كتب أنطوان غطاس صعب في صحيفة “اللواء”:
بدا واضحًا أنّ الجلسة الأخيرة لمجلس الوزراء والتي اتّسمت بالهدوء بعيدًا عن المناكفات إنّما جاءت على خلفية الاتصالات التي سبقتها وتحديدًا بعد اتصالات مكثّفة جرت بعيدًا عن الأضواء بين رئيسَي الجمهورية والحكومة ميشال عون وسعد الحريري إضافةً إلى التواصل واللقاء الذي حصل في بيت الوسط بين الحريري ووزير الخارجية جبران باسيل. إذ ترى أكثر من جهة سياسية أنّ الجميع محكوم بالتوافق وعدم إفشال الحكومة، لا سيما وأنّ رئيس الجمهورية يعتبرها حكومة عهده الأولى وهي ستُعمّر إلى نهاية العهد، وبالتالي حتى الآن الأوضاع الاقتصادية والمعيشية ما زالت تشد ركودًا وصعوبة، ممّا يُبقي التوافق بين بعبدا وبيت الوسط مستمرًّا لتحقيق خطوات إيجابية على هذه الصعوبات وترجمة مقررات مؤتمر «سيدر» إلى إيجابيات إصلاحية في مؤسسات ومرافق الدولة وخصوصًا أنّ لبنان يتلقّى يوميًّا إشارات إقليمية ودولية من المعنيين في هذا المؤتمر وصولاً إلى الموفدين الدوليين تحتّم عليهم عدم أخذ ما يُطلب من لبنان باللامبالاة. بمعنى أنّ الإجراءات الدولية تجاه إيران وحزب الله إنّما يجب أن تُؤخذ بالحسبان وتُطبَّق وهذا ما بلّغه الموفد الأميركي «ديفيد ساترفيلد» وصولاً إلى ما قاله وزير الخارجية الأميركي «مايك بومبيو»، وعليه فلبنان يجب أن يلتزم بقرارات المجتمع الدولي وهذا بات مطلبًا ملحًّا ليس كالماضي كما تقول مصادر سياسية متابعة، بمعنى لا مزاح بعد اليوم أمام شدة وحزم الإدارة الأميركية وعواصم القرار حيال هذه المسألة.
من هذا المنطلق، كانت جلسة مجلس الوزراء الأخيرة وخلافًا للتوقعات وما سبق وحصل قبلها من مساجلات وخطابات انفعالية، فإنّها شهدت مرونة في التعاطي من الجميع لجملة ظروف واعتبارات تُحتّم إبقاء العلاقة بين رئيسَي الجمهورية والحكومة في أفضل مراحلها، وعلى هذا الأساس استوقف كلام الرئيس سعد الحريري اهتمام المعنيين عندما تحدث عن زواج ماروني حيال هذه العلاقة لأنه يدرك أنّ هناك تباينات حول الملف السوري والنازحين إنّما يجب أن يُنظَّم هذا الخلاف بأقل خسائر ممكنة، ويستمر التوافق قائمًا وتحديدًا حول الملفات الاقتصادية والاجتماعية والالتزام بمؤتمرات الدول المانحة لا سيما «سيدر»، وعلى هذا الأساس يُرتقَب وفق المتابعين أن ينسحب الهدوء الذي حصل في مجلس الوزراء الخميس المنصرم على الجلسات المقبلة والتي قد تشهد إمرار بعض التعيينات الإدارية حيث هناك تواصل وتشاور بعيدًا عن الأضواء والإعلام وثمة دراسة وافية لكل الأسماء المرشّحة لهذه التعيينات.
وعلى خط آخر، عُلم أنّ هناك تنسيقًا رئاسيّا تمّ حول زيارة وزير الخارجية الأميركي إلى لبنان وتحديدًا حول العناوين الأساسية التي سبق وتمّ التشاور بها من أجل عدم استعمالها أو إقحامها في بازار الحسابات السياسية لتزيد على البلد انقسامًا جديدًا. وبالمحصلة إنّ هناك إجراءات وخطوات ومطالب من دولة عظمى يجب التعاطي معها في سياق الحفاظ على مصلحة البلد وأن لا تكون مدخلاً لاتساع الشرخ بين اللبنانيين وهناك مداخلات من قبل الرؤساء حصلت مع «بومبيو» أتت على خلفية شرح الواقع اللبناني وخصوصيته من جوانبه كافة لأنّ هناك حالة إقليمية تتحكّم بهذا الواقع ولا يمكن تجاوزها من إقحام لبنان بسياسة المحاور إلى ملف النازحين والحرب السورية وتداعياتها على لبنان وعدم قدرته على تحمّل هذه الأعباء مجتمعةً.
وتشير المعلومات الى مرونة في التعاطي مع الزائر الأميركي لا سيما وأنّه على بيّنة من الأجواء اللبنانية بكل تفاصيلها وما يحمله معه في حقيبته الدبلوماسية بات معروفًا وسبق لمساعد وزير الخارجية الأميركي لشؤون الشرق الأوسط «ديفيد ساترفيلد» أن أبلغ المسؤولين اللبنانيين أنّ إدارة بلاده لديها إجراءات وخطوات واضحة المعالم تجاه إيران وحزب الله وعلى لبنان تحديدًا أن يتعاطى بروح إيجابية مع هذه الخطوات وإن كنّا نقدّر ظروفه وخصوصياته وقدرته التي نعرفها حق المعرفة، إنّما المجدي له ألاّ يغرّد خارج سرب المجتمع الدولي حيال هذه الإجراءات.