الحدث كان في ساحة النجمة أمس. مفاجأة أولى حول حقائق وأرقام فاضحة عن أعداد النازحين والولادات غير المسجلّة رسميّاً منذ أكثر من عامين، والمفاجأة الثانية هي فكرة إستدعاء السفير السوري إلى مجلس النواب.
مُجريات الجلسة الصاخبة التي فاجأ بها الوزير جبران باسيل اللجنة المكلّفة متابعة ملف النازحين السوريّين، والتي كشف فيها أمام الوزراء والنواب الحاضرين عن أعداد النازحين، والولادات غير المسجلّة رسميّاً منذ أكثر من عامين، كما كشف عن الداتا الضائعة لهوية وعدد هؤلاء.
أما المفاجأة الأكبر، فكانت تأييد نواب «القوات» والنائب نهاد المشنوق لطرح النائب ياسين جابر فكرة إستدعاء السفير السوري الى مجلس النوّاب، لا سيّما بعد كلام باسيل، الذي حمّل ملامة ضياع عدد ولادات النازحين الى الوزيرين السابقين نهاد المشنوق وبيار أبو عاصي بشكل خاص، اللذين بحسب معطيات باسيل توقفت وزارتيهما عن تسجيل الولادات.
فكرة إستدعاء السفير السوري
لم تخلُ الجلسة من المفاجآت السياسية أيضاً بعد طرح النائب ياسين جابر فكرة إستدعاء السفير السوري الى مجلس النواب، وللمحاسبة اذا لزم الأمر، كما سحب جابر إعترافاً وموافقة ضمنية من نواب «القوات» التي بدت مربكة بعد شرح باسيل المستفيض للأرقام الضائعة، ولضرورة عودة النازحين، كذلك بدا وزير الداخلية السابق نهاد المشنوق بعدما فاجأه إتهام باسيل بتحميله مسؤولية التوقف عن تسجيل الولادات منذ سنتين، الأمر الذي خلّف أرقاماً ضائعة منذ 2015.
مُجريات الجلسة
وعلّق النائب جورج عقيص بعد كلام باسيل في جلسة الإعتراف قائلاً «أنت تبتدع الحلول»، «علينا أن نُجزِّىء النازحين بحسب توصيفهم أمنياً أم نزوحاً إقتصادياً… أمّا النائب بيار بو عاصي فقد توجّه لباسيل بعد شرح مفصّل بالقول «معالي الوزير، نحن نعترف أننا توقّفنا عن تسجيل الولادات للنازحين السوريين». فأجاب باسيل «رقم الولادات الذي وصلَنا الى وزارة الخارجية هو 11 ألف ولادة، وأصبح اليوم 18 ألفاً».
فأجابه أبو عاصي «يجب ضربهم بثلاثة معالي الوزير» معترفاً «نحن توقفنا عن التسجيل»
ياسين جابر إحتجّ على جواب بو عاصي مستفسراً: «لماذا توقفتم عن التسجيل يا بيار عندما كنت وزيراً ؟
فأجاب بوعاصي «لأننا عجزنا عن متابعة دفع التكلفة المرتفعة للقيام بالمهمّة، وكنا بحاجة الى فريق عمل كبير للبحث والتحرّي عن النازحين في الورش وفي أماكنهم المتعدّدة التي تكاثرت في لبنان، والتي لم نكن كوزارة قادرين على مواكبتها بسبب سرعتها، والتي لم نستطع حصرها بسبب شحّ الأموال، فعجزنا عن المتابعة، وأعترف أننا توقفنا عن العد»ّ.
هنا تدخّل ياسين جابر واتّخذ قراراً بأن يُرسل توصية غير إلزامية للحكومة، مطالباً بورقة سياسية موّحدة للنازحين، فقاطعه باسيل متسلّحاً بملف سحبه من أمامه قائلاً « هذه هي الورقة السياسية أنجزناها منذ 2015 لكنكم حاربتمونا جميعكم واتهمتمونا بالعنصرية».
