Site icon IMLebanon

من يعيد سنواتنا المسروقة؟ (بقلم يورغو البيطار)

درجت العادة أن يتّهم اللبنانيون بعضَهم بكثرة “النق”. المسؤولون يلصقون هذه التهمة بالشعب، فيما ان بعض الموجودين في السلطة يتّهم جزءًا آخر من المشاركين بالحكم باحتراف “النق” او حتى “النكد السياسي”، كما يتهم أفراد الشعب بعضهم البعض بـ”النق” من دون طائل وبأنهم “مش شاطرين الا بالنق” خلال الجلسات الخاصة او في مواقع التواصل الاجتماعي من دون أن يتجسد “النق الجماعي” تغييرًا على أرض الواقع.

لكن ما هذه العادة الاجتماعية الا نتيجة تراكم الازمات الضاغطة اليومية التي ترافق اللبنانيين في كافة مراحل حياتهم، فلا سبيل أمامهم الى القليل من الشكوى والكلام الذي يعرفون جيدًا ان مفاعيله ستذهب ادراج الرياح.

اما أحدث “ترند للنق” فيتركز حول “جسر جل الديب” الذي يستمرّ عنوانا لمأساة حقيقية يعيشها كل من يمر على الأوتوستراد الساحلي تقريبًا في أي وقت من اليوم بين الضبية ونهر الموت لتمتدّ معاناة أوقات الذروة وصولًا إلى نهر الكلب شمالًا والكرنتنينا… وفي وقت ظن الكثيرون ان افتتاح الجسر الذي انتظره المواطنون لسنوات سيخفف من “الجحيم اليومي”، أتت الحقيقة لتحطّم أي أمل لديهم بالتخلص ولو جزئيًا من هذا الكابوس…

الواقع بسيط جدًا: “الجسر فاضي”! والملاحظة بالعين المجردة أكبر دليل، فبالكاد تمر سيارة او سيارتان في الدقيقة الواحدة على الجسر مقابل آلاف السيارات العالقة في الزحمة التي ازداد طينها بلّة عبر احتلال الجسر لقسم من الأوتوستراد ما يؤدي الى تفاقم الاختناق.

والأسوأ ان المسؤولين عن الجسر في حال غيبوبة كلامية شبه تامة.. ألم ترصد كاميرات المراقبة المشكلة الكبيرة على هذا الأوتوستراد بعد كل سنوات التخطيط والتنفيذ؟ هل لم نعلم يا ترى حقيقة الجسر بعد وهل هو مخصص فقط للمشاة اذ ان السيارات لا تريد عبوره؟ من هو المسؤول عن دفع أكثر من مليون لبناني مزيدًا من أثمان الزحمة الباهظة من وقتهم وعمرهم وسنواتهم؟

ولان المسؤولية مشتركة لا تقع على عاتق طرف واحدة فالفشل لا يتوقف عند جهة واحدة في هذا الإطار، متى يحين موعد وضع خطة نقل مشترك تحترم الشعب اللبناني اذ ان لا حلّ سواها كي نحلم بحل مشكلة الاختناق المروري في بلد ذات بنية تحتية مترهّلة تفضحها كل شتوة او عاصفة؟ ولمصلحة من استمرار هذا السجن الكبير الذي تحوّل كابوسًا يوميًا ينهش مقدّراتنا يوميًا من دون أمل. باختصار من يعيد سنواتنا المسروقة على الطرقات هدرًا للوقت والمال وتلفًا للأعصاب والمجهود؟