كتب نبيل هيثم في صحيفة “الجمهورية”:
المحطة الأساسية في زيارة رئيس المجلس النيابي نبيه بري إلى العراق، تجلّت في لقائه في النجف الأشرف المرجع الشيعي الأعلى آية الله السيد علي السيستاني، لما يكتسيه هذا اللقاء من أهمية ورمزية ودلالة وأبعاد، وعلى وجه الخصوص على المستوى الشيعي، وأيضاً على مستوى الوضع العربي والإسلامي.
لعلّ القاسم المشترك في مقاربة صورة المنطقة وهمومها بشكل عام، تبدّى في أنه كما هو حال لبنان، كذلك حال العراق؛ معاناة اقتصادية، وأزمات متراكمة على كل المستويات تستوجب علاجات فورية قبل سقوط الهيكل.
واذا كان الخطر الارهابي قد ضعف وتراجع بإرادة شعبية رسمية وحكومية وشعبية تصدّت له وواجهته وانتصرت عليه، إلّا أنّ الأخطر الأكبر الذي لا يقلّ حماوة عن الخطر الارهابي، هو خطر الفساد الذي استفحل وبات يتطلب بدوره عمليات جراحية وإجراءات موجعة على كل المستويات، بالتوازي مع ادارة سليمة للسلطة ورقابة فاعلة ومحاسبة فورية ورادعة، من قبل السلطة التشريعية بالتوازي مع إصدار التشريعات الضرورية المانعة لهذه الآفة.
كان الرئيس بري قد التقى في النجف امس، السيد السيستاني، وجرى عرض شامل للواقع الإسلامي من زاوية الوحدة الوطنية الجامعة لكل الأطياف السياسية والدينية. كذلك جرى عرض للواقع العراقي بكل تفاصيله، واستطراداً للواقع اللبناني.
استمرّ اللقاء قرابة الساعة صرّح على أثره الرئيس بري لحشد من وسائل الإعلام فقال: كما تعلمون تشرفتُ كثيراً بلقاء سماحة المرجع وبدأتُ بتهنئته على الإنتصار على الإرهاب الذي كان لسماحته الدورُ الأكبر بمرجعيته الرشيدة في بناء الدفاع عن العراق، إذ تكمن بسرعة تشريع تطويع الألوف المؤلفة وضمها الى القوى المسلحة التي قاتلت الطغيان الإرهابي.
ولا يزال سماحته يقاتل في سبيل وحدة العراق وإنمائه ومحاربة الفساد، وبالتالي فهو يخوض حرب الحياة للشعب العراقي بكل مناطقه وفئاته دون تفرقة او تمييز، لا شيءَ عنده أغنى من التنوّع وبتشجيعه على أن يلعب العراق دوره الإقليمي الجامع. اختصاراً أنا كنتُ اليومَ امام رجل في دولة أو دولة في رجل اطال الله عمره، بل هو نغمة ونفحة سماوية في سمائنا ونعمة في اربع رياح الارض.
سئل: هل تطرقتم الى موضوع الجولان؟
اجاب: ناقشنا مواضيع كثيرة ولا اريد أن أضيف على هذا التصريح شيئاً آخر باعتبار أنّ هذا ما شعرتُ به وشعرتُ بعطفه وحنانه وتحنانه على لبنان وعلى العراق، تعرفون كما قلت في اربع رياح الارض المرجع لنا جميعاً بدون استثناء.
سئل: لماذا جاءت هذه الزيارة بهذا التوقيت؟
اجاب: كان يجب أن تسأل لماذا تأخرت بهذه الزيارة.
كذلك زار بري العتبات المقدسة، ومن ثم زار على التوالي، المرجع السيد محمد سعيد الحكيم. والمرجع الشيخ محمد اسحاق الفياض، ثم المرجع الشيخ بشير النجفي.
عبد المهدي
وكان بري قد التقى مساء الاحد، رئيس الوزراء العراقي عادل عبد المهدي بحضور عدد من الوزراء والمستشارين وعضو هيئة الرئاسة في حركة «أمل» رئيس مجلس الجنوب الدكتور قبلان قبلان والسفير اللبناني في العراق علي حبحاب والسفير العراقي في لبنان علي العامري. ودار الحديث حول تطوير العلاقات والتعاون بين لبنان والعراق والتطورات في المنطقة.
ثم عقد رئيس الوزراء العراقي والرئيس بري لقاءً موسعاً ضمّ رئيس الحكومة العراقي السابق نوري المالكي ونواب رئيس المجلس وعدداً كبيراً من الوزراء ورؤساء واعضاء الكتل النيابية والسياسية ومن مختلف التيارات والطوائف الغسلامية والمسيحية وعلماء دين ورئيس مجلس القضاء الاعلى ورئيس المحكمة الاتحادية.
