كتب فراس الشوفي في “الاخبار”:
قرّر حزب الله مقاطعة النائب السابق وليد جنبلاط إلى أجلٍ غير مسمّى، بعد مواقفه المتكرّرة من أزمة النازحين السوريين وإصدار الوزير وائل أبو فاعور قراراً مخالفاً للقانون يلغي فيه قرار وزير الصناعة السابق حسين الحاج حسن بمنح ترخيص لإنشاء مجمع صناعي في عين دارة
لم تُفلح الإيجابية التي يبديها حزب الله تجاه النائب السابق وليد جنبلاط منذ ما قبل الانتخابات النيابية الأخيرة، في دفعه إلى تليين مواقفه على الأقل من أزمة النازحين السوريين، ومن الابتعاد عن محاولات عرقلة تطوير العلاقة اللبنانية ــــ السورية.
ومع حدّة الصراخ الجنبلاطي، ووضوح ارتباط رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي بمشروع دولي يهدف إلى توطين النازحين السوريين في البلاد، والعمل ضد المصلحة الوجودية اللبنانية عبر تكرار الشائعات الكاذبة لتخويف النازحين السوريين من العودة إلى بلادهم (كما فعل الوزير وائل أبو فاعور قبل أسابيع في مؤتمر صحافي عقده حزبه حول النازحين)، ثابر حزب الله على إيجابيته في العلاقة، محاولاً تليين تلك المواقف، على رغم انزعاج أعلى المستويات فيه من المواقف المعادية لسوريا ومن ملف النازحين بشكل عام. وكان من المفترض، أن يزور المعاون السياسي للأمين العام لحزب الله الحاج حسين الخليل، منزل جنبلاط نهاية الأسبوع الماضي للتباحث في الشأن اللبناني بعد زيارة وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو للبنان قبل أسبوعين.
إلّا أن وزير الصناعة الجديد، لم يكد يتسلم ملفّات وزارته، وقبل أن يحقّق أي إنجاز، قرّر أن يستخدم صلاحياته، خلافاً للقانون، لتصفية حسابات جنبلاط الشخصية، أو المالية بالأحرى. وعملاً برغبة جنبلاط، تخطّى أبو فاعور القانون وأصدر قراراً بتاريخ 26 آذار الماضي، يحمل الرقم 7893، ألغى فيه الترخيص الرقم 5297 الممنوح من قبل الوزير حسين الحاج حسن، القاضي بالسماح لآل فتوش بإنشاء مجمع صناعي في منطقة عين دارة.
القرار لم يكن مفاجئاً لحزب الله. وبحسب المعلومات، فإن الحزب عَلِم بأن وزير الصناعة حضّر مسوّدة القرار، فراجع الأخير بالأمر، منبّهاً إياه إلى أن إلغاء قرار الحاج حسن مخالف للقانون، ومخالف لقرارات مجلس شورى الدولة، وأن الحزب لن يقبل بتجاوز القانون لمصالح خاصة، في الوقت الذي يعلن فيه الحرب على الفساد. وما هي إلّا أيام قليلة، حتى أصدر أبو فاعور قرار إلغاء الترخيص، بعدما كان قد طلب من حزب الله في موقفٍ نافر، أن يراجع السيد حسن نصر الله جنبلاط ويطلب منه ألا يصدر وزير الصناعة القرار.
وعلى هذا الأساس، اعتبر حزب الله القرار ــــ عدا عن كونه غير قانوني ويخالف حكمَي مجلس شورى الدولة، الأول يحمل الرقم 245 تاريخ 14 كانون الأول 2017، والثاني يحمل الرقم 407 تاريخ 28 كانون الثاني 2019 القاضيين بالسماح بإنشاء المعمل ورد الاعتراضات التي رفعتها بلدية عين دارة بتحريض من جنبلاط ــــ تحديّاً للحزب وكسراً لـ«الجرّة» تضاف إلى الموقف من أزمة النازحين.
وقبيل موعد زيارة الخليل لجنبلاط، أبلغ المعاون السياسي للأمين العام لحزب الله الوزير السابق غازي العريضي، أن الزيارة ألغيت، وأن العلاقة مجمّدة بين الطرفين.
