فيما يخرج رئيس الحكومة سعد الحريري تدريجيا من فترة النقاهة بعد خضوعه لعملية “جراحية” في القلب، تستعيد البلاد بدورها الاسبوع المقبل نشاطها السياسي – المؤسساتي. غير ان المطلوب ليس اجتماعات للاجتماعات، ومن الضروري ان تكون هذه “الحركة” العائدة، فيها “بركة” إصلاحا وكهرباء وموازنة. والحال ان استعادة الدولة “عافيتها”، ستحتاج هي الأُخرى، الى عملية جراحية دقيقة باتت أكثر من ملحّة، في ظل حراجة وضعها ودقّته، والذي حمل البنك الدولي الى دق جرس إنذار، داعيا المسؤولين الى مضاعفة الجهود لأن أداءهم، حتى الساعة، لا يرتقي الى المستوى الذي يفرضه الواقع اللبناني الهش.
وفي انتظار تحديد موعد جلستين منتظرتين للجنة الوزارية المكلفة درس خطة الكهرباء، ولمجلس الوزراء، تتجه الانظار الى تونس التي وصلها رئيس الجمهورية العماد ميشال عون مترئسا وفد لبنان الى مؤتمر القمة العربية في دورته الثلاثين. وفي وقت من المقرر ان يلقي الرئيس عون كلمة لبنان في القمة التي تبدأ اعمالها الساعة العاشرة قبل ظهر الاحد بتوقيت تونس (الحادية عشرة بتوقيت بيروت)، كما يلتقي على هامشها عددا من رؤساء الوفود المشاركين في القمة، تقول مصادر مطلعة لـ”المركزية” إن ملفات النزوح السوري، والسلام في الشرق الاوسط بعد قرار “أسرلة” الجولان، وصولا الى التطورات في سوريا والعراق واليمن حيث سيشدد على اهمية الحل السياسي للنزاعات، ستكون كلّها حاضرة في كلمة ولقاءات الرئيس عون.
ولن تسرق هذه السفرات الاضواء من سلسلة محطات هامّة مُنتظرة الاسبوع الطالع، لعلّ أبرزها اجتماع لجنة الكهرباء. فرئيس الجمهورية يصرّ، وفق ما تقول مصادر وزارية لـ”المركزية”، على ان يكون الاجتماع العتيد، الاخير. فتنتهي اللجنة من درس الخطة التي وضعتها وزيرة الطاقة ندى البستاني، وتسجّل ملاحظاتها عليها، قبل ان تحيلها الى مجلس الوزراء مجددا، لإقرارها.
وفي السياق، تقول المصادر ان التوجّه الغالب هو لاعتماد اللجنة الخطة مع بعض التعديلات الطفيفة التي لا تطاول جوهرها، الا انها تشير الى ان الأجواء الـ”مُكهربة” بين التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية بفعل تمسّك الاخيرة بمعالجة مشكلة الهدر وبتحسين الجباية وبتعيين هيئة ناظمة للكهرباء قبل اي زيادة في الانتاج، سترخي بظلالها السلبية على الاجتماع المرتقب.. والسؤال الذي يفرض نفسه هو هل سيتم تجاوز التحفظات القواتية وإقرار الخطة ولو من دون موافقتها؟
وفي السياق، أكد عضو تكتل لبنان القوي النائب أسعد درغام لـ “المركزية” أن “القوات فريق حاضر في الحكومة وممثل في لجنة الكهرباء، ولهم الحق في إبداء رأيهم”، مشددا في الوقت نفسه على أن “لا يجوز أن يعلق مصير اللبنانيين وحل ملف الكهرباء على اعتراض معين. وإذا وافقت الحكومة على الخطة، ستقر وإن عارضت القوات”. واعتبر أن “موقف القوات لا يستند إلى أي واقع علمي، وهو يندرج في خانة “النكد السياسي” الذي لا يقود إلى أي مكان”، مشددا على أن “الخطة التي نقدمها سريعة. فهل لديهم البديل”؟
في المقابل، قال عضو “الجمهورية القوية” النائب فادي سعد لـ”المركزية” إن “القوات” “لن تقبل بأجزاء الخطة التي تحمل في طياتها فسادا”، مضيفاً “نحن غير موافقين على موضوع البواخر والطاقة المؤقتة، لأن المؤقت في لبنان يصبح دائماً”. الى ذلك، لفت الى ان “لا نطلب في “التعيينات” شيئا سوى احترام الآلية التي أقرّت عام 2010، بعيدا من المحسوبيات، مؤكداً “أن “القوات” ستكون بالمرصاد لممارسات كهذه.
والى ملف الكهرباء الذي سيفرض نفسه على مجلس الوزراء، والذي يصرّ المجتمع الدولي على معالجته لكونه أبرز أسباب ترهّل الخزينة، تقول مصادر مراقبة لـ”المركزية” ان من الضروري ايضا ان تباشر الحكومة درس مشروع الموازنة الذي بات جاهزا في وزارة المال ويتضمّن “تخفيضات” هدفها تقليص العجز. ففيما النصائح تتوالى بضرورة اقرارها لإثبات جدية الدولة في الاصلاح، وفي حين يؤكد الرؤساء عون وبري والحريري اصرارهم على احالتها في اسرع وقت الى مجلس النواب، تلفت المصادر الى ان ترجمة هذا الموقف تكون بالبدء بمناقشتها اليوم، قبل الغد، في مجلس الوزراء.. فهل يحصل ذلك؟