Site icon IMLebanon

“الكذب ملح اللبناني”! (شادي طنوس)

ينتظر الكثيرون الأول من نيسان ليفجرون “مواهبهم” في “الكذب” على رفاقهم وأهلهم، فيما أن البعض تكون قد جنت الحياة عليه ليتلقى الكذبة تلو الأخرى.

العالم يتفاعل مع 1 نيسان وكذبته، طبعا للمزاح، إلا في لبنان. فالكذب عندنا “متل الكشك” في الأول من نيسان أو في الـ364 يومًا الأخرى من السنة، فلا تاريخ يمكن أن يحصر الكذب لدى اللبناني!

فمجتمعنا لا ينقصه إلا الأول من نيسان لكي تكون كذبته مبررة، وذلك بدءا من يومياتنا وصولا لمن يتربعون على عرش المسؤوليات في هذا البلد. “داء الكذب” منتشر ولا علاج له.

“ابني مدير”، “ابني داير مجموعة شركات ما بتخلص”، “خيي الإيد اليمين للزعيم حتى إنو ناطر منو كلمة”، “بنتي كلمتا ما بتصير تنين عند مديرا”… وأخبار لا تعد ولا تحصى تمر يوميا عشرات ومئات المرات لأن الكذب من قواعد الحياة عند اللبناني.

والأعلى تمرسا في الكذب، هؤلاء الأشخاص الذين امتهنوه وأصبح في صلب حياتهم، فالذي لا يكذب، ولو مرة واحدة في اليوم، ينزعج، يشعر بأن هذا اليوم لم يستفد منه ولم ينفذ شيئا فيه!

الشعب اللبناني وصل إلى مرحلة لا يجد فيها حلا للخروج مما يعانيه إلا الكذب و”التفشيط”. ولكن هل يلام إذا كان من أولاهم على بلده يكذبون عليه؟ يجعلونه في إجازة من الوهم والخيال؟ سرقوا أحلامه وطموحاته بحفنة من الوعود تتبخر بعد وصولهم إلى السلطة؟ وحتى وهم في قلب السلطة يعتبرون أن الكذب هو الحل الأنسب لضمان استمراريتهم وتسلبطهم على الشعب؟

بما أننا نتسلى بالكذب، لماذا لا نجعل في كلامنا بلدنا لبنان من أجمل البلدان. لا حُفر تجبرك على تغيير سيارتك كل 6 أشهر، بنى تحتية نحسد عليها، جسور تصل سهل لبنان بجبله، لا وجود للزحمة الخانقة؛ إلا عندما تكون ناتجة عن تهافت الناس على المحلات ليس أكثر! محطات للقطار، الكهرباء 24 ساعة على 24 وباكتفاء ذاتي والمفاوضات تجري مع الدول المجاورة لنبيعها الكهرباء…!

تحول نهار الكذب إلى سياسة دخلت مجتمعاتنا، شرذمتها، وجعلت الثقة مفقودة بين أبناء هذا المجتمع، وأرست معادلة جديدة أضيفت إلي سيئات مجتمعنا: “أكذب تنجح”!

الأول من نيسان تاريخ لم يكن إلا لزرع الضحك والفرح في قلوب الناس بالرغم من الأحزان والمشاكل التي يمر بها أي إنسان في هذا العالم. واسمحوا لي أن أكذب لأتصرف بمثل لبناني يتناسب مع واقعنا فأقول: الكذب مش ملح الرجال، “الكذب ملح اللبناني”!