IMLebanon

محادثات الأبواب المغلقة بين أميركا وإيران

منذ انسحاب الولايات المتحدة الاميركية من الاتفاق النووي في ايار الماضي، يكاد لا يمر يوم من دون ان تشهد جبهة واشنطن- طهران المشتعلة سياسيا، موقفا ناريا تصعيديا من كبار المسؤولين في الدولتين متضمنا اتهامات متبادلة برعاية الارهاب وتعميمه في الشرق الاوسط. امس اتهم وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف الولايات المتحدة باعاقة المساعدات والانخراط في أعمال “إرهاب اقتصادي” ضد بلاده، كاتبا على “تويتر” “ان العقوبات الأميركية تعوق جهود الهلال الأحمر الإيراني لمساعدة جميع المجموعات التي تأثرت بالظروف الجوية السيئة غير المسبوقة”، في إشارة إلى أعمال البحث والإنقاذ التي تشهدها البلاد على أثر الفيضانات التي تسببت بها أمطار غزيرة، والنقص المزمن في طائرات الهليكوبتر الإنقاذية في إيران جرّاء العقوبات الأميركية، دفع خدمات الطوارئ إلى الطلب من الجيش التدخل بواسطة مروحيات هليكوبتر عسكرية وناقلات جند مدرعة برمائية في عمليات الإنقاذ”.

الاقرار الايراني بمفاعيل العقوبات الاميركية وتداعياتها الواسعة على البلاد التي تشهد ازمة اقتصادية واجتماعية غير مسبوقة يرجح ان تزداد بعد 4 ايار المقبل المهلة التي حددتها واشنطن لوقف بيع النفط الايراني لاي جهة والتهديد باتخاذ عقوبات بحق الدول التي تخالف القرار، يؤشر الى الدرك الذي بلغه الوضع الايراني وعدم القدرة على استمرار النظام في المواجهة طويلا في ضوء موجات التذمر الشعبية الواسعة جراء الأوضاع الاقتصادية والمعيشية المتردية، والمرشحة لمزيد من التأزم مع تلويح واشنطن بفرض حزم جديدة من العقوبات على قطاعات جديدة من الاقتصاد.

لكنّ التصعيد الظاهر في المواقف بين الطرفين، لا يعكس واقع الحال بدقة او على الاقل جانبا منه، اذ تكشف اوساط دبلوماسية اوروبية لـ”المركزية” عن اتصالات تجري خلف الابواب الموصدة بين مسؤولين امنيين اميركيين وايرانيين في سلطنة عُمان، احرزت حتى الساعة تقدما ملحوظا، ونسبة لطابعها السري جدا، اطلقت عليها تسمية “الابواب المغلقة”.

وفي رأي الاوساط ان استمرار التقدم في المحادثات قد يسفر عن خطوات سيتم الاعلان عنها قريبا، تبدأ من صنعاء، حيث مركزية الخلاف، بحيث تحرز المفاوضات تقدما جديا على صعيد الازمة اليمينة في اتجاه الحل المنشود، ومنها تنطلق سائر الخطوات لاعادة التواصل بين الولايات المتحدة وايران في الملفات الاخرى.

وتشير الاوساط الى ان بات جليا ان الجانب الايراني يدفع في اتجاه بلوغ التسوية قبل 4 ايار، لان تداعيات العقوبات قد تصبح اكبر من قدرة طهران على تحملها، مع وقف كل امكانية لبيع النفط وفرض عقوبات جديدة على الاقتصاد، لا سيما ان الصيغ الاوروبية المبتدعة للتعامل مع ايران ماليا لم تؤد الغرض ولا اسهمت في ضخ جرعة انعاش في عروق ايران الاقتصادية.

تبعا لذلك، تعرب الاوساط عن اعتقادها ان ايران الرازحة تحت عبء الازمة الاقتصادية الخانقة، تبحث عن مخارج تقيها “الشر المستطير” وتجنبّها الكأس المرّة، وهي للغاية قد تعتمد سياسة الانفتاح والتواصل مع العرب والغرب في آن، مسجلة في هذا المجال اشادة طهران بالقمة العربية، اذ قال المتحدث باسم الخارجية بهرام قاسمي، “ان إيران تقيّم التوجه والأجواء العامة للقمة العربية الأخيرة، بأنها كانت أكثر إيجابية بالمقارنة مع الإجتماعات السابقة لهذه القمة”. وتلفت في السياق الى دور قد تلعبه باريس بعدما احرزت العلاقات بين البلدين تقدما اثر فتور شابها سابقا. ولا تستبعد والحال هذه، ان يزور وزير الخارجية الايرانية عددا من دول اوروبا قبل 4 ايار ليبحث مع المسؤولين في الحلول والمخارج الممكنة لتجنب “كأس العقوبات الاضافية المرّة”.