كانت لافتة اشارة امين عام جامعة الدول العربية احمد ابو الغيط، اثناء جولته على المسؤولين اللبنانيين الأربعاء، الى ان “وجود النازح السوري موقت، وعاجلا أم آجلا سيعود الى بلده عندما تكون مستعدة لاستعادته، والمشكلة ان يعود الى ارض غير مناسبة للعيش، فيما هو يتمتع خارج سوريا بخيرات كثيرة”.
تقاطع هذا الكلام مع مواقف اقليمية ودولية لا تُحبّذ عودة النازحين قبل توفير ضمانات لازمة تؤمّن عودة آمنة وكريمة لملايين النازحين المنتشرين في الدول المجاورة لسوريا.
غير ان موقف ابو الغيط، البعيد الى حدّ ما عن الموقف الرسمي الذي يُعبّر عنه رئيس الجمهورية وفريقه السياسي، اتى بالتزامن مع “طحشة” لبنانية في اتّجاه سوريا تحت عناوين التنسيق والتعاون في ملفات مشتركة، أبرزها النازحون السوريون، قد تتوّج، بحسب ما يروّج، بزيارة وزير الخارجية جبران باسيل دمشق.
ولا تجد اوساط ديبلوماسية غربية، عبر “المركزية”، “اي فائدة من زيارات المسؤولين سوريا، لاسيما ان الخارج، خصوصا الدول العربية، لا تنظر بعين الرضى الى زيارات كهذه مهما كان عنوانها، كونها تعد تحدّيا للقرار العربي شبه الجامع بتعليق عضوية سوريا في الجامعة العربية”.
واعتبرت ان “زيارات المسؤولين اللبنانيين الى سوريا، لاسيما باسيل، لا تبدل في الموقف ولا تغيّر في المعطيات ومواقف النظام مهما بالغ البعض في اعطاء الخطوة ابعادها”. وذهبت بعيدا في الاشارة الى النتائج السلبية لزيارة كهذه بتأكيدها ان “ستكون لها تداعيات وانعكاسات سلبية على الوضع الداخلي وعلاقة لبنان بدول عربية وغربية، لاسيما بالدول المانحة التي شاركت في “”سيدر”. كما نبّهت الى ان “هذه الخطوة قد تضع “سيدر” في مهب الريح وتقضي على سياسة “النأي بالنفس” التي هي شرط الدول المانحة للإيفاء بالتزاماتها المادية”.
ولم يعد سرا القول ان النظام السوري لا يريد عودة النازحين لاعتبارات طائفية-مذهبية تدخل في حسابات الاستحقاق الرئاسي المقبل، وبالتالي يستخدم ورقة النزوح من اجل الضغط على لبنان الرسمي لتطبيع العلاقات كمقدّمة لعودة المياه الى مجاريها الطبيعية بين سوريا ودول عربية اخرى كالأردن والعراق والكويت وقطر وسلطنة عمان والجزائر، بما يفتح باب الجامعة العربية مجددا امام دمشق لاستعادة مقعدها.
وتسأل اوساط سياسية، عبر “المركزية”: “هل فعلا يريد النظام عودة النازحين الى مناطقهم وقراهم؟ فلو كان يرغب بذلك لأوفد مسؤولا للاجتماع مع نظرائه اللبنانيين لترتيب آلية عودتهم ثم تفقّد المخيمات التي يُقيمون بها اقلّه لحفظ ماء وجه حكومته وإظهار حسن نيّتها في التعاطي مع هذا الملف”.
وتضيف: “إذا كان النظام السوري يريد حقيقةُ عودة ابنائه لحذا حذو الحكومة اللبنانية التي كلّفت، وبقرار من مجلس الوزراء، المدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم متابعة موضوع النازحين وهو من اجل ذلك يزور دمشق للتنسيق، فيُكلّف مسؤولا امنيا او سياسيا لمتابعة الموضوع تمهيدا لتشكيل لجنة مشتركة لبنانية-سورية مختصة بالملف”.
وفي السياق، تُفيد معلومات، نقلا عن اوساط غربية، ان النظام اعد “لوائح سوداء” لمعاقبة الذين فرّوا من البلاد الى الخارج وكانوا الى جانب اعداء النظام اي المعارضة مع اختلاف تلاوينها، وفق “المركزية”.
وفي معرض “تخوّفها” من استغلال النظام للنازحين لزعزعة الاستقرار اللبناني الداخلي، اشارت الاوساط السياسية الى “ما شهدته منطقة الاشرفية نهاية الاسبوع من مواكب سورية استفزازية تابعة لحزب البعث، اشعلت مواقع التواصل الاجتماعي بعبارات ومواقف عادت بالذاكرة الى بوسطة عين الرمانة التي اطلقت شرارة الحرب الاهلية”، معتبرةً ان “ما حصل يؤكد ما يُضمره النظام السوري للبنان من خلال ورقة النازحين”، وسألت: “اذا كان هؤلاء يدعمون الاسد ومتمسكون به فلماذا لا يعودون سريعا الى بلادهم”؟