لا يكاد جنبلاط ينتهي من أزمة مع رئيس الجمهورية ميشال عون، أو يصالح الرئيس سعد الحريري بوساطة مصرية، حتى يقع في أزمة مع حزب الله. ومواقفه العدائية المجانية تجاه سوريا، صارت تُحرج حتى صديقه الرئيس نبيه بري. والأغرب، أن جنبلاط يقنّع دائماً مواقفه تجاه بعض القضايا، كحربه على معمل عين دارة بذريعة البيئة أو معمل دير عمار بذريعة الفساد، بغطاء أخلاقي، بينما يكشف البحث البسيط أن المسألة عنده ترتبط أوّلاً وأخيراً بالمال.
فقبل أسابيع، كان صوت جنبلاط مرتفعاً ضد صفقة معمل الكهرباء في دير عمار. وفجأة، خفت صوته حتى اختفى، ليبدأ محيطون بالحريري بترداد من يراجعهم، بأن رئيس الحكومة «حفظ حصّة جنبلاط من حصّته بالمشروع»، وهنا انتهت كل اتهامات الفساد التي كالها جنبلاط للصفقة. أما معمل عين دارة ومصنع «ترابة الأرز»، الذي يقول آل فتوش إنهم أتوا بمعداته «من الدنمارك وألمانيا، وإنه مطابق للمواصفات الأوروبية ويؤمن ألفَي فرصة عمل لأهل زحلة والبقاع»، فيشنّ جنبلاط حرباً عليه تحت عنوان بيئي. وكأن معمل سبيلين وكساراته ومرامله غابة يتنعّم بها أهل
إقليم الخرّوب!
حرب جنبلاط على معمل عين دارة، سببها أمران، الأول هو رفض بيار فتوش، شقيق النائب السابق نقولا فتوش، الموافقة على طلب رئيس الاشتراكي تعبئة ترابة معمل سبيلين بأكياس ترابة الأرز وشحنها إلى سوريا. أما الثاني، فهو اعتقاد جنبلاط بأن معمل فتوش هدفه تأمين حاجة السوق السورية للاسمنت في مرحلة إعادة الإعمار، وهو يروّج ذلك أمام الحريري وأمام الأميركيين، مبرراً حربه على المعمل برفضه «دعم الرئيس السوري بشار الأسد وشقيقه اللواء ماهر الأسد»، بينما يقول لمقرّبين من مسؤولين سوريين، إنه إن لم يستفد محسوبون عليه من إعادة الإعمار في سوريا، فإنه سيقف بوجه من يستفيد!
هل يقاطع الاشتراكيون زيارة جبق؟
انعكست العلاقة بين النائب السابق وليد جنبلاط وقيادة حزب الله على زيارة وزير الصحة جميل جبق المقررة اليوم لمنطقة وادي التيم، وزيارته لمستشفيَي حاصبيا وراشيا الحكوميين. وبحسب المعلومات، فإن الوزير وائل أبو فاعور حاول فرض توقيت الزيارة على وزير الصحة بهدف حضور النائب تيمور جنبلاط، كما يحاول أبو فاعور دائماً خلال زيارات أي مسؤول رسمي للمنطقة أو محاولة أي وزارة أو جهة افتتاح مشروع ما أو حتى تزفيت طريق. وتذرّع الاشتراكي بارتباط جنبلاط بمواعيد سابقة، وعدم تمكّنه من الحضور في مستشفى راشيا الساعة 11 صباح اليوم حتى يفاوض وزير الصحة على تعديل مواعيده، حيث تبدأ جولة الوزير. وكردّ على عدم موافقة وزير الصحة على تعديل برنامج الزيارة، عمّم الاشتراكيون على مناصريهم مقاطعة الزيارة، قبل أن يعمّموا جواً معاكساً مساء أمس، عبر دعوة الاشتراكيين إلى الحضور في محاولة لعدم غيابهم عن الحدث. على المقلب الآخر، يعدّ الحزب الديموقراطي اللبناني والحزب السوري القومي الاجتماعي وقوى 8 آذار استقبالات شعبية للوزير، في راشيا التي من المفترض أن يزور فيها جبق النائب السابق فيصل الداوود، وفي حاصبيا، التي أعدّ فيها النائب طلال أرسلان استقبالاً في السرايا الشهابية على شرف وزير الصحة.