كتبت لينا الحصري زيلع في “اللواء”:
لا يزال ملف النازحين السوريين يفرض نفسه على المشهد اللبناني في ظل استمرار الازمة السورية على الرغم من بعض التباينات السياسية اللبنانية حوله، وقد شكل هذا الملف مادة اساسية بحثها رئيس الجمهورية ميشال عون مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال القمة اللبنانية – الروسية التي عقدت امس الاول في موسكو، لا سيما ان هناك مبادرة روسية لاعادة النازحين السوريين الى ديارهم اعلنت في قمة هلسنكي التي جمعت الرئيس الاميركي دونالد ترامب مع الرئيس الروسي في منتصف تموز الماضي، واعقبها تعيين لبنان لاعضاء اللجنة المشتركة الروسية – اللبنانية لمتابعة المبادرة ولكن يبدو حتى الان ان المبادرة لا تزال مجمدة بانتظار تحقيق الكثير من الاهداف للانطلاق بها بشكل فعلي.
وفي هذا الاطار، اعتبرت مصادر معنية بالملف لـ«اللواء» ان المبادرة الروسية تحتاج الى تمويل من قبل المجتمع الدولي للعمل بمضمونها، اضافة الى اتخاذ قرارات والقيام بتسهيلات مهمة من قبل النظام السوري، مثل اصدار عفو عام وحل موضوع التجنيد الاجباري، واشارت المصادر الى ان الجانب الروسي يعمل مع النظام السوري للتوصل الى تنفيذ هذين القرارين من اجل تحريك المبادرة.
واكدت المصادر ان موقف الجانب الروسي معروف وهو مع الوصول الى حل سياسي للازمة في سوريا واعادة اعمارها، وهو على يقين انه لا يمكن المباشرة بإعادة الاعمار في سوريا اذا لم يتم التوصل الى حل سياسي للازمة السورية، ومن الطبيعي ان المجتمع الدولي خصوصا الولايات المتحدة واوروبا ودول الخليج غير مستعدين لدفع اي مبلغ قبل التوصل الى الحل السياسي التي تحرص الدولة الروسية على التوصل اليه.
لذلك تعتبر المصادر ان المبادرة الروسية لم تنضج حاليا بعد، بانتظار ما ستؤول اليه الاتصالات الروسية مع النظام السوري حول موضوع العفو العام بشكل خاص، والحصول من المجتمع الدولي على تمويل، وتلفت الى ان هذا الامر اشار اليه البيان الختامي للقمة اللبنانية – الروسية بصراحة، لان عودة النازحين يجب ان تكون بجهود دولية، وشددت المصادر على امكانية ان يقدم الجانب الروسي ضمانات ومساعدات، لكن الكرة الان هي في الملعب السوري.
وتذّكر المصادر بان المبادرة الروسية انطلقت على اساس القمة التي عقدت في هلسنكي بين بوتين وترامب وقد وعد الاخير بالعمل على عودة النازحين السوريين الى ديارهم ولكن للاسف عاد ترامب وتراجع كليا عن موقفه الذي كان اعلنه خلال القمة.
وتؤكد المصادر ان الجانب الروسي يبذل اقصى جهده مع النظام السوري من اجل اصدار العفو العام ويقوم باجراء المفاوضات المطلوبة مع المجتمع الدولي ومفوضية اللاجئين من اجل عودة النازحين.
وحول البيان الذي اصدرته الداخلية السورية والمتعلق بعودة النازحين وتأثيره على هذه العودة، تعتبر المصادر ان لا تأثير لهذا البيان على تشجيع العودة لانه يتعلق فقط بالسماح للذين خرجوا من سوريا بطريقة غير شرعية بالعودة، ولكن من ادرجت اسماءهم على اللوائح الامنية من خلال مشاركتهم بالمظاهرات المعارضة وغيرها، لا يمكنهم ان يعودوا اذا لم يتم اصدار عفو عام عنهم، باعتبارهم لا يزالون ضمن قائمة المطلوبين من قبل النظام السوري، من هنا تشير المصادر الى ان هناك خوفا طبيعيا من قبل النازح بالعودة اذا لم يحصل على ضمانات تحافظ على امنه.
واعتبرت المصادر ان باستطاعة الجانب الروسي ممارسة الضغوطات على النظام السوري لاقرار العفو وهو بصدد التفاوض معه في المرحلة الراهنة، ولكن يبقى الملف الهام المتعلق بتمويل العودة من قبل الجهات الدولية المعنية.
وعن القرار الاميركي المتعلق بالجولان، تعتبر المصادر ان لا تأثير مباشراً على عودة النازحين ولكن من شأن هذا القرار توتير الاجواء واعطاء مبرر لايران و«حزب الله» بالبقاء في سوريا.
واعتبرت المصادر انه اذا كان لدى النظام السوري نية للمحاربة في الجولان عليه اعادة شعبه بالدرجة الاولى الى بلاده.
وترى المصادر ان النظام غير مستعجل على اعادة النازحين الى بلادهم، بسبب الازمة المعيشية الكبيرة التي يعاني منها، وهو ليس باستطاعته تأمين مستلزمات الحياة الاساسية، وحيث تشهد مناطق عديدة تظاهرات ضد النظام بسب الاوضاع الاقتصادية والمعيشية الصعبة التي يعاني منها المواطن السوري مثل الغاز والكهرباء والمحروقات والمواد الاستهلاكية الغذائية، كما انه اعاد العمل بسياسة البطاقات.
من هنا تشير المصادر الى ان عودة اعداد من النازحين، لا يمكن استيعابها من قبل النظام، واكدت ان اي تقارب بين لبنان وسوريا لا يمكن ان يفيد باي شيء، لانه لا يمكن للنازحين بالعودة الى ديارهم دون توفر المال والضمانات، ولبنان ليس باستطاعته تأمين الضمانات للنازح كذلك الامر بالنسبة الى النظام السوري وايران و«حزب الله» كما ان النازح لا يمكنه الوثوق بأي من هذه ضمانات.
وتكرر المصادر لتؤكد ان الدعم المالي يجب ان يكون من قبل الاوروبيين ودول الخليج والضمانات الامنية هي من قبل الجانب الروسي عندها يمكن ان تتحقق المبادرة الروسية، لذلك تشير المصادر الى انه حاليا ليس هناك من بوادر لحل هذه الازمة في ظل استمرار وجود الصعوبات نفسها.
وعن الموقف اللبناني من موضوع عودة النازحين السوريين، تؤكد المصادر ان الموقف واضح وهو ما نص عليه البيان الوزاري لحكومة «الى العمل» ويبقى هو الاساس وتشير الى ان الرئيس عون سمع من المسؤولين الروس نفس الموقف عن عودة النازحين الذي يتطلب جهودا دولية ومالية وتسهيلات من النظام السوري.