نظمت الامانة العامة لمجلس النواب والهيئة النيابية لتنفيذ خطة التنمية المستدامة بالتعاون مع برنامج الامم المتحدة الانمائي اجتماع عمل في مجلس النواب لمناقشة تقرير الاطر التشريعية والرقابية في سبيل القضاء على الفقر لجميع اشكاله ولتحقيق الهدف (1) من اهداف التنمية المستدامة.
حضر الاجتماع النواب: علي بزي، فؤاد مخزومي، عناية عزالدين، بيار بو عاصي، سيمون ابي رميا، عاصم عراجي، جورج عقيص وأنور جمعة، المنسق المقيم للانشطة للامم المتحدة في لبنان ومنسق الشؤون الانسانية فيليب لازاريني كما حضر خبراء وباحثون وممثلون عن الوزارات والادارات ومنظمات المجتمع المدني وجمعيات.
وكانت كلمة لعضو الهيئة النيابية لتنفيذ خطة التنمية المستدامة، النائب علي بزي ممثلا مجلس النواب، الذي قال: “ان موضوع الفقر متعدد الابعاد يشمل النهوض بعدد من القطاعات الاقتصادية والاجتماعية والحقوقية ضمن استراتيجية متكاملة للتعامل معه تكون مبنية على مؤشرات لقياس سبل وغايات القضاء عليه. من هنا وفي ظل غياب استراتيجية وطنية متكاملة للتعامل مع الفقر وفي ظل عدم توافر المؤشرات تأتي اهمية هذا الاجتماع الذي يجمع المعنيين من مختلف الجهات لمناقشة المبادرات المطروحة في التقرير قيد النقاش لتكون مبادرات تدريجية ورقابية متكاملة تشكل خريطة طريق عمل الهيئة النيابية لتطبيق انجازات تحد من نسب الفقر في لبنان من خلال سن او تعديل التشريعات واعتماد الميزانيات ومساءلة الحكومة”.
وأضاف: “تشير الدراسات على مدى الـ15 عاما الماضية الى ان نسبة الفقر في لبنان هو 30% ومع ذلك فقد اصبح معلوما ان النزوح السوري قد زاد من نسب الفقر في لبنان مع وصول 1.5 مليون نازح سوري منذ بداية الازمة السورية في اذار 2011، وبحسب تقديرات البنك الدولي فإن نحو 200 الف لبناني اضافة الى 30 في المئة من اللبنانيين يعيشون تحت خط الفقر وهذا يعني ان ثلث اللبنانيين يعتاشون على اقل من 3000 ل.ل في اليوم مع ما تحتاجه حياتهم اليومية من اكل وشراء ودواء ومياه وغيرها، وهذا رقم غير كاف لحياة طبيعية وإنسانية وتذهب تقديرات البنك الدولي الى ان ما بين 250 الف مواطن لبنان اصبحوا في عداد العاطلين عن العمل”.
وتابع: “بناء على ما تقدم يصبح من الضروري العمل على تثبيت دور وزارة الشؤون في وضع استراتيجية متكاملة للتعامل مع الفقر وعدم الاكتفاء بمبادرات جزئية، ان استراتيجية مكافحة الفقر يجب الا تكون معزولة عن السياسات الاجتماعية العامة المتكاملة التي تضمن محاور رئيسية مثل محور الخدمات العامة من كهرباء وماء وصرف صحي ونقل وسكن والزامية ومجانية التعليم”.
وختم: “بعد هذا الاجتماع سوف يتم تحديد الاولويات التشريعية المتعلقة بخفض نسب الفقر الواردة في التقرير وخصوصا تلك المتعلقة بتحقيق التغطية الصحية الشاملة للفقراء، تأمين فرص عمل للشباب، قانون تحديد سن الزواج، قانون اللامركزية الادارية قانون ادارة الكوارث”.
