كتبت جنى جبور في “الجمهورية”:
الدوالي، مشكلة طبية واسعة الانتشار يمكن أن يعاني منها الجميع. الّا أنّ نوعاً منها يصيب النساء فقط، ويقلقهن، ويشعرهن بالخجل ما يمنعهن من التوجه الى الطبيب. إنها «دوالي الفرج»، التي تصيب الحوامل، فهل هي خطيرة وكيف يمكن معالجتها؟
مثل كل منطقة أخرى من الجسم، يُعتبر الفرج (La vulve) موطناً لمجموعة واسعة من الأوعية الدموية الصغيرة والكبيرة. أثناء الحمل، يمكن أن تتكوّن الدوالي نتيجة زيادة تدفق الدم والضغط على الأعضاء التناسلية والجسم.
ولمعرفة اكثر عن هذا الموضوع، حاورت «الجمهورية» الاختصاصي في جراحة الشرايين والاوردة الدكتور يوسف عسيران الذي قال: «صحيح أنّ الدوالي الاكثر شيوعاً تتكوّن في الساقين والقدمين، الّا أنّ ثمة نساء يصبن بها أيضاً في الفرج، فيمكن حينها ان تكون الأوردة صغيرة ومتورّمة فقط أو كبيرة وملتوية ومؤلمة. ومن العوارض الرئيسة لهذه الحالة:
- ألم في الأعضاء التناسلية أو حولها
- الشعور بالضغط أو الامتلاء في الأعضاء التناسلية
- تورّم حول الأعضاء التناسلية
- ألم يزيد سوءاً بعد الوقوف أو النشاط البدني والجنسي
كما يمكن أن تؤثر الأوردة على العجان (Périnée)، المنطقة الواقعة بين المهبل (Vagin) والشرج (Anus). وتجدر الاشارة، الى أنّ بعض النساء المصابات بالدوالي الفرجية يمكن أن يصبن أيضاً بالبواسير».
التغيّرات الهرمونية
4 في المئة من النساء، يصبن بالدوالي الفرجية خلال الحمل، وتزول غالباً من تلقاء نفسها في غضون 6 أسابيع بعد الولادة. ويفسر د. عسيران أنّ «الحمل هو السبب الأكثر شيوعاً للدوالي الفرجية، وتشير دراسة أجريت عام 2017 إلى أنّ 18 إلى 22 في المئة، من جميع النساء الحوامل و22 إلى 34 في المئة من اللواتي لديهن دوالي الوريد بالقرب من الحوض يصبن بدوالي فرجية.
وتُعتبر دوالي الفرج غير اعتيادية لدى النساء اللواتي لم يحملن بعد، على الرغم من امكانية حدوثها عند النساء الأكبر سناً. ويحتوي كل وريد في الجسم على صمام يمنع تدفق الدم للخلف، وعلى أوردة (في الجزء السفلي من الجسم)، تعمل بجد لحمل الدم إلى القلب.
وفي التفاصيل، يؤدّي تدفق الدم المتزايد إلى الأعضاء التناسلية والضغط على الجزء السفلي من الجسم اثناء الحمل، إلى زيادة صعوبة تدفق الدم في الاتجاه الصحيح، ما يسمح بتدفق الدم إلى الوراء، وبالتالي تَشكل الدوالي. كما أنّ الاوردة تتوسع خلال الحمل بسبب التغيرات الهرمونية أو الضغط على الوريد الرئيسي الذي يسمى الوريد الأجوف السفلي، ما يسبب الدوالي ايضاً».
يلعب العامل الوراثي، دوراً في الاصابة، الّا أنّ غالبية المصابات لا يشعرن باي عوارض غير انتفاخ الأوردة. وبحسب د. عسيران «يستطيع الطبيب تشخيص الدوالي الفرجية من خلال فحص بصري بسيط، مع العلم انها يمكن أن تشير الى وجود مشكلة في الدورة الدموية. وفي هذا الاطار، تنقسم العلاجات بين المنزلية والاخرى الطبية، وهي على الشكل الآتي:
العلاجات المنزلية
يركز العلاج على التحكم في العوارض في المنزل، حيث تزول الدوالي الفرجية خلال شهر واحد من الولادة. وتشمل طرق منع حدوث الأوردة على:
- تجنب الجلوس أو الوقوف لفترات طويلة
- تغيير الوضعيات بشكل متكرر
- تجنب ارتداء الكعب العالي أو أيّ أحذية غير مريحة والتي تضغط على الجزء السفلي من الجسم
- رفع الوركين قليلاً اثناء النوم لمنع تجمع الدم في المنطقة
- شرب الكثير من الماء
أمّا تقنيات تخفيف الألم فهي:
- ارتداء الملابس الداخلية الداعمة للحمل، مثل جوارب الضغط
- النوم على الجانب الأيسر من الحمل لتخفيف الضغط على الوريد الأجوف
- تناول عقاقير مضادة للالتهابات غير الستيرويدية مثل نابروكسين.
الجراحة
من جهة اخرى، لا ينصح الأطباء بإزالة دوالي الفرج، وفي حال لم تختف الأوردة بعد بضعة أشهر من الولادة، يمكن اللجوء حينها الى الجراحة. وعلى الاثر، يوجد علاجان أكثر شيوعاً (يتم تنفيذهما تحت التخدير الكلي) وهما:
- الانصمام الوريدي: يستخدم هذا الإجراء القسطرة، لإغلاق الأوردة التالفة
- السحب عن طريق الأبر: يتمثل بحقن محلول في الوريد يعيق تدفق الدم، ويزيل الألم والتورم».
خطر على الولادة؟
قد تقلق النساء المصابات بالدوالي الفرجية من تأثير الأوردة على الولادة. ومع ذلك، فإن هذه الأوردة لا تميل إلى النزف كثيراً، ولا ترتبط باي خطر على الولادة. فمتى تحمل الدوالي الفرجية المضاعفات؟
يجيب د. عسيران «يمكن أن يؤدي ضعف الدورة الدموية إلى تجمع الدم في الأوردة، مسبباً جلطة دموية خطيرة تسمى تجلط الأوردة العميقة «DVT».
بالاضافة الى امكانية تكسر جلطات الدم في أعمق الأوردة وانتقالها إلى أي مكان آخر في الجسم. ورغم أنّ الجلطة الدموية نادرة عند الاصابة بدوالي الفرج، الّا أنّ على الطبيب مراقبة الأوردة كخطوة وقائية، وعلى النساء ايضاً ابلاغ الاختصاصي فوراً عند ملاحظة علامات الجلطة الدموية لا سيما الألم الجدّي في الوريد، الاحمرار، والانتفاخ.
في المقابل، تتشكل عند بعض النساء حالة ألم مزمنة تُعرف بمتلازمة احتقان الحوض، والتي يمكنها التسبب بتلف الأوردة المتعددة في الفرج والأعضاء التناسلية فينتج عنها تورم ومنع تدفق الدم إلى المنطقة».
الإصابة في كل حمل؟
لا تعتبر دوالي الفرج، حالة مزمنة او خطرة، كما تختفي عوارضها بعد فترة وجيزة من الولادة، وينصح د. عسيران «بعدم الحرج أو الخوف او القلق، بل التحدث إلى الطبيب للحصول على التشخيص اللازم والعلاج المناسب اذا لزم الامر، مشيراً الى أنّ «اللواتي يصبن بالدوالي الفرجية خلال الحمل الاول، قد يصبن بها في الحمل التالي، ويمكن ان تزداد الأوردة سوءاً أو أكثر الماً في كل حمل».