Site icon IMLebanon

لبنان بلا عون وبري.. والمرحلة المقبلة غير مُطمئنة!

ترتسمُ في لبنان معالمُ مشهديةٍ يتقاسُمها عنوانان، أوّلهما «شدُّ أحزمةٍ» ترتفعُ «الصرخاتُ» حيال ضرورةِ اعتمادِه تفادياً لـ«الأسوأ» مالياً واقتصادياً وسط «شدُّ حبالٍ» يتصاعد حيال أولوياته وآلياته، وثانيهما تَراخٍ سياسي أقرب إلى الخواء بفعل استراتيجية الواقعية التي تعتمدها مكوّناتٌ أساسيةٌ بإزاء الإشكاليات الكبيرة التي لا تَحْضُر إلا «على متن» زياراتٍ لمسؤولين دوليين الى بيروت أو عبر الإطلالات الخارجية لكبار المسؤولين اللبنانيين، والتي غالباً ما تحكمها مقارباتٌ باتت تعكس ما يشبه «الفوضى» الديبلوماسية.

ويطلّ لبنان على أسبوعٍ حافل خارجياً وداخلياً، يبدأ من مشاركة رئيس الجمهورية ميشال عون في القمة العربية في تونس الاحد على رأس وفدٍ وزاري، أريد له أن يمثّل غالبية المكوّنات اللبنانية في سياق ما اعتُبر تَدارُكاً لمشهد القمة مع الرئيس الروسي فلاديمر بوتين قبل أيام التي اقتصر الوفد اللبناني إليها على عون وصهره وزير الخارجية جبران باسيل والمستشارة الأولى في القصر الجمهوري السيدة ميراي عون.

وينُتظر أن يتطرق عون، الذي وصل الى تونس امس، في كلمته الى العناوين الإقليمية وقضية النازحين والتحديات التي يفرضها القرار الاميركي حيال الجولان، وسط رصْدٍ لكيفية صوغ لبنان موقفه حيال الأزمة السورية في ظل التباينات العربية في ما خص شروط عودة النظام السوري الى الجامعة العربية، ولما إذا كانت توصيات القمة ستُبقي على بند التضامن مع لبنان بصيغته التقليدية.

ويغادر بيروت الاحد أيضاً رئيس البرلمان نبيه بري متوجّهاً الى العراق في إطار زيارةٍ رسمية تستمر حتى 5 نيسان المقبل يلتقي خلالها كبار المسؤولين والسيد علي السيستاني، على ان ينتقل بعدها إلى قطر للمشاركة في مؤتمر الاتحاد البرلماني الدولي الذي يعقد في الدوحة (بين 6 و 10 نيسان).

ولم تحجب الأسفارُ الخارجيةُ الاهتمامَ بالملفات المالية – الاقتصادية الصاخبة التي ستستعيد زخمها بعدما عاد رئيس الحكومة سعد الحريري من باريس حيث خضع لعلمية تمييل ناجحة في شرايين القلب، ويستعدّ لمعاودة إدارة محركات العمل الحكومي ولا سيما على خطيْ تسريع الخطى لإقرار مشروع موازنة 2019 وإنجاز خطة الكهرباء، وهما العنوانان الأكثر إلحاحاً واللذان يُعتبران المؤشر الفعلي لمدى جدية لبنان في البدء بالمسارات الإصلاحية (لمالية الدولة) «الشرْطية» للاستفادة من مقررات مؤتمر «سيدر» وتفادي خطر الانزلاق الى انهيارٍ يزداد التحذير من إمكان بلوغه بحال لم تقتنع القوى السياسية بأن البلاد لم تعد تملك «ترف الوقت».

وفيما كان وفد البنك الدولي الذي زار لبنان يحذّر من أن الإصلاحات التي بدأتها الحكومة في ملاقاة مؤتمر «سيدر» ما زالت لا ترتقي إلى المستوى المرتقب، واصفاً الوضع الاقتصادي الحالي في «بلاد الأرز» بأنه «دقيق ووصلنا الى مرحلة حيث الوقت ثمين جداً»، داعياً لاتخاذ الخطوات التي تتيح السير بالإصلاحات المطلوبة قبل بلوغ الخطوط الحمر وتَجاوُزها، لاحت مؤشراتٌ غير مُطَمْئنة حيال المرحلة المقبلة على هذا الصعيد بحال لم يجرِ تدارُكها سريعاً.

وفي هذا الإطار توقّفتْ أوساطٌ سياسيةٌ عند ارتفاعِ وتيرة الإيحاءات من فريقِ بري وأطراف آخرين بأن ثمة تلكؤاً متعمّداً من رئيس الحكومة عن إقرار موازنة 2019 في مجلس الوزراء، ربْطاً بموضوع قطوعات الحسابات عن أعوام 1997 وحتى 2016 ورغبةً بتمرير الموازنة وفق قطع حساب 2017 فقط، وهو الأمر الذي يعكس تصويباً على الحريري لا يُعرف المدى الذي سيأخذه ولا تفاعلاته المحتملة.

علماً انه كان بارزاً أمس توجيه الأمين العام لكتلة التنمية والتحرير النائب أنور الخليل رسالة الى الحريري اعتبر فيها أن الوقت لم يعد متاحاً لمجلس الوزراء لأن يبقي على بطء حركته في جداول أعماله، متوجهاً الى رئيس الحكومة: «آن الأوان أن تُطلق صرخةً مدويةً بإقامة حالة طوارئ اقتصادية، مالية، اجتماعية، تنبئ بملاقاة الاوضاع المتردّية في البلاد»، ومؤكداً على «أولوية إقرار موازنة (…) تُظْهِر عجزاً مقبولاً محلياً ودولياً».

وفي سياق متصل، تستمرّ الأجواء «مكهْربة» بين «التيار الوطني الحر» وحزب «القوات اللبنانية» على خلفية تحفُّظ الأخير على خطة الكهرباء التي من المقرر معاودة النقاش حولها في اللجنة الوزارية الأسبوع الطالع قبل جلسة مجلس الوزراء الخميس، التي يفترض ان تبتّها بوصْفها مدخلاً رئيسياً لإصلاحات «سيدر» ومقياساً لمدى جدية الحكومة في مسار وقف الهدر ومسبباته.