كتب بسام أبو زيد:
هل يراد بالفعل تحريك سعر صرف الدولار في مقابل الليرة اللبنانية؟
هذا السؤال يتكرر مع كل موجة انتقادات تتعرض لها السياسة النقدية المتبعة من قبل مصرف لبنان في تثبيت سعر صرف الدولار بـ1500 ليرة. واللافت أن أحداً من هؤلاء المنتقدين لم يتحدث عن أن هدفه هو خفض سعر صرف الدولار في مقابل الليرة، وينصب كل كلامهم على أن كلفة تثبيت السعر مرتفعة.
كلفة تثبيت سعر صرف الدولار في مقابل الليرة هي بالتأكيد أقل من كلفة إطلاق العنان لسوق الصرف في غياب أي جدية لدى الدولة اللبنانية للتعاطي مع الوضع الاقتصادي ووضع خزينة الدولة وهما مهددان بالانهيار في حال عدم اتخاذ التدابير التي تضمن عدم التراجع أولا والنمو وخفض العجز ثانيا، فهل يجوز ونحن نحاول تفادي الانهيار ان نوقع المواطنين والمصارف في أزمة سعر صرف الدولار؟
إن أي قفزة في مجهول تحرير سعر الصرف ستوقع صغار ومتوسطي المودعين في أزمة يعلم الجميع كيف تبدأ ولا أحد يعلم كيف تنتهي، فهل يمكن لأحد أن يتصور مشاهد الآلاف من المواطنين يتهافتون على المصارف من أجل تحويل ودائعهم من الليرة إلى الدولار حفاظا على مدخراتهم؟ وهل يمكن لأحد أن يتصور ردود فعل المواطنين عندما تعرب لهم المصارف عن عدم قدرتها على القيام بهكذا تحويلات؟ هل يمكن لأحد أن يتصور وضع كل العاملين في القطاع العام ومن ضمنهم الجيش والاجهزة الأمنية، ووضع العاملين في القطاع الخاص والذين يتقاضون رواتبهم بالليرة اللبنانية في ظل انخفاض قيمة هذه الرواتب؟
لن تقف الأمور عند هذا الحد بل إن الانعكاسات ستكون كثيرة وكبيرة وفي مقدمها أيضا الغلاء الذي سيصيب الطبقات الفقيرة والعادية والمتوسطة، فيضفي المزيد من التدهور على الحال المعيشية والاجتماعية للبنانيين.
إن استمرار البعض في إثارة موضوع تثبيت سعر صرف الدولار تجاه الليرة بطريقة تخلق البلبلة والتساؤلات، لن يؤدي إلى أي تغيير إيجابي في الواقع المالي اللبناني، بل سيؤدي إلى إضعاف الثقة بالقدرات اللبنانية وبأدوات معالجة الاقتصاد وسيترك لدى المودعين الكثير من القلق والحيرة والخوف على المصير.
في السياسة لا يجوز الزج بأعناق المواطنين ومؤسساتهم، لأن الكارثة لن تصيب فئة دون أخرى، ففي لبنان ليس بين الناس شياطين أو ملائكة، فهم في الهموم سواسية والليرة لا تلبس لون ذاك الحزب أو ذلك التيار بل هي بلون وطني واحد وهو لون لقمة العيش التي لا يجوز استعمالها كورقة اقتراع أو مطية لاحتلال منصب ما.