وأضاف «قبل ما نِطلع عند بشار الأسد بدّي أعرف شو عِملو اللبنانيين» ماذا أنجزت وزارة العمل وما هي الإجراءات التي كان يجب علينا اتّخاذها ولم نتّخذها ؟ لماذا لم ندع الأمن العام يسجّل الداخل والخارج من النازحين؟ ولماذا لم تزوّدهم الوزارات المختصّة بالمعطيات الدقيقية ؟ لماذا لا يستطيع الأمن العام معرفة عدد الأشخاص الذين لا يملكون بطاقة نازح، فأصبح النازح «فايت طالع» على بيروت يملك بطاقة نازح، ويعمل في لبنان، ويجني الأموال من الأمم المتحدة، ويعود الى سوريا ليصرف أمواله هناك».
إستفاض باسيل أمام صمت الحاضرين وعاود حديثه متوّجهاً هذه المرة الى النائب نهاد المشنوق، فقال «يا نهاد مش رح مرِّقلك ياها، نحنا اختلفنا، وإنت غريمي في هذه المسألة… إنت كِنت وزير داخلية ومنعت تسجيل الولادات». فأجاب المشنوق «لا لم أمانع».
أصرّ باسيل على قوله، فبرّرَ المشنوق «مِن سنتين بس هلّق مشينا فيها» «ليُعلّق باسيل: «كم بلغ عدد الولادات منذ سنتين وأين هم؟ وقبل أن نذهب الى بشار الأسد لنقول له» «ردّ النازحين، ليش نحنا منعرف عددُن ووينُن؟ وأردف « قبل الذهاب الى الأمم المتحدة، ليش نحنا عملنا واجباتنا ؟ وقبل أن نستجدي مبادرة روسية وغير روسيّة ليش نحنا عنّا معطياتنا؟».
وختم باسيل حديثه بالقول «أقسم بالله أني أخاطبكم بكل إيجابية، وأنا أكشف الواقع الحقيقي لأزمة النازحين أمامكم، خصوصاً أزمة الولادات الضائعة منذ سنتين، لتبلّغوا بدوركم قياداتكم ووزراءكم في الحكومة، وذلك لعدم تكرار الخطأ الذي اقترفناه عام 2015». ويجب علينا اليوم عدم عرقلة ورقة موّحدة لملف النازحين، ويجب علينا إيقاف التكاذب والكذب.
تحمّس النائب ياسين جابر وطلب من الأعضاء النوّاب في اللجنة وتحديداً من النائب الإشتراكي الذي كان غائباً ومن نوّاب القوات وتيّار المستقبل فقال « هل تمانعوا أن نستدعي السفير السوري بصفتنا في لجنة الشؤون الخارجية ونستمع الى وجهة نظره إذا كانت بلاده تعرقل فعلاً العودة ؟».
هنا ارتبك الحاضرون فعاود جابر السؤال «اسألوا قادتكم ووزراءكم ونحن على استعداد لإستدعاء السفير السوري ومحاسبته في مجلس النواب… هو سفير معتمد لدينا، ولنا الحق في إتخاذ هذا الإجراء».
هنا تدخّل النائب عقيص بالقول « هذا كلام صحيح، ونحن من هذه الناحية لا يمكننا إنكار أن هناك سفيراً لسوريا في لبنان، وعدم قبولنا التطبيع السياسي مع النظام السوري لا يمنع تواصلكم معه في موضوع النازحين»
الجلسة المفاجئة، كانت صاخبة على صعيد الإعترافات، فيما شبّهها العارفون بكرسي الإعتراف.
أمّا الخطيئة غير المغفورة، والتي اعترف الحاضرون بها ..وجود ما لا يقل عن 400 ألف طفل سوري ولدوا في لبنان.
أمّا مفاجأة جابر، فكانت الكشف عن وجود 300 طالب سوري في ضيعته في الجنوب تفاجأ بهم في إحدى الأمسيات ينشدون النشيد الوطني اللبناني، غير مدركين بأنهم سوريّون، وهم حتى يجهلون لهجتهم السورية.