامل إنتاج الطاقة على المدى البعيد. أما على المدى القصير (سنتان)، فسيجري خفض الهدر وإزالة التعديات على شبكة الكهرباء، و«الخروج من الاعتماد على البواخر بإنتاج الكهرباء». ورفضت المصادر الكشف عن تفاصيل إضافية في الخطة.
وشهد يوم أمس إطلاق رئيس الجمهورية العماد ميشال عون نداءً لـ«المقاومة الاقتصادية»، لافتاً إلى «أننا نعيش تراكم أزمات، عندما نتمكن من تحديدها بشكل صحيح نعرف كيف نعالجها». وقال عون في حفل إطلاق «الحملة الوطنية لاستنهاض الاقتصاد اللبناني» تحت عنوان «فكّر بلبنان»، في القصر الجمهوري: «لقد وعدت ببناء الاقتصاد اللبناني ومكافحة الفساد ومعالجة وضع النازحين». واضاف: «يجب أن يعلم الجميع أن لا حصانة لأحد، وقد كنت أنا أول المتهمين بملف فارغ ولم أتوسط لأحد لإظهار براءتي»، وطالبت «التيار الوطني الحر الذي كان يتظاهر بوجه الوجود السوري في لبنان ألا يتظاهر لأجل المطالبة ببراءتي التي بيّنها في ما بعد القضاء». وشدد عون على أن «كل متهم عليه أن يمثل أمام القضاء، وإلا فسنكون أمام مشكلة كبيرة والشعب اللبناني عليه أن ينتقل إلى شعب مقاوم، مقاومة من أجل تحصين الاقتصاد، يشتري من إنتاجه ويأكل مما يزرع». وأكد أن «الفساد هو أكبر ضرر نواجهه في لبنان، ولا حصانة لأحد في معركة مكافحة الفساد، والمتهم يذهب إلى القضاء، ومن خلال القضاء فقط تثبت التهم أو تؤخذ البراءة».
وفي الحفل نفسه أشار وزير الاتصالات محمد شقير، بصفته ممثلاً للهيئات الاقتصادية، إلى أن «الاقتصاد اللبناني في خطر»، لافتاً إلى أن «مطلب شدّ الأحزمة كان أحد البنود الأساسية في لقاء الهيئات الاقتصادية والاتحاد العمالي العام في 24 أيلول 2018، ونحن اليوم أمامكم نعود ونشدد على هذا البند الذي يجب أن يطاول جميع اللبنانيين». وأضاف: «إن ما وصلنا إليه من عجز وتراجع في مؤشرات المالية، يستدعي التزام البيان الوزاري من خلال وقف التوظيفات وخفض الإنفاق وحصره بالضروري». ورأى أننا «نمرّ بضائقة لم يمرّ بها بلدنا في أي يوم من الأيام». كذلك تحدّث في الحفل كل من رئيس جمعية تجار بيروت نقولا شماس، ورئيس مجلس إدارة بنك لبنان والمهجر سعد الأزهري (البنك هو الراعي الرسمي لحملة «فكّر بلبنان»).