Site icon IMLebanon

تداعيات المزج بين “حزب الله” والدولة تلامس الخطر وجودي

في حديث أدلى به الى وسائل اعلام روسية عشية زيارته موسكو يبدأها مساء الاثنين المقبل، وقبل ساعات قليلة على وصول وزير الخارجية الاميركية مايك بومبيو الى بيروت، قال رئيس الجمهورية ميشال عون إن “لبنان بلد محايد ولن يدخل في حروب بل يفتش عن صداقات الجميع”، معتبرا أن “التأثير السلبي للحصار على “حزب الله” يصيب كل اللبنانيين”.

في حياد لبنان المنصوص عنه في الدستور، لا جدل ولا غبار. فالحياد واجب ويفترض ان يكون موضع اجماع من جميع اللبنانيين من دون استثناء. لكنّ على ارض الواقع، الاستثناء موجود، واللاحياد، لا بل الانحياز قائم، كما تقول مصادر سياسية سيادية لـ”المركزية”، اذ ان شريحة واسعة من اللبنانيين لا تقيم وزنا للحياد وتضرب به عرض الحائط منذ عقود.

وتسأل المصادر، في السياق، اي حياد يعتمد لبنان الدولة وفريق حزبي عسكري فيه يحارب في دول الجوار الى جانب نظام ضد شعبه في سوريا، وإلى جانب متمردين على الشرعية في اليمن ويحرض جماعات طائفية على انظمتها في ساحات عربية أخرى؟ وأي حياد في المواقف التي يتخذها هذا الفريق في العلن مستهدفا دولا عربية صديقة لا زالت حتى الساعة تساعد لبنان من خلال مده بالمساعدات لإنهاضه من كل كبوة يسقط فيها او يُسقطه فيها الفريق المشار اليه لمصلحة دولة اقليمية تمده بالسلاح والمال؟

وفي معرض قراءتها للموقف ايضا، تنبه المصادر السيادية الى وجوب عدم المزج بين “حزب الله” والدولة، بالاشارة الى ان التأثير السلبي للحصار على “حزب الله” يصيب كل اللبنانيين، ذلك ان في الظروف المحيطة بالبلاد عموما والحزب خصوصا ونظرا لحراجة المرحلة، يتوجب على المسؤولين استمرار الفصل بينهما منعا للانعكاسات الخارجية السلبية، لاسيما من الدول التي ما زالت حتى الساعة تفصل بين الجناحين السياسي (المنخرط في الدولة) والعسكري للحزب وتتعامل مع الدولة على اساس انها غير قادرة على نزع سلاحه مقابل ألّا يستخدم هو ساحتها لمواجهة العقوبات المفروضة عليه، محذّرةً من الانعكاسات السلبية لأي انزلاق في اتجاه المزج، لاسيما على المستويين الاقتصادي والعسكري، خصوصا في ضوء بعض المواقف الخارجية الرافضة للتمييز بين الدولة اللبنانية و”حزب الله”، ولا يعقل والحال هذه ان يعمد لبنان الرسمي الى اظهار نفسه في موقع المتناغم مع “حزب الله” وأجندته المتضاربة مع الاجندة اللبنانية.

وتدعو المصادر، في هذا المجال، الى التمسك بالستاتيكو القائم راهنا على قاعدة الفصل التام بين الدولة والحزب، والبقاء على مسافة من ممارساته، او على الاقل عدم تبنيها ما دام لم يعد هو الى كنف الشرعية ويلتزم اجندات اقليمية تعرض اللبنانيين ومصالحهم للخطر. وتؤكد ان المجتمع الدولي الذي ما زال يقدم الدعم للبنان ويتفهم خصوصية عجزه عن نزع سلاح الحزب وهي مهمة مرتبطة بالتسوية الاقليمية في دول الجوار، قد يعدل عن موقفه هذا اذا ما لمس اتجاها لبنانيا رسميا للتناغم مع الحزب، بما يعني ذلك على اكثر من مستوى، ولا شك ان احدا من المسؤولين في الدولة لا يدفع في الاتجاه المشار اليه او الدخول في حال من المواجهة مع المجتمع الدولي الذي لا يشاطر لبنان ايضا وجهة نظره ازاء النظام السوري ولا دعوته الى إعادة إعمار سوريا قبل الحل السياسي.

والاجدى والحال هذه، تضيف المصادر، ان يبتعد لبنان قولا وفعلا وبالقدر الممكن عن كل اشكالية مع المجتمع الدولي وينأى بنفسه عما قد يعرض مصالحه العليا للخطر. وتناغما مع هذا الجو، اعلن الرئيس سعد الحريري امام نقابة الصحافة اخيرا ان “هناك قرارا من طرفنا ومن طرف حزب الله، بعدم السماح لخلافاتنا بوقف عمل الحكومة”. فاللحظة السياسية بالغة الحراجة، تختم المصادر، تُرسم فيها استراتيجيات دولية لمنطقة الشرق الاوسط وتُحدد مصائر دول وشعوب، وعلى قاعدة “عند صراع الدول احفظ رأسك”، الاجدى بالسلطة السياسية حفظ رأس لبنان قبل اي رأس آخر.