هل يمكن ان تصيب تداعياتُ الغضب الاميركي غيرِ المسبوق على ايران ومتفرّعاتها، لبنان؟ وهل يجب توقُّع إجراءات أوسع وأقسى لن تبقى محصورة بحزب الله بل ستطال ايضا كل المقربين منه وداعميه سياسيا وماليا واقتصاديا، بعد أن أظهر تصنيف واشنطن الحرس الثوري الايراني منظّمة إرهابية، نمطا أميركيا جديدا أكثر صرامة في التعاطي مع طهران، لتقليم أظافرها وإجبارها على وقف نشاطاتها المخلة بالامن في المنطقة والعالم؟
لمحاولة تكوين صورة عن توجّهات الادارة الاميركية لبنانيا في المرحلة المقبلة، يكفي الاستماع مجددا الى المواقف النارية التي أطلقها وزير الخارجية الاميركية مايك بومبيو من بيروت منذ اسابيع قليلة. فهي تؤكد ان واشنطن التي تعتبر حزب الله إرهابيا، في صدد الإعداد لتدابير إضافية في حقّه، وفق ما تقول مصادر سياسية مراقبة لـ”المركزية”. والحال ان بعض نواب الكونغرس من “الجمهوريين” و”الديموقراطيين”، بدأوا فعلا منذ فترة، التحضير لرزمة عقوبات جديدة ضد حزب الله ستُقرّ في الايام المقبلة.
واذا كان هذا المسار “التصعيدي” في حق “الضاحية” محسوما، ويبقى فقط ان يتحوّل من “النظري” الى “العملي”، وهي مسألة وقت، فإن احتمال ان تتوسّع مروحة العقوبات لتطال حلفاءَ الحزب، لا تزال مدار اخذ ورد في أروقة القرار الاميركي، حتى الساعة. ففيما تحدثت صحيفة “ذا ناشيونال” الإماراتية، عن خطط أميركية لفرض عقوبات على حركة أمل ورئيس المجلس النيابي نبيه بري، بسبب علاقاته الطويلة مع حزب الله وإيران، الأمر الذي سارعت الى نفيه أكثر من جهة سياسية ودبلوماسية محلّية… الا ان مواقف بومبيو، أثبتت ان “لا دخان بلا نار”، وأن هذا التوجه الاميركي وارد بقوة. فرداً على سؤال حول فرض عقوبات على بري، لفت بومبيو إلى “أننا أوضحنا أننا سنقيّم العقوبات على كل أولئك المرتبطين بـ”حزب الله”، مشيرا خلال مؤتمر صحافي عقده في واشنطن الى أنه خلال زيارته الأخيرة الى بيروت أوضح للمسؤولين، ومن بينهم رئيس مجلس النواب نبيه بري، أن الولايات المتحدة الأميركية لن تتحمل استمرار صعود “حزب الله” في لبنان، وأن “عليهم أن يواجهوا هذا الحزب الذي يعمل مع إيران، وهو ليس حركة سياسية، بل جماعة مسلحة”.
وبحسب المصادر، وجهتا نظر تتجاذبان الادارة “الترامبية”. الاولى متشددة، وتدعم خيار استهداف كل مَن بمواقفهم أو أموالهم أو خدماتهم، يخدمون مصلحة “حزب الله” ويساعدونه على الصمود في وجه العقوبات وعلى تثبيت أرجله أكثر في اللعبة السياسية اللبنانية وفي الميادين العربية والعالمية أيضا. ويرى أنصار هذا الخيار أن وضع حلفاء الحزب من المذاهب والطوائف المختلفة، على القوائم السوداء، سيكون موجعا لهم، وسيحثّهم على الابتعاد عن “الحزب”، بما يتيح عزله وإضعافه.
اما وجهة النظر الثانية، دائما وفق المصادر، فتقول ان الرئيس بري شخصية “شيعية” وسياسية معتدلة وصاحبة علاقات طيبة مع الدول العربية والخليجية، وتاليا من الأفضل العمل على توطيد الشراكة معه بدلا من استهدافه. وبحسب مؤيدي هذا الخط، فإن ضمّ بري الى “الحزب” ستكون له مفاعيل عكسية، اذ ستزيد من الالتفاف الشعبي عموما والشيعي خصوصا، حول “الثنائي”، فيما المطلوب توسيع الهوة بين القاعدة والطرفين.
فأي من المسارين سينتصر؟ حظوظُهما متساوية، بحسب المصادر، ويجب الاستعداد لكل شيء وربّما للأسوأ، اي لخيار وقف واشنطن فصلها بين لبنان – الدولة وحزب الله، في ظل “طحشة” أميركية “جنونية” متفلّتة من أي رادع او ضابط، على “الجمهورية الاسلامية” وحلفائها…