كتب عمر البردان في صحيفة “اللواء”:
بعد عودة رئيس الحكومة سعد الحريري إلى بيروت من فترة النقاهة، ينتظر أن يستعيد النشاط السياسي زخمه، من خلال عقد اجتماع للجنة الوزارية المكلفة دراسة خطة الكهرباء، تمهيداً لعرضها على جلسة الحكومة الأسبوع المقبل لإقرارها، بالرغم من الملاحظات الأساسية عليها التي وضعها حزب «القوات اللبنانية»، والتي سيترجمها وزراء الحزب اعتراضاً على الخطة داخل الجلسة، في حال بقي موقفهم منها سلبياً.
وقد علمت «اللواء» أن الاتجاه لدى الحكومة هو لإقرار خطة الكهرباء كما وضعتها وزيرة الطاقة، ولو بقي اعتراض «القوات» قائماً، في ظل التحذيرات الدولية للبنان من مغبة عدم معالجة قطاع الكهرباء، الأمر الذي سيرتب المزيد من الأعباء المالية على الخزينة ويفاقم من العجز القائم الذي تحذر منه الهيئات والمنظمات المالية الدولية، وفي مقدمها البنك الدولي.
وقد برزت هذه التحذيرات خلال جولة وفد البنك على المسؤولين اللبنانيين، لناحية ضرورة سير الحكومة بالإصلاحات الضرورية التي التزم بها لبنان في مؤتمر «سيدر»، سيما ما يتعلق بقطاع الكهرباء الذي يشكل أولوية لدى المسؤولين، بالتوازي مع الإسراع في إقرار الموازنة التي جرى التفاهم بشأنها بين رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيسي مجلس النواب والحكومة نبيه بري وسعد الحريري، بانتظار التوافق على تقليص حجم موازنة كل وزارة، باعتبار أنه لا يمكن إقرار الموازنة إذا لم يحصل هذا التقليص، سعياً لترشيد الموازنة وتخفيف النفقات مقارنة مع الواردات، وهو ما شدد عليه وزير المالية على حسن خليل، على أن يصار إلى بحث هذا الموضوع والتوافق عليه بينه وبين رئيس الحكومة والوزراء، قبل عرض الموازنة على مجلس الوزراء لإقرارها ومن ثم إحالتها إلى مجلس النواب.
وأشارت أوساط نيابية في هذا الإطار لـ«اللواء»، إلى أن وفد البنك الدولى حذّر المسؤولين اللبنانيين من عامل الوقت الذي قد يؤثر سلباً على الإصلاحات التي تنوي الحكومة القيام بها، في حال لم تبادر إلى وضع هذه الإصلاحات موضع التنفيذ، لأن الخيارات أمام لبنان بدأت تضيق، ولا بد من اتخاذ الخطوات التي تسمح في السير بالإصلاحات المطلوبة التي يحتاجها لبنان لتحسين مستوى اقتصاده الذي يكاد يقارب الخطوط الحمر، بعد تراجع الأرقام الاقتصادية في السنوات الأخيرة وما رافقه من تحذيرات دولية من خطورة عدم الاستهانة بوصول الوضع إلى ما وصل إليه، وبالتالي حتمية تلقف الإصلاحات التي التزمت بها الحكومة في مؤتمر «سيدر»، باعتبارها خطوة على الطريق الصحيح لإخراج البلد من أزمته.
وتشدد الأوساط على أن الوفد الدولي كشف بوضوح للمسؤولين الذين التقاهم أن دقة الظروف الاقتصادية التي يمر بها لبنان، تستوجب وجود تفاهم سياسي لإقرار الإصلاحات التي يجب ألا تتأخر أكثر، بعدما لمس الوفد بعض التأخير غير المبرر، نتيجة الخلافات بين القوى السياسية، وهو أمر يتعارض حتماً مع مصلحة لبنان الذي هو بأمس الحاجة للدعم الدولي والاستفادة من الأموال والقروض التي أقرتها الدول المانحة في مؤتمرات الدعم وآخرها «سيدر». وهذا ما دفع المسؤولين إلى الأخذ بعين الاعتبار لهذه التحذيرات التي ستكون محور زيارة وزير الخارجية الفرنسية الشهر المقبل، حيث أن هناك توافقاً تاماً بين الرؤساء عون، بري والحريري على ضرورة التقيد بالإصلاحات التي تعهد بها لبنان، سيما لناحية الإسراع في إقرار الموازنة وخفض العجز، بالتوازي مع التصدي لحالة الاهتراء في قطاع الكهرباء، عبر دعم خطة وزيرة الطاقة وتأمين الدعم اللازم لها، على أن يتبع ذلك خطوات أساسية في مكافحة الفساد في إدارات الدولة وترشيد الإنفاق وضبط مزاريب الهدر وتعزيز الواردات وتقليص النفقات، إلى جانب كل ما من شأنه تحسين مستوى الأداء الاقتصادي على مختلف المستويات.
وترى الأوساط أن سمعة الحكومة باتت على المحك، لأن أي تأخير في تنفيذ التزاماتها تجاه الدول المانحة، سيجعل هذه الأخيرة تعيد النظر بما وعدت لبنان به، وهو أمر جدي بعدما تلقى تحذيرات بهذا الخصوص، ما استوجب تحركات رسمية على أعلى المستويات من أجل الدفع باتجاه الإسراع في إقرار الموازنة ووضع خطة الكهرباء موضع التنفيذ بعد إقرارها في مجلس الوزراء، على أن يقوم مجلس النواب بكل ما هو مطلوب منه على صعيد التشريعات المطلوبة، لمواكبة الورشة الحكومية التي ستنطلق، سعياً لإنقاذ الاقتصاد من حالة الركود التي يعانيها، وبما يستجيب مع السعي الدولي لانتشال لبنان من واقعه المأزوم .