شدد نائب رئيس مجلس الوزراء غسان حاصباني على أن “عندما يكون الواقع الاقتصادي والمالي في خطر علينا أخذ خطوات مدروسة، ولا يمكننا القيام بتجارب والمجازفة عبر خطوات ترتب عجزا اضافيا على الخزينة”، لافتا إلى ان “الخطط موجودة دائما، لكن الخوف ان يتلطى بعضهم خلف الحاجة الماسة للإصلاح وإجرائه بسرعة ويستعملها شعارا لتمرير مشاريع من تحت الطاولة”.
وأضاف حاصباني، في حديث الى “اذاعة الشرق”: “هناك دول كبرى لديها أجندتها على الأرض في المنطقة، وعندنا كل يرى مصلحة لبنان من منظاره، سنلتقي على المصيبة وتحديدا الاقتصادية اذا لم تتقارب وجهات النظر، فمشاكل المنطقة تتزايد وعلينا اعتماد النأي بالنفس والأولويات اليوم مالية، الخطر مالي اقتصادي، وعلينا التركيز على الاصلاحات الحقيقية والوقت ليس لمصلحتنا، وإذا انهارت الدولة ماليا لا ينفع التراشق الكلامي حينئذ، الوعي مهم جدا ونتمنى ان يكون هناك نوعان من النقاش في الموازنة: الاول رسم السياسات واتخاذ القرار الجريء والثاني ألا نخفي كل الحلول عن الرأي العام”.
وأشار حاصباني الى ان “هناك الكثير من خطط للكهرباء ومع طرح كل خطة نلاحظ زيادة الاعتماد على الطاقة الموقتة، ففي العام 2010 كان حجم الطاقة الموقتة 400 ميغاوط، في خطة العام 2017 اصبح 800 ميغاوط واليوم في خطة العام 2019 بلغت الطاقة الموقتة المقترحة 1400 ميغاوط. اصبح اكثر من نصف الحاجة للإنتاج يأتي من الطاقة الموقتة، فهل الهدف من زيادة حجمها ان “تنقش شي مطرح” ويأتي جزء منها من البواخر؟ وماذا يحصل اذا أصبح الموقت دائما كما حصل في السابق”؟
وأكد حاصباني أن “القوات اللبنانية” “مع ما يقوله البنك الدولي في ملف الكهرباء، من انه علينا ان نتأكد ان الخطط قابلة للتنفيذ عبر الخطوات التي يطلبها وهي أولا إزالة الهدر التقني وغير التقني عن الشبكة قبل زيادة الإنتاج. وإذا سلمنا جدلا ان الهدر 37% فهذا يعني انه سيذهب جزء كبير من إنتاجنا اذا زدناه هدرا، حتى زيادة التعرفة لا يمكنها تغطية كلفة الإنتاج في ظل هدر الشبكة، و الهدف من ملاحظات القوات هو التأكد من أن الخطط قابلة للتنفيذ، ما نقوم به اليوم هو تفكيك ألغام مزروعة داخل الخطة، ألغام عن قصد وغير قصد، الخطر الأكبر على الخطة هو من ذاتها وما سيفشل الخطة هو الخطة نفسها”.
وسأل حاصباني: “المسلمات موجودة في الخطة، وإن كنا مع إزالة الهدر عن الشبكة، ما الذي منع ذلك من قبل؟ هناك تعديات وهدر على الشبكة وفي المخيمات وتقصير في الجبايات وفواتير تتأخر لسنة ونصف السنة احيانا، كل هذا يهدر اموالا كان يجب ان تدخل الى خزينة الدولة. اين العدادات الذكية؟ لماذا لم يتم تركيبها؟ يقال هناك اضراب للمياومين، ولكن هل الاضراب مستمر منذ العام 2010″؟
وأردف: “قبل زيادة الإنتاج ورفع التعرفة علينا التأكد من ان كل هذه العوامل عولجت بشكل كبير، فهل نزيد الانتاج ونرفع التعرفة على المواطن ثم نكتشف استمرار الهدر ونطلب الدعم؟ فيصبح على المواطن دفع تعرفة اعلى وعلى الدولة تقديم المزيد من الدعم للفيول بسبب الهدر ونخلق عجزا اضافيا واكبر في الخزينة، ولا نحقق الاصلاحات المطلوبة ولا توصيات البنك الدولي وتصبح الكارثة اكبر”.
وأوضح أن “هذا هو اللغم الاول الذي تسعى “القوات” الى تفكيكه، وهذا لا يعني ان الوزيرة لا تريد التأكد مثلنا من مدى القدرة على تطبيق هذه الخطة”، مضيفا: “نريد التأكد من عدم وجود عوامل تمنع تنفيذ الخطة، لقد اقرينا الخطة سابقا ولم تنفذ مراحلها وصلة المنصورية على سبيل المثال لم تنفذ”.
وأعرب حاصباني عن خوفه من ان “اذا انطلق العمل بالخطة وتمت عرقلة الى الحل الدائم، يبقى الموقت وتزيد المشكلة على سنوات ونقع في الدوامة نفسها التي وقعنا فيها منذ ما قبل 2010 عندما تغرق السفينة لن نلوم القبطان عندئذ ستكون غرقت، اكبر عدو للخطة هو الخطة نفسها اذا لم نوضح التفاصيل ونفكك الافخاخ”.
وردا على سؤال، قال حاصباني: “نحن لا نضع مؤتمر “سيدر” في خطر لأن “سيدر” يطلب اصلاحات، اذًا هم من يعرقل “سيدر”، حين يطلب تشكيل الهيئة الناظمة لقطاع الكهرباء للاصلاح ولا تشكل، تكون هذه عرقلة للاصلاح. لا شك ان هناك تأخيرا في الموازنة، ولا يمكن ان تكون الإصلاحات الا بإجراءات موجعة وقرارات صارمة، ملزمون ان نأخذ هذه القرارات. نحن راسلنا مجلس الوزراء رسميا كوزراء “القوات اللبنانية” لطرح الموازنة، ونحن ملزمون ببحثها هذا الاسبوع وعدم الانتظار”.
وأضاف: “الموازنة بحاجة الى عملية جراحية كاملة، بدءا من الكهرباء لأنها تشكل قسما كبيرا من العجز في خزينة الدولة، نستطيع تجنب الانهيار ومكافحة الفساد بإصلاحات جدية اذا شكلنا الهيئات الناظمة وقمنا بالإصلاحات في الكهرباء، تخفيض الأكلاف غير الأساسية من تقاعد وأجور وتوظيفات عشوائية، اصلاح قطاع الاتصالات وإدخال استثمارات كبرى على القطاع ما يدخل 5 الى 6 مليار دولار في سنة واحدة الى الخزينة، ضبط الجمارك والفساد فيه، عندئذ نجري الاصلاحات وتخف خدمة الدين ولا نعود بحاجة لـ”سيدر”، فالاصلاح يدفع الاستثمار الرأسمالي ان يأتي الى الدولة، لقد طلبت عند انعقاده ان يكون “سيدر” مؤتمرا إصلاحيا لا تمويليا”.