افتتحت بلدية بيروت حديقة المتروبوليت الياس عوده، في شارع لبنان – الصيفي، بحضور ممثلة رئيس الحكومة سعد الحريري وزيرة الدولة لشؤون المرأة فيوليت الصفدي، متروبوليت بيروت وتوابعها للروم الأرثوذكس المطران الياس عودة، رئيس أساقفة بيروت للموارنة المطران بولس مطر، ممثل نائب رئيس مجلس الوزراء غسان حاصباني إيلي حاصباني، وزيري الدفاع الوطني الياس بو صعب والعدل ألبرت سرحان، ممثل شيخ عقل طائفة الموحدين الدروز الشيخ نعيم حسن الشيخ مروان الزهيري، رئيس الكنيسة القبطية في لبنان الأب رويس الأورشليمي، المعاون البطريركي لبطريركية الارمن الكاثوليك المطران جورج اسادوريان، النواب: أمين شري، نزيه نجم، نديم الجميل، هاكوب ترزيان، نقولا صحناوي، عدنان طرابلسي، وعماد واكيم، الوزيرين السابقين الدكتور طارق متري وميشال فرعون، محافظ بيروت القاضي زياد شبيب، رئيس المجلس البلدي لبيروت جمال عيتاني وأعضاء من المجلس البلدي، إضافة إل فاعليات سياسية وروحية واقتصادية واجتماعية.
وقال رئيس المجلس البلدي لبيروت: “هذا المشروع في حد ذاته مهم، لأن أهل الأشرفية مهمون بالنسبة إلينا، فالأشرفية من أجمل المناطق، ليس فقط في بيروت، بل في لبنان أيضا. كما أن أهلها هم أفضل الناس، فعندما أزورها، أشعر بأن هذه هي بيروت، التي أريد أن أطورها وأحلم بها للمستقبل، وهذا الأمر لا ينتقص من أي منطقة أخرى بالتأكيد، ولكن لدى الأشرفية مكانة خاصة، لأن أهلها يهتمون بها ويحرصون عليها”.
واعتبر محافظ بيروت ان “إنشاء هذه الحديقة هنا غير المشهد وجعل المكان أكثر قابلية للحياة. تشبه هذه الحديقة المدينة نفسها، فبيروت كما تعلمون لم يكن دورها يوما يقاس بمقياس المساحة الجغرافية ولا بحجم الثراء أو العمران، إنما بالقدرة المتجددة والدائمة على التأثير بالجوار تأثيرا إيجابيا، وهذا ما تطمح إليه هذه الحديقة. أشكر جميع الحاضرين على تلبيتهم الدعوة، ولا شك أن في قلوبكم جميعا محبة كبيرة لسيدنا الياس عودة. واسمحوا لي باسمكم جميعا أن أتوجه الى سيادته بالشكر لأنه قبل بأن يشاركنا هذا الافتتاح. فلعلمكم أيها السيدات والسادة أن سيادة المتروبوليت الياس لم يطلب تسمية الحديقة على اسمه، لا بل أنه تحفظ على الفكرة حين عرضت عليه، هذه هي الحقيقة. أما السبب، فليس لأن سيدنا الياس لا يشجع المساحات الخضراء والحدائق مثلا، لا بل كان موقفه نابعا مما بلغه ارتقاؤه الروحي من مراتب متقدمة جعلت نفسه تأبى ما من شأنه تعكير صفو تواضعها”.
وتابع: “يصادف اليوم 9 نيسان ذكرى دخول سيادة المتروبوليت عودة الى بيروت مطرانا على كرسي القديس كوارتوس المؤسس، أحد الرسل السبعين والذي ورد ذكره في الكتاب المقدس. وقد شارف اليوم سيدنا الياس على اتمام عامه الأربعين على رأس هذه الأبرشية. لقد أخبرنا بالأمس في عظة الأحد عن ناسك قضى أربعين عاما في البرية في سيناء هو يوحنا السلمي الذي وضع كتاب سلم الفضائل بدرجاته الثلاثين وإحداها فضيلة التواضع. لقد أقرن القول بالفعل. أربعون عاما من الجهاد الروحي المترافق مع حسن التدبير والإدارة أمضاها سيدنا الياس “ناسكا في مدينة”. المتواضع في الحقيقة، كما يقول القديس اسحق السرياني، هو من يملك في سريرته شيئا جديراً بالعظمة ولا يفاخر به، بل يعتبر نفسه ترابا. وإن تواضعك يا سيدنا رغم عظيم صفاتك وإنجازاتك لهو درس لكل أبنائك الروحيين وتلاميذك، وأنا منهم، ولكل من يسعى الى فصح قريب”.
من جهته، قال المطران عودة: “قرر المجلس البلدي السابق إطلاق إسمي على هذه الحديقة من دون استشارتي، وعندما أبلغوني بالأمر لم أكن مرتاحا للتسمية، لكنني فرحت بإنشاء الحديقة لأن عاصمتنا الحبيبة تختنق بالاسمنت وتحتاج إلى مساحات خضراء وحدائق. لقد قال الله في اليوم الثالث من الخلق: “لتنبت الأرض عشبا وبقلا يبزر بزرا وشجرا ذا ثمر… ورأى الله أن ذلك حسن” (تك 1: 11-12). لقد خلق الله كل شيء وهيأه، ثم خلق الإنسان وجعله سيدا على الطبيعة وما تحتويه من نبات وحيوان، ما عدا أخيه الإنسان، إلا أن الإنسان المخلوق على صورة الله ومثاله، نسي أن المحبة هي أساس السيادة، وراح يستعبد كل ما في الطبيعة ويستعمله لخدمته، حتى أنه أعاد خطيئة قايين الذي قتل هابيل أخاه، وهو يعيدها يوميا، خير دليل على ذلك الحقد والحسد والقتل والحروب التي تعم العالم”.
وأردف: “الجشع أعمى القلوب، وبسببه صارت الأبنية السكنية العالية والمتراصة مقصد الجميع ومحط الزهو. أصبحنا نفتقد المساحات الخضراء، مهما صغرت، في غابات الباطون التي نعيش داخلها. لقد كان لبناننا، منذ القديم، مضرب مثل بخضرته وأشجاره، خصوصا الأرز، الذي اختير رمزا لبلدنا الحبيب ومنح شرف أن يكون على العلم اللبناني. يقول كاتب المزامير: “الصديق كالنخلة يزهو، وكالأرز في لبنان ينمو” (مز 92: 12). هذه الطبيعة المقدسة تحولت بسبب الإنسان إلى كائن غاضب، لما اقترفه من قطع وتدمير وتشويه وتلويث، ثم راح يتساءل عن سبب ثورة الطبيعة، واضعا نفسه موضع البريء في المحاكمة. الشكر لله أن أبناء بيروت وعوا، ولو متأخرين، أنهم أصبحوا بلا رئة، بلا متنفس، بلا مكان هادئ أخضر يذهبون إليه مع صغارهم ليهربوا، في المدينة، من صخب المدينة. لذا، نجد بلدية بيروت تقوم حاليا بعمليات جراحية في جسم المدينة، لتزرع في كل قسم منه رئة تساعد أبناء المنطقة على تنفس الهواء النقي، فجاءت هذه الحديقة الصغيرة هنا، ضمن هذه المبادرة، التي نطلب إلى الرب إلهنا أن يلهم غارسيها غرس الكثير مثلها، حتى يعود لعاصمتنا الحبيبة نفس الحياة الذي نفتقده”.