في مستهل اللقاء رحّب عبد المهدي بالرئيس بري وقال: «نرجو أن تكون زيارتكم هذه خطوةً أولى في المسيرة الطويلة لتمتين العلاقات والتعاون بين بلدينا. ولبنان يستطيع أن يقدّم الكثير للعراق، وكذلك يستطيع العراق أن يقدّم الكثير له أيضاً.
واشاد بدور وإنتاجية اللبناني على غير صعيد، مشيراً الى أنّ لبنان يتميز بالعديد من المواصفات والأدوار ومنها الى جانب كفاءة اللبنانيين موقعه العلمي، والنظام المصرفي الذي يمثل درجةً عالية ليس في المنطقة فحسب بل في العالم ايضاً.
كما نوّه بالدور الذي لعبه الرئيس بري على الصعيد الإنمائي لا سيما في الجنوب، مشيداً أيضاً بدور البلديات في هذا المجال.
بري
وشكر الرئيس بري رئيس الوزراء العراقي وقال: إن لدى لبنان عنصر قوة هو الانسان، ولعلّ الصناعة الوحيدة التي أتقنها اللبناني هي صناعة الانسان.
واشار في هذا المجال ايضاً الى دور الاغتراب اللبناني في كل انحاء العالم. وقال «إنّ اللبنانيين المقيمين والمغتربين حققوا النجاحات عندما كانوا موحَّدين وهم يستطيعون أن يحققوا المزيد منها بوحدتهم، فلبنان هذا الصغير عندما توحّد استطاع أن ينتصر على اسرائيل ليس لمرة واحدة بل لمرات ومرات، واليوم نحن والحمدلله لدينا قوة ردع في وجه العدو الاسرائيلي قادرة على التصدي له وتحقيق المزيد من الانتصارات.
واضاف الرئيس بري: إنّ لاسرائيل اطماعاً بمياهنا لكننا لن نتنازل عن كوب واحد من المياه كما عبّرتُ منذ اسبوع لوزير الخارجية الاميركي. وكما استطعنا بوحدتنا أن نحقق الانتصار على اسرائيل فإننا استطعنا ايضاً أن ننتصر على داعش والإرهاب، ولولا هذه الوحدة الوطنية لكان الانتصار أصعب إن لم نقل مستحيلاً.
وشدّد الرئيس بري على وحدة العراق ارضاً وشعباً وعلى ضرورة تفعيل وتعزيز دوره الاقليمي وقال: إنّ احد اهم اسباب زيارتي للعراق اولاً انه واجب قومي وديني ايضاً لأقول إن العراق يستطيع أن يلعب دوراً كبيراً وافعل على الصعيد الاقليمي، والمطلوب أن يعزّز سياسة الانفتاح التي ينتهجها، وهو يستطيع أن يلعب دوراً اكبر في المصالحة حتى بين المملكة العربية السعودية والجمهورية الاسلامية في ايران، وبهذه السياسة يستطيع العراق أن يقوّي جبهته الداخلية ودوره الخارجي ويصبح مرجعاً لا مراجعاً.
وقال: إنني بالمناسبة اجدّد القول ايضاً إنني اتمنى أن تبقى وحدة الشعب العراقي قائمة ومؤكدة انشاءالله. لبنان هو العراق والعراق هو لبنان، وعلينا أن نُترجم ذلك بتعزيز وتطوير التعاون بيننا في المجالات كافة. وكما عبّرتُ لدولة الرئيس عبد المهدي انّ هناك اهمية للبحث قي العمل على اعادة تشغيل خط كركوك – طرابلس النفطي.
وتناول الرئيس بري الوضع في لبنان مجدِّداً التأكيد على انّ الوضع الامني على احسن ما يرام، لكنّ الأزمة الاكبر اليوم في لبنان هي الوضع الاقتصادي الخطير بغض النظر عن سلامة الوضع النقدي. وعلينا العمل بكل جدّ لتخفيض العجز والّا فإنّ لبنان معرّضٌ لنتائج سلبية.
وتكلم عدد من المشاركين في اللقاء من وزراء ورؤساء واعضاء كتل برلمانية وسياسية وهيئات دينية اسلامية ومسيحية، فأشادوا بالعلاقات بين لنان والعراق، وبدور الرئيس بري وزيارته للعراق.
وحرصت النائب الأزيدية فيان دخيل على شكر الرئيس بري لرعايته علاجها بعد حادث الطائرة الذي تعرضت له. كما شكرت لبنان والاعلام اللبناني لوقوفه مع العراق في وجه داعش والارهاب.