كتب عيسى يحيى في صحيفة “الجمهورية”:
تستأثر أزمة مياه الصرف الصحي التي تغطي مستنقعات المياه الآسنة في سهل بلدات إيعات، دير الأحمر، شليفا، الكنيسة والقرى المجاورة، باهتمام أهالي وفعاليات المنطقة الحزبية والبلدية، نتيجة تفاقمها والمشكلات التي تنتج عنها، وسط عجز في إيجاد الحلول السريعة جراء عدم قدرة محطات التكرير الثلاث الموجودة في المنطقة (إيعات، دير الأحمر، اليمونة) على معالجتها.
تتسارع وتيرة اللقاءات التي تعقد بين النواب ورؤساء البلديات وإتحادات البلديات لمحاولة الخروج من الأزمة ورفع الضرر عن الأهالي والأراضي المتضررة خصوصاً أنّ المياه قد وصلت إلى سهل بلدة الكنيّسة بعد مرورها بسهل بلدة إيعات، وتوسّع نطاق الضرر البيئي الذي تسببه المياه الآسنة.
وبعد ساعات من إجتماع ضم نواب المنطقة والمجالس البلدية المتضررة ومشغّل محطة تكرير إيعات التي لا تقوم بالعمل الكافي والمطلوب، نظم أهالي بلدات دير الأحمر بناءً على دعوة عضو تكتل «الجمهورية القوية» النائب أنطوان حبشي إعتصاماً أمام مدرسة راهبات العائلة المقدسة في دير الأحمر، احتجاجاً على التلوث البيئي الناتج عن مياه الصرف الصحي في محطة تكرير إيعات، والمطالبة بمعالجة فورية لهذه المشكلة المزمنة ووضع حدّ لها، في حضور راعي أبرشية بعلبك – دير الأحمر المارونية المطران حنا رحمة، رئيس إتحاد بلديات منطقة دير الأحمر جان فخري، ورؤساء بلديات المناطق المتضررة.
وأكد حبشي «أننا جربنا كل الخطوات اللازمة، ولكن حتى الآن لم نصل إلى نتيجه في موضوع رفع ضرر محطات الصرف الصحي عن بلداتنا، والكارثة التي تسبّبها لأهلنا وآثارها التي تكبر كثيراً».
وأشار إلى أنه «في هذه المنطقة هناك ثلاث محطات لمعالجة مياه الصرف الصحي، أهمها وأكبرها محطة إيعات، بالإضافة إلى محطة دير الاحمر واليمونة، وفي واقع الحال كل المياه الآسنة تاتي من القرى المجاورة إلى محطة إيعات وتُكمل في اتجاه بلدة الكنيسة، ولكن هذه المياه المبتذلة تخرج كما تدخل إلى المحطة دون معالجة، لدرجة أنه أصبح هناك نهر مجارير يخرج من المحطة نحو القرى المجاورة من شليفا إلى إيعات ودير الاحمر والكنيسة وكل القرى على طول هذا الخط، والضرر لم يعد عادياً لأنّ هذه المحطات بالأساس لا تعمل بشكل صحيح».
وأضاف: «ليست مهمتي ولا مهمة المواطنين البحث عن أسباب عمل المحطات بصورة صحيحة أو بشكل غير سليم، فقد صرفت عليها الأموال لإنشائها ولتشغيلها، وحتى اليوم المياه الملوثه تخرج منها كما هي. وهناك أربع وزارات معنية من المفترض أن تتحرك بسرعة، لأنّ الروائح لم تعد تسمح للناس العيش في أرضهم، وحجم الضرر على المزارع كبير، وهذه الوزارات هي:
وزارة البيئة، لأنّ البيئة هنا تتضرر بشكل غير عادي، وهذا أحد أسباب ارتفاع نسبة الأمراض بشكل تصاعدي في المنطقة، وهناك أمراض جديدة بين صفوف الأهالي، إضافة إلى وزارة الصحة المعنية بهذه المسالة، لأنها تضطر إلى دفع تكاليف معالجة الناس المرضى بسبب التلوث البيئي، ونتوجّه أيضاً إلى وزارة الطاقة والمياه، لأنّ هذا الموضوع يجب أن يكون من أول أولوياتها ومسؤولياتها الأساسية، ووزارة الزراعة المعنية بتلوث التربة والمزروعات».