ثم تحدث لازاريني فشدد على “اهمية مناقشة الاطر التشريعية والتنظيمية للقضاء على الفقر والذي يأتي في وقته المناسب لأنه يقترح خارطة طريق وتحقيق الهدف ملاحظة التنمية المستدامة 2030″، مشيرا الى ما قاله النائب بزي من ان “الواقع يفيد ان الفقر ينهش بعدد كبير من اللبنانيين الذين يعيشون بدولارين في اليوم الواحد”، وقال: “قد يعتقد البعض ان الفقر يقاس من خلال مستوى الدخل الا ان اسباب الفقر ترتبط بمواضيع اخرى تتعلق بالتعليم والوصول الى الخدمات منها السكنية وغيرها ممن تفتقده الاسر الفقيرة”.
ولفت لازاريني الى ان “المرأة تشكل ثلث القوى العاملة فعندما تكون اكثر قدرة وإمكانات تكون البلدات اقل عرضة للنزاعات وبالتالي لا بد من تعزيز قدرات المرأة”، كما لفت الى “ما تطرق اليه النائب بزي من ان لبنان يعاني من ازمة بطالة تصل الى 40 بالمئة في طرابلس و 60 بالمئة في عكار”، وقال: “ان هذه النسب تؤثر على الشباب بصورة مباشرة وأوضح ان نسبة العاطلين عن العمل في لبنان مرتفعة لذلك علينا اعتماد برامج حماية اجتماعية وتنظيم سوق العمل ومعالجة التفاوت في الفقر الذي يحصل في كثير من الاحيان على مستوى الاسرة الواحدة”.
ودعا الى “تعديل بعض القوانين التي تساهم في القضاء على الفقر”، واعتبر انه “ليس هناك من قطاع وحده قادر للقضاء على الفقر لذلك يجب ضم الجهود مع بعضها البعض”، مبديا الاستعداد للمساعدة”.
وبعد الاستراحة انعقدت الجلسة الاولى التي ترأسها عضو الهيئة النيابية لتنفيذ خطة التنمية المستدامة سيمون ابي رميا الذي قال انه “لا توجد ارقام وثيقة حول نسبة الفقر في لبنان”، وأعرب عن “اعتقاده ان اهداف التنمية المستدامة يقع ضمن خطة متكاملة بالموازنة وبالانفاق الاجتماعي وهو يتطلب جهدا جبارا من اجل تطبيق المرجو منها”.
وكانت مداخلة للنائب فؤاد مخزومي أكد فيها أنه “دخل إلى الندوة البرلمانية مؤخرا بصفته رجل صناعة”، مشيرا إلى أن “مؤسساته منتشرة في حوالى 50 بلدا حول العالم، وأنه منذ عودته إلى لبنان في أوائل التسعينيات لاحظ أن الحكومة لا تقوم بواجباتها، وأن هناك نقصا في مجالات عدة تحاول الجمعيات ومؤسسات المجتمع المدني تعويضه وسد ثغراته”.
واعتبر “أن هنالك خللا معينا، إذ ان المجلس النيابي لا يقوم بدوره الطبيعي في المراقبة والمحاسبة”، متسائلا: “كيف للمجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء أن يكون مؤلفا من أعضاء الكتل النيابية”، معتبرا أن “هذا الأمر لن يساهم في محاسبة الفاسدين”.
وتحدث عن الفساد في مرفأ بيروت وملف الكهرباء والتهرب الضريبي، لافتا إلى أن “الجميع ينادي بالقضاء على الفقر ولا نرى خطوات عملية لذلك”. وتمنى أن يتم “الكشف عن هوية الفاسدين الذين جمعوا ثرواتهم منذ الحرب الأهلية حتى اليوم”، مشيرا إلى “دخول 79 وجها جديدا إلى مجلس النواب معظمهم من رجال الأعمال الذين يدركون أن الشفافية والحوكمة خطوات مهمة جدا في محاربة الفساد”.
ودعا إلى “جذب الاستثمارات إلى بلدنا وتوفير فرص عمل للشباب اللبناني الذي يتمتع بمهارات تعليمية عالية جدا”، مشددا على “ضرورة تطوير المناهج التعليمية بما يتلاءم مع متطلبات العصر وتطور التكنولوجيا”.
