كتب د. مازن ع. خطاب في صحيفة “اللواء”:
يبدو ان بعض المستجدّين على الساحة السياسية يعانون من انفصال حادٍ عن واقع الشعب اللبناني، ويخيّل لهذا البعض ان الشعب يعيش في بحبوحة ورخاء غير مسبوقين.
فقد قررت وزارة الطاقة والمياه ومؤسسات المياه في كافة المناطق زيادة الرسوم على المشتركين للعام ٢٠١٩ بقيمة ٥٠ ألف ليرة من دون سابق انذار رسمي، وبغض النظر عن عدم تحسّن مستوى التغذية بالمياه واستمرار انقطاع المياه عن منازل اللبنانيين لفترات تطول احياناً عدة ايام في معظم المناطق، ومنها العاصمة بيروت!
هي صدمة جديدة تُضاف الى باقة التشويق والاثارة التي تقدّمها الطبقة الحاكمة في «جمهورية الملفوف»، لكن مهلاً، هناك مناطقٌ استطاعت انتزاع إعفاء من هذه الزيادة!
في حين أعلنت مؤسسة مياه الجنوب إضافة ٥٠ ألف ليرة على رسم الاشتراك السنوي للمياه، تحركّت الفعاليات النيابية والسياسية والاجتماعية في الجنوب واعلنت صراحة عن رفضها الشديد لتلك الزيادة وانه لا مبرر لها على الاطلاق، مما اضطرّ مؤسسة مياه الجنوب الى تأجيل تحصيل الزيادة على الرسم السنوي الى مطلع عام ٢٠٢٠. لكن الفعاليات تابعت ضغوطها من اجل إلغاء تلك الزيادة نهائياً، لأنها تشعر انه في ظل وضع اقتصادي بهذا السوء لا تجوز الزيادات على مواطن يئن أساساً.
امّا في بيروت، فلا صوت ولا حسّ لنواب العاصمة على كثرتهم، فما من أحد تنكب عناء ان يطلق تصريحاً واحداً يطالب فيه وزارة الطاقة والمياه ومؤسسة مياه بيروت وجبل لبنان بإلغاء قرار الزيادة او تجميده اسوة بما حصل في الجنوب، او بالحد الأدنى ان ينتقد هذه الإضافة المجحفة بحق المواطنين .. ربما لأنهم اعتادوا ان تدفع بيروت، التي تستضيف ثلث الشعب اللبناني، أغلى فاتورة في حين يُحرم أهلها من أبسط حقوقهم! وربّما لأن اهل بيروت لم يطلقوا صرخةً مدويّة يطالبون فيها نوابهم بالتحرّك والاستيقاظ من غيبوبتهم!
مهما كان سبب سُبات نواب بيروت، يبقى الواقع المرير أن بيروت تفتقد الى فعاليات سياسية وشعبية حقيقية ووازنة، تحسّ بمعاناة البيارتة وترفع الضيم عنهم وتطالب بحقوقهم، لذا ابشّر البيارتة انه سيأتي يومٌ تُفرض فيه عليهم ضريبة على الهواء دون ادنى مناوئة، في مدينةٍ محرومةٍ بات يصعب فيها التنفس من ضيقة العيش!