كتبت إيلده الغصين في “الاخبار”:
انعكس قرار الحكومة الفرنسية برفع رسوم التسجيل للطلاب الأجانب من غير الأوروبيين في الجامعات الفرنسية بدءاً من السنة الجامعية المقبلة (2019 – 2020)، تراجعاً في أعداد الطلاب اللبنانيين الراغبين بالدراسة في فرنسا. فقد انخفض عدد المتقدمين بطلبات لمتابعة الدراسة في السنة الجامعية الأولى للإجازة لهذا العام (ما عدا طلاب البكالوريا الفرنسيّة) بنسبة 20% عن العام الماضي، من 330 مرشحاً (شباط 2018) إلى 265 مرشحاً (شباط 2019). كما تراجع عدد المسجّلين من خلال Campus France ووفق أرقامها، في بقية السنوات الجامعيّة (سنتا الإجازة الثانية والثالثة وسنتا الماستر)، بنسبة 16.43% من 828 مرشحاً إلى 692 مرشحاً في الفترة نفسها. وفيما أُقفل باب التسجيل أمس، فإن هذه الأرقام لا تشمل طلاب الدكتوراه الذين يبقى باب التسجيل مفتوحاً أمامهم حتى أيار المقبل أو بعده، وفقاً لنظام كلّ جامعة.
علي فولادكار، عضو المجلس الوطني الفرنسي للتعليم العالي والأبحاث ومؤسِّس شبكة «FLAP» للتوجيه العلمي والأكاديمي والمهني للطلاب في فرنسا، أشار في اتصال مع «الأخبار» إلى أن هذه الارقام تشير الى أن «تخوّفنا من الانعكاس السلبي على الطلاب اللبنانيين كان في محله». وأكّد أن الحكومة التونسية تمكنت من الحصول على إعفاء لطلابها من القرار، كما دخل المغرب على خط المفاوضات للحصول على إعفاء مماثل.
رد الفعل اللبناني الرسمي اقتصر بداية على تحرك للسفير اللبناني في باريس رامي عدوان، قبل أن يطرح وزير الشباب والرياضة محمد فنيش الأمر أخيراً على طاولة مجلس الوزراء. وزير التربية أكرم شهيّب أكّد لـ «الأخبار» أمس أنه وجّه أخيراً رسالة الى السفير الفرنسي برونو فوشيه «طالبت فيها بموجب مبادئ الفرنكوفونيّة وتشجيع التعليم، بالنظر في وضع الطلاب اللبنانيين. ووعد انه سينقل رسالتنا إلى الجهات المعنيّة قبل بدء سريان القرار. كما وجّهنا رسالة إلى وزارة الخارجيّة اللبنانية لمتابعة الملف». ورجّح أن «نحصل على إعفاء طلابنا، على غرار إعفاء الطلاب التونسيين كما علمنا من السفير». ووفق معلومات «الأخبار»، فإن تقرير لجنة العلاقات الخارجيّة في مجلس النواب الفرنسي الأخير تضمّن كتاباً مرفوعاً من عدوان بشأن إعفاء الطلاب اللبنانيين. كما عرض وزير الدولة لشؤون رئاسة الجمهوريّة سليم جريصاتي، على هامش زيارته الأخيرة إلى باريس، مسألة الاعفاء وزيادة المنح مع أوريليان لوشوفالييه المستشار الدبلوماسي للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون. وقال جريصاتي في اتصال مع «الأخبار» إن لوشوفالييه «شرح أن التدبير عام واتخذ لإعادة النظر بنظام المنح ككلّ، وأن استثناء الطلاب التونسيين غير صحيح، كما وعد بطرح الموضوع مع الرئيس ماكرون».
مشروع القرار الفرنسي يقضي برفع رسوم التسجيل من 170 يورو سنوياً لدراسة الإجازة إلى 2770 يورو، ومن 243 يورو للماستر إلى 3770 يورو، مستثنياً طلاب الدكتوراه من الزيادة بعد التعديلات التي أدخلت على صيغته الأوليّة المعلن عنها في تشرين الثاني الماضي. مشروع القرار بصيغته الجديدة شبه النهائية سيشمل كل طالب أجنبي من خارج الاتحاد الأوروبي يتسجّل للمرة الأولى بدءاً من العام الدراسي المقبل، ويستمرّ تأثّر الطالب بالزيادة في السنتين الأوليين لتسجيله ثم يعفى منها في سنته الدراسية الثالثة ليعاود دفع الرسوم المعمول بها حالياً. المشروع يفنّد الفئات غير المشمولة بالزيادة، وهم إلى طلاب الدكتوراه، من لديهم إقامة طويلة في فرنسا (10 سنوات)، من لديهم إقامة إذا كان أحد الوالدين فرنسياً أو أوروبياً، الطلاب الذين مرّ على إقامتهم في فرنسا أكثر من عامين، طلاب اللجوء السياسي، الطلاب الآتون من بلدان تعقد اتفاقيات سياسية مع فرنسا، وكل الطلاب الذين يدرسون في فرنسا حالياً أي المسجلين من دون توقف قبل عام 2019.
مشروع قرار رفع الرسوم ترافق مع مرسوم آخر خاص بالإعفاءات يحدّد الطلاب المعفيين تلقائياً، وهم: طلاب برامج التعاون بين جامعات البلدان (بينها لبنان) والجامعات الفرنسيّة، الطلاب الذين يدرسون عن بُعد… والجديد أن نسبة الـ10% التي يمكن لكل جامعة (وفق مرسوم يعود للعام 2013) إعفاءها كليّاً من الرسوم من إجمالي عدد طلابها، ستكون نسبة مستقلّة عن الطلاب المعفيين جزئياً من وزارة الخارجيّة.
فمرسوم الإعفاءات سيسمح للخارجيّة الفرنسية، من خلال سفاراتها وملحقيّاتها الثقافية، بمنح «إعفاءات جزئية» تصل إلى 14 ألف إعفاء. وهي إعفاءات جزئيّة من الزيادة المقترحة فقط وليست منحاً كاملة، يمكن للخارجيّة منحها على أساس وضع الطالب الاجتماعي وتفوّقه العلمي. وهنا يأتي دور الحكومة اللبنانية، في حال لم تحصل على استثناء لطلابها، لحجز أكبر عدد ممكن من الإعفاءات للطلاب المسجلين للمرة الأولى، خصوصاً أن عدد الطلاب اللبنانيين الذين يسجلون للمرة الأولى في فرنسا كل عام، مع استثناء طلاب الدكتوراه والممنوحين، يتخطّى الألف بقليل. علماً أن طلاب الدكتوراه هم في الأساس غير مشمولين بالزيادات، ويشكّلون نحو 6% من المسجّلين إدارياً لأول مرة (ونحو 36% من إجمالي الطلاب اللبنانيين على الأراضي الفرنسية). ومع اختزال الطلاب الممنوحين في سنوات الإجازة أو الماستر، يبقى ما يزيد على ألف طالب لبناني ستطالهم الزيادة الرسوم. علماً ان أرقام العام المقبل تشير إلى انخفاض هذا العدد.