وتابع: «إلى جانب الوزارات، كان يشرف على هذه المحطات مجلس الإنماء والإعمار، واليوم صرختنا عالية، ولا يمكن أن يكمل هذا الموضوع بهذا الشكل المؤسف والكارثي، هناك مستنقعات من المجارير في بلدة الكنيسة، وهناك نهر من المجارير يمر في أراضي دير الأحمر وتلاميذ هذه المدرسة ما عادوا يتحملون هذا الوضع، والأساتذة لا يستطيعون التعليم بسبب الروائح».
ورأى أنّ «المطلوب من الدولة إيجاد الحلول مهما كانت الإشكاليات، فلسنا نطلب حلولاً لمدى طويل، ولا أن يقولوا لنا إنّ الدراسات تحتاج إلى سبعة أشهر، وإنّ التلزيم يستغرق ما بين ثمانية وتسعة أشهر، وبعد ذلك إذا تمّ التلزيم بشكل صحيح نحتاج إلى سنة أو سنتين، وعلينا الانتظار سنة أخرى حتى تتبيّن لنا فاعلية عمل مَن أعطيناه التشغيل، عندها تكون المنطقه ودعت».
وأوضح أنّ «في مكان مرور المجارير لدينا مسألتان خطرتان أولهما أنّ هذه الأرض غير صالحة للزراعة، وهي بالتالي بحاجة إلى تعقيم ومعالجة، ويجب التوقف عن زراعتها لخمس سنوات حتى تعطي نتيجة، والأخطر من ذلك أنّ هذا السهل الذي من المفترض أن يأكل الناس من انتاجه الزراعي منتجات سليمة، بعضهم يستغلون هذه المياه الآسنة لريّ مزروعاتهم، بسبب نقص مياه الري، وهذا شيء غير مقبول ويؤدي إلى تفشي الأمراض أكثر فأكثر، لذلك إلى جانب طرح الحلول الطويلة الأمد على الدولة إيجاد الحل السريع لهذه المشكلة».
من جهته، قال المطران رحمة: «يريدون تهجير الناس من قراها، اليوم هناك موت حقيقي جراء تلوث الأرض والمياه الجوفية».
وتابع: «وزير البيئة منع الناس في المنطقة من إنشاء مقالع وكسارات، وخلال قيامنا بتلبيس المطرانية بالحجر لم نعرف من أين نأتي به لأنه ممنوع علينا إنشاء مقالع بحجة الحفاظ على البيئة فيما هذه القضية لا تضرّ بالبيئة وهذا الكيل بمكيالين ممنوع، وهذه النظرة الى الناس وكأنهم متروكون وليس وراءهم احد لم تعد مقبولة. المطلوب اليوم من الدولة والرؤساء الثلاثة التحرّك لأنّ الناس طفح عندهم الكيل، لكأنّ الدولة هي التي تقتل وتهجّر شعبها».
بدوره، أكد جان فخري أنّ «الوزارات المعنية تقوم بإرتكاب مجزرة كبيرة بحق سهل من أنظف السهول في البقاع ولبنان ويمتد على 12 كيلومتراً من إيعات إلى شليفا وبتدعي ودير الأحمر والكنيسة».
وناشد الوزراء المعنيين والمجالس المعنية «الإسراع بإيجاد الحلول، فهذه الكارثة البيئية كبيرة والبلديات واتحادات البلديات والجمعيات الأهلية في المنطقة غير قادرة على معالجة هذه المشكلة لأنّ حجمها كبير، والدولة هي التي تدفع المواطن لريّ المزروعات من هذه المياه»، واصفاً ما يحدث بـ «الإبادة الجماعية».
وكان العمل البلدي في «حزب الله» نظّم السبت لقاءً لمناقشة موضوع محطات الصرف الصحي، بمشاركة رئيس تكتل نواب بعلبك – الهرمل حسين الحاج حسن.
وأشار الحاج حسن إلى أنّ «عقد تشغيل محطة إيعات انتهى بتاريخ 31/12/2018 ولم يجدّد حتى الآن، كما لم يتم التعاقد مع مشغل آخر، أي أنّ المشغّل الحالي يعمل بدون عقد، وقد أبلغ الموظفين لديه أنه سيتوقف عن العمل بشكل نهائي بتاريخ 31 آذار الحالي، ما يعني أنّ محطة إيعات ستتوقف عن العمل، وهذا الأمر أبلغناه إلى وزيرة الطاقة، وسنبلغ رئيس مجلس الإنماء والإعمار بأنّ هذا الموضوع لا يمكننا تحمّله، فالمطلوب إما تمديد العقد للمشغل الحالي أو إجراء عقد جديد حسب الأصول لمشغل آخر، ولكن الفراغ ممنوع في محطة إيعات».