استبعد وزير الشؤون الاجتماعية ريشار قيومجيان وجود “أي مخطط دولي لتوطين النازحين السوريين في لبنان”، مشيرًا إلى أنه لم يلمس ذلك في أي لقاء عقده ورئيس الحكومة سعد الحريري مع ممثلي الأمم المتحدة أو الاتحاد الأوروبي أو المنظمات والجمعيات المعنية بملف النازحين.
وقال قيومجيان، في حديث بـ”إندبندنت عربية”، بعد عودته من مؤتمر “بروكسل 3”: “على العكس، سمعنا كلامًا جديًا عن مساع لتأمين العودة حتى أن مفوض الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين فيليبو غراندي أبلغنا بأنه زار سوريا لتقديم المساعدات للداخل السوري، لكن نظام الأسد لم يسمح لهم بزيارة كل المناطق فهم منعوا من الدخول إلى ريف دمشق وتذرعت وزارة الخارجية السورية بالقوى الأمنية الاستخباراتية لتبرير المنع”.
وقلل قيومجيان من أهمية المواقف التصعيدية التي أطلقها وزير الخارجية جبران باسيل تزامنا مع “بروكسل 3″، معتبرًا أنها “للمزايدات فقط”، وسأل: “هل طرحت خطة لعودة النازحين ورفضت على طاولة مجلس الوزراء حتى يهدد باسيل بإسقاط الحكومة؟ وهل حصل أمر طارئ يوازي في حجمه إسقاط الحكومة”؟. وقال: “التطبيل والتزمير والتهديد لا ينفع فليطرحوا حلًا لتأمين العودة ونحن معهم”.
وذكّر قيومجيان بالمبادرة التي قدّمها باسم “القوات اللبنانية” لتحقيق العودة، إلا أنه أسف لأنها “لم توضع بعد على جدول أعمال مجلس الوزراء لمناقشتها”. وأضاف: “عودة النازحين مسألة ملحة بالنسبة إلى “القوات” والمبادرة التي اقترحتها تتضمن أفكارًا تساعد على تحقيق العودة، حتى أنها اقترحت تنسيقًا تقنيًا مع نظام بشار الأسد، وهي المعروفة بخصومتها التاريخية معه، لكن النقطة الأساس تبقى في أن يكون النظام السوري المسؤول الأول عن تهجيرهم مقتنعًا بإعادتهم، الأمر المستبعد حتى الآن. معلوماتنا تفيد بأن النظام السوري لم يقبل إلا 20% فقط من لوائح السوريين الراغبين في العودة”.
ورفض قيومجيان اتهام “حلفاء النظام السوري للحريري والوفد الوزاري المرافق الذي ضم قيومجيان ووزير التربية أكرم شهيب بأخذ الأموال لإبقاء السوريين في أماكن إقامتهم”، قائلًا: “فلتأخذ الحكومة اللبنانية قرارًا برفض الحصول على أموال المساعدات ونحن معهم. مؤتمر بروكسل هو الثالث، بعد أول وثان شارك فيهما بعض من ينتقد اليوم”.
وأردف: “أزمة النازحين فرضت على لبنان لكن الحكومات المتعاقبة لم تتعاط بشكل عملي مع هذه المشكلة كتنظيم وجودهم في مخيمات، وغيرها من الإجراءات الضرورية، فحصل دخولهم بشكل فوضوي حتى انتشروا في كل المناطق، وباتوا أمرًا واقعًا لا يمكن تجاهله. وأمام استحالة تحمل لبنان وحده هذا العبء كان لا بد من طلب المساعدة، وتحسسًا لانعكاس أزمة النازحين شبه الكارثي على البنى التحتية في المدارس والمستشفيات والمستوصفات والطرقات والمياه وغيرها، نظّمت الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي مشكورةً مؤتمر بروكسل”.
وسأل قيومجيان المنتقدين: “من دون الأموال والمساعدات التي نتلقاها من المجتمع الدولي، كيف يمكن أن نحمل هذا العبء وهناك 220 ألف طالب سوري التحقوا بالمدارس اللبنانية؟ ماذا نفعل بهم؟ هل يكفي أن نرفض أموال المجتمع الدولي لتأمين العودة”؟، لافتًا إلى أن “العودة لها ظروفها ومتطلباتها وهي من مسؤولية النظام أولا وأخيرًا، وحتى تتحقق لا يمكن أن نستمر من دون مساعدات المجتمع الدولي”.
وكشف قيومجيان أن “الوفد اللبناني طلب في بروكسل من الدول الصديقة للنظام، كروسيا التي يدين لها النظام ببقائه، الضغط على الأسد لتسهيل عودة النازحين”. كما ميز بين “الاستعداد الدولي لتقديم المساعدات للسوريين في الداخل السوري وبين إعادة الإعمار، فالمجتمع الدولي غير مستعد للمساهمة في إعادة إعمار سوريا قبل الحل السياسي”.
وتابع: “مخطئ من يعتقد أن بقاء الأسد بمساعدة إيرانية وروسية يعني أن الدول الغربية ستتعامل معه كأمر واقع، بل على العكس. ما سمعناه في كواليس مؤتمر بروكسل 3 يؤكد أن المجتمع الدولي لا يزال على موقفه برفض الاعتراف بالأسد بعد ما ارتكبه من جرائم بحق شعبه”.
وعن تجربته الأولى في مجلس الوزراء، لفت إلى أنه كان يتوقع “زخمًا أكبر مع انطلاقة الحكومة الجديدة، للأسف هناك تضييع للوقت، وتأخير في إقرار الإصلاحات المطلوبة للنهوض بالوضع الاقتصادي تمهيدًا لمؤتمر سيدر”.
وطرح مقاربة حزب “القوات اللبنانية” في ترشيق إدارات الدولة ومؤسساتها وفي ملف التعيينات في مؤسسات الدولة، قائلا: “فليعين الكفوء، أكان حزبيًا أو غير حزبي، ولنعط فرصة لكل مواطن لبناني يستحقها، ووفق آلية التعيينات التي تضمن اختيار الشخص المناسب في المكان المناسب بعيدًا من المحسوبيات”.