بدوره، شدد النائب بيار بو عاصي على “اهمية السياسة العامة للدولة”، داعيا الى ان “تضع الحكومة تصورا شاملا لسياستها العامة يأخذ بعين الاعتبار الواقع الاقتصادي والاجتماعي للاسر اللبنانية”، متحدثا عن “الاسر الاكثر فقرا”.
ثم كانت مداخلة للنائب عزالدين فدعت الى “تغيير العقلية السائدة والانتقال الى مقاربة انسانية شاملة لموضوع الفقر”، وشددت على ان “اي عملية اصلاحية يمكن لها ان تخفف من الفساد وتحد من الفقر كما تخفف من التمييز على اساس الجندر”.
بعد ذلك انعقدت الجلسة الثانية وترأسها عضو الهيئة النيابية لتنفيذ خطة التنمية المستدامة النائب جورج عقيص الذي رأى ان “في كل الدول الراقية والمتقدمة والصناعية هناك فئات مهمشة وفقيرة تجد لها الدولة حلولا لمعاناتهم من خلال برامج مختلفة”، وقال ان “الحديث عن الفقر في لبنان لم يعد فقر اشخاص بل فقر دولة وشح موارد وهدر موارد اخرى من هذه الدولة وعدم الاستفادة من البعض الاخر”.
ثم كانت مداخلة للنائب عاصم عراجي الذي أشار الى ان “نسبة الفقر في المناطق تتفاوت بين واحدة واخرى”، متحدثا عن “موضوع البطالة الذي يصل الى 36 بالمئة في بعض المناطق، ففي البقاع مرتفعة بشكل خطير ونتيجة ازمة النزوح السوري حيث يتواجد عدد كبير من السوريين وخاصة في البقاع الاوسط حيث وصلت الى 50 بالمئة ففي بلدة بر الياس هناك مئة الف لاجئ سوري الذين اخذوا كل الاعمال من البناء الى العمل في الزراعة وغيرها وغيرها”.
ثم تحدث عن قطاع الصحة والتعليم الذي “يستنزف مداخيل اللبنانيين”، متطرقا الى “تعاونية موظفي الدولة والضمان الاجتماعي فضلا عن مشروع ضمان الشيخوخة والبطاقة الصحية الشاملة التي توفر الكثير على المريض”.
بدوره شدد النائب انور جمعة على ان “تضع الحكومة الاولويات على رأسها برنامج عملها”، لافتا الى ان “لبنان الذي يعاني ما يعانيه من سياسات عشوائية لا سياسة واحدة وذلك من خلال الحكومات المتعاقبة”، ورأى ان “معالجة الفقر تتطلب معرفة المعضلة الاساسية”، وسأل: “لماذا لا يستطيع المرء ان تكون لديه قدرة شرائية وامكانية الدخول الى المستشفى والمدرسة وتأمين التعليم؟”، وتناول موضوع “الصرف ودين الدولة الذي هو على ارتفاع”.
كما كانت مداخلة لوزير الشؤون الاجتماعية ريشار قيومجيان الذي تحدث عن “مفهوم التنمية المستدامة وفق تعريف الامم المتحدة والتي من اهدافها الاساسية القضاء على الفقر وتامين موارد الانتاج”، وركز على “محاربة الفقر”، ولفت الى ان “لبنان يتجه الى ان تكون درجة الفقر 30 بالمئة وان 10 بالمئة ترزح تحت الفقر المدقع”.
ثم تحدث عن “مشروع دعم العائلات الاكثر فقرا” وقال: “ان هناك اعادة نظر بموازنة وزارتي الشؤون الاجتماعية والصحة المعنيتين بحياة الانسان وصحته وسعادته”، متمنيا ان “يقف النواب الى جانبي في هذه المعركة”. وأكد ان “الوزارة تقوم بمراجعة تقضي بإنقاص موازنة عدد من الجمعيات بعد ان تكون الوزارة قد انكبت على دراسة ملفاتها وذلك بطلب من الرئيس الحريري”، منبها الى ان “هناك جمعيات خط احمر لا يمكن المس بموازنتها مع وعدي والتزامي بأن الجمعيات التي لا تستأهل سيتوقف الدفع لها”.