IMLebanon

هل تطال العقوبات الأميركية عون وباسيل؟

كتبت منال زعيتر في صحيفة “اللواء”:

لم تنفِ ادارة الرئيس الاميركي دونالد ترامب بشكل رسمي ما تم تسريبه عن خطة لواشنطن لفرض عقوبات اقتصادية على حركة امل ورئيس مجلس النواب نبيه بري الحليف الشيعي لحزب الله، مسؤول اميركي رفيع المستوى ومقرب من دائرة ترامب اكد في حديث خاص لـ«اللواء» صحة ما نقلته صحيفة «ذا ناشيونال»، قائلا حرفيا «ان مسألة العقوبات جدية وصحيحة مئة في المئة» ولكنها لن تدخل حيز التنفيذ الا في حالة اندلاع مواجهات عسكرية في المنطقة بين حزب الله والعدو الاسرائيلي.

وكشف المسؤول رسميا للمرة الاولى عن ان بري ليس الوحيد المستهدف في العقوبات الاميركية، بل ان رئيس الجمهورية ميشال عون يبدو في صلب القرار الاميركي، رغم ابداء فرنسا ممانعة شديدة لأي توجه من هذا القبيل.

المسؤول ذاته اكد بأن التسريبات الاميركية تعتبر بمثابة تحذير «رقم ٢» لحلفاء الحزب في لبنان بعد التحذير الاول الذي نقله وزير الخارجية الاميركي مايك بومبيو الى عون وبري ووزير الخارجية جبران باسيل في زيارته الاخيرة الى لبنان.

واضاف المسؤول بأن الرسالة «التحذير» هي استباقية للمعنيين اي حلفاء الحزب وفي مقدمهم رئيس الجمهورية لعدم تامين الحماية السياسية للحزب في المرحلة المقبلة لا سيما بعد اقرار واشنطن رزمة عقوبات اقتصادية وسياسية جديدة ضده وضد ايران ، وفي حالة رد حزب الله على ضربات متوقعة ومحدودة  للعدو الاسرائيلي ضد مواقع مزعومة للحزب، ذاهبا الى ابعد من ذلك حين قال بأن التلويح بهذه العقوبات هو للضغط باتجاه فرض تسويات معينة على الدولة اللبنانية في مسالة ترسيم الحدود البحرية بين لبنان والعدو الاسرائيلي وفي ملف توطين اللاجئين الفلسطينيين والسوريين .

وتقاطعت معلومات المسؤول الاميركي مع معلومات مصادر دبلوماسية اميركية واوروبية وروسية افادت بأن مسالة العقوبات على حلفاء حزب الله وتحديدا الرئيس بري تمت مناقشتها اكثر من مرة في الاونة الاخيرة ، الا ان التداول بها جدياً في واشنطن بدا بعد الاصداء السلبية التي رافقت زيارة بومبيو الى لبنان لا سيما لجهة رفض الرئاستين الاولى والثانية التجاوب مع مطالب الوزير الاميركي مع ابداء دعم سياسي رسمي غير مسبوق لحزب الله.

واستغربت المصادر الضجة المثارة حول الموضوع لا سيما ان بري وجهات رسمية في لبنان تمت مصارحتهم بشكل مباشر بضرورة الابتعاد عن حزب الله وعدم تامين الغطاء الرسمي له للتملص من العقوبات الاقتصادية الاميركية حتى لا يتم التضييق عليهم ايضا بسبب تغطيتهم لحزب مصنف اميركيا وعربيا بالارهاب.

وفي حين اكدت المصادر ان العقوبات الاميركية على مقربين من حزب الله او محسوبين عليه دخلت فعليا حيز التطبيق منذ ما يقارب السنة حين بدا التدقيق رسميا في حسابات رجال الاعمال الشيعة، لفتت في المقابل الى حصول الادارة الاميركية على معلومات موثوقة عن طلب الثنائي الشيعي وتحديدا حزب الله منذ ما يقارب الثلاثة اشهر من رجال اعمال مقربين منهما بسحب ودائعهم من البنوك اللبنانية تحديدا ووضعها في منازلهم ومكاتبهم تجنبا للحجز على اموالهم بحجة دعم الحزب.

هل تشمل “دائرة” العقوبات بري وباسيل… لاحقاً؟

خلال زياراتهما إلى واشنطن، دأب كل من رئيس حكومة لبنان سعد الحريري ووزير خارجيته جبران باسيل على الرد على مفاتحة المسؤولين الأميركيين لهم حول موضوع «حزب الله»، بالقول إن القوة العسكرية للحزب، مستقلة عن دولة لبنان في قرارها، وعابرة للحدود، وإنها مسألة دولية، وان لا قدرة للدولة على التحكم بها أو ضبطها، وان الحل يرتبط بعملية السلام في الشرق الأوسط، فالموضوع هو تالياً إقليمي ودولي أكبر من لبنان.

