كتبت بولا أسطيح في صحيفة الشرق الأوسط:
تتابع هناء (44 عاما)، وهي نازحة سوريا تركت وعائلتها المؤلفة من 3 أولاد مدينتها حلب منذ عام 2012 لتستقر في أحد أحياء الضاحية الجنوبية في بيروت، من كثب، كل ما يتم تداوله عن خطط جديدة للحكومة اللبنانية للتعامل مع ملف النازحين السوريين بهدف تسريع عودتهم إلى بلدهم. هناء التي تقدمت لدى مفوضية اللاجئين قبل نحو عامين بطلب للانتقال للعيش في بلد ثالث، تبدو قلقة من أي إجراءات تتخذ قريبا لدفعها وعائلتها للعودة إلى حلب، لأنها تعتبر أن ذلك سيضع حدا لحلمها بالانتقال إلى كندا أو أستراليا لبدء حياة جديدة بعيدا عن المشقات التي تؤكد أنها ستنتظرها وعائلتها في سوريا.
هناء واحدة من آلاف السوريين الذين يعيشون في لبنان والذين يحلمون بالمغادرة إلى بلد آخر بعد تقدمهم بطلبات لمفوضية اللاجئين التي ساهمت بانتقال 52.045 نازحا سوريا من لبنان إلى دول أخرى منذ عام 2011. وبحسب الناطقة باسم المفوضية العليا لشؤون اللاجئين في لبنان ليزا أبو خالد، تختلف المدة بين قبول طلب «إعادة توطين» اللاجئ ومغادرته، وفقا لمكان وجوده، ومتطلبات ما قبل المغادرة في دولة «إعادة التوطين»، وقد تبلغ عاما أو أكثر. ورغم الحماسة الكبيرة التي يبديها قسم كبير من النازحين السوريين في لبنان للمغادرة إلى بلد ثالث، تؤكد أبو خالد أن أكثر من 80 في المائة من النازحين في لبنان يريدون العودة إلى بلدهم.
وتقول أبو خالد إن المفوضية تقدمت بطلبات لإعادة توطين 86.500 لاجئ موجودين في لبنان بينهم 74.664 نازحا سوريا في 22 دولة منذ 8 سنوات، لافتة في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أن 62.500 منهم، بينهم 52.045 سوريا غادروا بالفعل.
وفي عام 2018، قدمت المفوضية ملفات أكثر من 81.300 لاجئ في العالم كله، لتنظر فيها بلدان «إعادة التوطين»، ونتج عنها مغادرة 55.600 شخص. وبحسب الجنسية، فإن المستفيدين الرئيسيين من برامج «إعادة التوطين» خلال العام الماضي كانوا لاجئين سوريين، حيث بلغ عددهم 28.200 شخص، 9800 منهم غادروا لبنان.
وتعني «إعادة التوطين» إرسال اللاجئ إلى بلد ثالث، غير بلده الأصلي وغير البلد الذي وصل إليه لأول مرة. وهذا ينطبق فقط على من يتم الاعتراف بهم كلاجئين من قبل المفوضية العليا لشؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة. ويشارك 35 بلداً في برنامج إعادة التوطين التابع للمفوضية، بعد أن كان عدد البلدان المشاركة 27 دولة في عام 2008. وتأتي الولايات المتحدة في الأعوام الأخيرة على رأس قائمة الدول التي استضافت لاجئين، تليها كندا وأستراليا وبلدان شمال أوروبا.
وينقسم اللاجئون الذين تعمل المفوضية على ملفاتهم ضمن برنامج «إعادة التوطين» إلى أكثر من فئة، ومنها: احتياجات الحماية القانونية أو المادية، وعدم وجود حلول بديلة في المدى المنظور، وناج من عنف أو تعذيب، ونساء وفتيات معرضات للخطر، واحتياجات طبية، وأطفال وفتيان معرضون للخطر، ولم شمل الأسر.
وقد حذرت المفوضية في يونيو (حزيران) الماضي من اتساع الفجوة بين عدد اللاجئين المحتاجين إلى إعادة التوطين وفرص إعادة التوطين التي توفرها الحكومات في أنحاء العالم. وفي تقريرها حول توقعات احتياجات إعادة التوطين العالمية لعام 2019 الذي تم تقديمه في منتداها السنوي حول هذا الموضوع في جنيف، أفادت المفوضية بأن عدد اللاجئين الذين يحتاجون إلى حل في بلدان ثلاثة ارتفع إلى ما يُقدر بـ1.4 مليون في عام 2019.
في حين كان عدد فرص إعادة التوطين قد انخفض عالمياً إلى 75.000 فقط في عام 2017. واستناداً لهذه الأرقام، فسوف يستغرق الأمر 18 عاماً لإعادة توطين اللاجئين من الفئات الأشد ضعفاً في العالم.
ويشير التقرير إلى أن لاجئين من 36 جنسية بحاجة إلى إعادة توطين من بين 65 عملية تجري في بلدان حول العالم. وقد شكل اللاجئون من سوريا وجمهورية الكونغو الديمقراطية ثلثي اللاجئين الذين تقدمت المفوضية بطلبات لإعادة توطينهم في عام 2017.
ولا ينتظر كثير من النازحين السوريين، وبخاصة غير المسجلين لدى مفوضية اللاجئين، التدابير والإجراءات الرسمية التي قد تسمح بمغادرتهم إلى بلد ثالث، لذلك نشطت في السنوات الماضية الهجرة غير الشرعية عبر البحر ما أدى إلى موت عدد كبير منهم غرقا.