عام 2013، برز اسم «غرفة التحكّم المروري» بعدما باتت مصدراً للمعلومات المتعلّقة بالسير عبر موقع «تويتر»، و«مرجعاً» حول حال طرقات بيروت وساعات ذروتها، ومعها طرقات بعض المناطق. غير أنها أهملت مهمتها المفترضة والتي تتعدّى كونها «راداراً» لرصد حركة سير المدينة. فبحسب المرسوم 11244، المتعلّق بـ«تحديد مهام وملاك هيئة إدارة السير والآليات والمركبات»، للغرفة مهمات أخرى، كإدارة إشارات السير ومراقبتها ووضع خطط لتشغيلها في التوقيت الأفضل، وجمع المعلومات عن حركة السير للاستفادة منها في دراسات السير والتخطيط لنظم النقل، ومراقبة عمل مقاولي الصيانة للتأكّد من قيامهم بالصيانة الدورية والطارئة، وإبداء الرأي في دراسات أثر مشاريع الإنشاءات والأبنية على حركة السير عند إعطاء تراخيص البناء.
غير أن «التحديد» شيء، وما تقوم به «الغرفة» شيء آخر. فأكثر أنشطتها «المنتجة» هي تلك التي تتعلق برصد حركة السير وبرمجة إشارات المرور في بيروت الكبرى (من نهر الموت شمالاً إلى خلدة جنوباً) عبر أكثر من 100 كاميرا مراقبة. وفي ما عدا ذلك، «لا تؤدي الغرفة المزوّدة بتجهيزات حديثة كلّفت ملايين الدولارات سوى 15% من فعاليتها»، بحسب الناشط في جمعية «يازا» زاهر مسعد. وهي «لو أدّت مهامها المفترضة لانخفضت أزمات السير في لبنان بنسبة 50%».
الانتقادات لا تقتصر على ما لا تقوم به «الغرفة» فحسب، بل تنسحب أيضاً على ما تؤديه من «أعمال»، كما هي الحال بالنسبة إلى الإشارات الضوئية وبرمجياتها. يعدّد أحد الخبراء «أكثر من 15 إشارة سير في بيروت تابعة للغرفة معطلة ولا تزال من دون صيانة منذ نحو ست سنوات». هنا، تتجه الأصابع إلى شركة «نيد» التي لزمتها هيئة إدارة السير، بطريقة مثيرة للشبهات، تركيب وصيانة وبرمجة نظام التحكّم بإشارات المرور («الأخبار»، الاثنين 26 شباط 2018).
ومن المآخذ على «الغرفة»، أيضاً، «الاعتباطية في برمجة الإشارات بما لا ينسجم مع مراقبة حركة السير» وهذا ما يسهم في الغالب في خنق بعض الطرقات في أوقات الذروة. يعزو مسعد ذلك إلى «قلة عدد المشغلين في الغرفة»، وهم خمسة يعملون بثلاثة دوامات مختلفة، اثنان منهم صباحاً واثنان بعد الظهر ومشغل واحد ليلاً. «وهذا ليس كافياً، فمدينة بحجم بيروت لا يمكن أن يشغّل إشاراتها شخصان، وفي الأحوال الطبيعية ينبغي وجود خمسة مشغلين في كل دوام». ناهيك عن أن «بوتك للهندسة والتعهدات العامة» التي لزمتها إدارة هيئة السير إدارة «الغرفة»، شركة «لا علاقة لها بتشغيل أنظمة السير وإنما بصيانة الكهرباء»! ويلفت مسعد إلى أن العقد نصّ على «وجود 13 مشغلاً، بمعدل خمسة مشغلين في كل دوام، و3 مشغلين ليلاً، بينما في واقع الأمر تدفع الشركة لخمسة مشغلين فقط». هذه مخالفة أولى، تتبعها أخرى لها علاقة بعدد مهندسي التشغيل، إذ «ينصّ دفتر الشروط على وجود مهندسَين اثنين وبدوام كامل»، فيما حالياً «هناك مهندس واحد يحضر إلى الغرفة مرتين أسبوعياً لارتباطه بالعمل في إحدى الجامعات الخاصة».
هذه الانتقادات ينفيها مدير غرفة التحكّم المروري جان دبغي: «لا إشارات سير تابعة للغرفة معطلة». فيما لا يرى أهمية لحضور المهندس بدوام كامل، لأن «الإشارات تعمل وفق برمجيات عدّة في اليوم الواحد تختلف تبعاً لأوقات الذروة، ويعدّل بعضها وفق الحاجة، أما المهندس فيحضر بدوام كامل في الحالات الطارئة كالمناسبات والأعياد».
في الغرفة 5 مشغلين فقط فيما ينص عقد التشغيل على توظيف 13
الأمر لا يقتصر على الدوامات فقط، فثمة أجهزة في الغرفة لا تستعمل. هنا يمكن العودة 10 سنواتٍ إلى الوراء، وتحديداً إلى عام 2009، حين جُهّزت الغرفة بعشر كاميرات red light enforcement camera بكلفة مليون دولار للمساعدة على كشف المخالفين والحد من الانتهاكات المرورية، وهي لا تزال حتى الآن بلا تشغيل، بحجة قدم أنظمتها البرمجية! عام 2017 أيضاً، رُكّبت كاميرتان جديدتان لم تُشغّلا كذلك. والسبب، كما يقول متابعون، هو «عدم التوافق حول جباية العائدات بين قوى الأمن الداخلي وهيئة إدارة السير». قبل أشهر أيضاً، رُكّبت خمسة رادارات لتحديد سرعة كل سيارة، كلفة الواحد منها نحو 10 آلاف دولار. وثمة رادارات وكاميرات أخرى بتكاليف مرتفعة وُضعت أيضاً لتحديد معدل سرعة السيارات العابرة وأعدادها. يحدث كل ذلك، في وقت تحتاج الغرفة إلى تحديث وتطوير وصيانة لزيادة مساحة تغطيتها، «ولا يوجد مصاري». والسبب؟ لأن بدلات المخالفات المرورية تذهب إلى «غير أماكنها، في الوقت الذي يُخصّص منها في الخارج نحو 40% لغرف التحكم المروري»، يقول دبغي.