والإجابة نفسها سمعها المسؤولون الأميركيون ممن زاروا بيروت على مدى السنوات الماضية. «إذا كانت دولة لبنان غير مسؤولة عن حزب الله وتصرفاته، فعليها إفساح المجال للمجتمع الدولي للتعامل مع هذا التنظيم الإرهابي وضبطه»، يقول أحد المسؤولين الأميركين، شرط عدم ذكر اسمه.

لكن تصريحات المسؤولين اللبنانيين متضاربة ومتناقضة، إذ إنه بين الحين والآخر، يقول البعض منهم إن «حزب الله» هو جزء من النسيج اللبناني، وإنه ممثل في مجلس النواب، والحكومة، وحتى في مجالس البلديات المحلية. بناء عليه، تصبح مواجهة الحزب المذكور بمثابة مواجهة ضد لبنان. وسبق للرئيس ميشال عون أن قال إن العقوبات الأميركية على «حزب الله» ستؤذي لبنان.

يقول المسؤول الأميركي لـ «الراي»، إن مشكلة بيروت أن «سياستها تجاه حزب الله متخبطة ومضطربة، فهي إما تنأى بنفسها عن المواجهة الدولية»، ويقصد الأميركية والأوروبية والعربية، مع الحزب، «أو تلتصق به، فينالها ما يناله».
وكان الرئيس دونالد ترامب أعلن، في أيار العام 2017، نية واشنطن الانسحاب من الاتفاقية النووية مع إيران، بالتزامن مع فرض عقوبات على إيران، وخصوصا على «الحرس الثوري». ومنذ ذلك التاريخ، عكفت الوكالات الحكومية على إعداد الأطر القانونية المطلوبة لفرض هذه العقوبات، وباشرت الأسبوع الماضي بعملية تطبيقها.

واندلع جدال واسع داخل صفوف الإدارة حول قانونية تصنيف «الحرس» كتنظيم إرهابي، إذ إن تعريف الإرهاب ينطبق على المجموعات العنفية غير الحكومية حصرا، فيما «الحرس» مؤسسة حكومية. لكن جزءاً واسعاً من المسؤولين الأميركيين لفت إلى أن «الحرس الثوري» ليس حكوميا البتة، بل هو، مثل «حزب الله»، قوة صاحبة قرار مستقل عن مؤسسات البرلمان والحكومة في إيران.

ويقول المسؤولون إن «العقوبات على الحرس الثوري ستكون قاسية وشاملة، وستطول كل المستفيدين منه، مجموعات وأفراد، في عموم منطقة الشرق الأوسط والعالم».في هذا السياق، انتشرت أنباء في العاصمة الأميركية عن استعدادات أميركية لفرض عقوبات على مسؤولين لبنانيين كبار من حلفاء «حزب الله»، وفي طليعتهم رئيس مجلس النواب نبيه بري، وعدد من الوزراء والنواب ورجال الاعمال المرتبطين به. واشارت تقارير الى ان العقوبات ستطول ايضاً، باسيل، وشخصيات تابعة له.

الأنباء عن فرض عقوبات على حلفاء «حزب الله» غير مؤكدة بعد، وفي حال قامت واشنطن فعليا بفرضها، فهي ستكون الأولى من نوعها، وستحتاج إلى سند قانوني يشرح كيف يمكن للولايات المتحدة فرض عقوبات على أشخاص ليسوا مدرجين على لوائح الإرهاب، ولا هم مسؤولون في حكومات تعاقبها واشنطن، مثل الحكومة السورية ونظام الرئيس بشار الأسد.

على أنه سبق للولايات المتحدة أن فرضت عقوبات على رجال أعمال وشخصيات في لبنان وسورية ممن اعتبرتهم مرتبطين بإيران والأسد، ويشكلون واجهة لإخفاء الأعمال والتحويلات المالية لطهران وحلفائها.

يختم المسؤول الأميركي بأن سياسة الحياد التي يتحدث عنها أحيانا اللبنانيون تتطلب حيادهم فعليا وابتعادهم عن إيران و«الحرس الثوري» و«حزب الله». أما «أن يدّعي اللبنانيون الحياد وعدم المقدرة على ضبط الحزب، ثم يفيدون من إيران وحلفائها مالياً وسياسياً، ويدافعون عنها محلياً ودولياً، ففي أفعالهم هذه مسؤولية، ونحن الآن في تحميل أي متورط مع الإيرانيين، حول العالم، مسؤولية تورطهم».