Site icon IMLebanon

واشنطن تراهن على أكراد سوريا في مواجهة نفوذ إيران

 

تعكس تصريحات وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو في جلسة استماع بلجنة مجلس الشيوخ لمناقشة ميزانية العام 2020، أن الولايات المتحدة لم تتخل عن هدفها في أن تتولى قوات أوروبية ملء الفراغ الذي سيخلفه سحب العدد الأكبر من القوات الأميركية، من شمال شرقي سوريا.

ويرى متابعون أن تصريحات بومبيو تكرس حقيقة أن الولايات المتحدة ليست بصدد التخلي عن استراتيجيها تجاه الحليف الكردي في شمال شرق سوريا أو مقارعة النفوذ الإيراني في هذا البلد، وإنما التغيير سيكون على المستوى التكتيكي، خاصة وأن الرئيس دونالد ترامب سبق ودعا مرارا شركاءه الأوروبيين إلى ضرورة تقاسم المسؤوليات والأعباء في مناطق النزاع المتواجدين بها.

وأعلن وزير الخارجية الأميركي، أن الولايات المتحدة تسعى إلى أن يشكل الأوروبيون الجزء الأكبر في القوات الغربية التي ستبقى في سوريا.

وتلقى بومبيو – خلال مشاركته في جلسة استماع بلجنة مجلس الشيوخ الثلاثاء- سؤالا من السيناتور الجمهوري، ليندسي غراهام، حول ما إذا كان من المخطط له أن تكون الأغلبية في القوات الغربية المتبقية للعسكريين الأوروبيين، ليرد وزير الخارجية بالقول “أكيد، هذا هو بالضبط ما نناقشه في الوقت الراهن”.

وشدد بومبيو على أن الولايات المتحدة لم تغير موقفها لجهة ضرورة إبقاء قوات مسلحة في شمال شرق سوريا لمنع انتشار نفوذ إيران في المنطقة. وأوضح “هذا يمثل جزءا مهما من استراتيجيتنا في الشرق الأوسط والتي تشمل إجراءات خاصة بالتصدي لإيران”.

وتتولى الولايات المتحدة قيادة التحالف الدولي ضد تنظيم داعش في سوريا منذ عام 2014، وأعلن الرئيس دونالد ترامب في ديسمبر 2018 نيته سحب قوات بلاده من سوريا بعد القضاء على خطر التنظيم الجهادي.

وأثار حينها ضجة كبيرة، واعتبر شركاء واشنطن الغربيون أن الخطوة متسرعة، لجهة أن التحالف لم يحقق أيا من أهدافه التي قدم لأجلها والتي لا تقتصر فقط على قتال تنظيم داعش (السبب المعلن)، وإنما أيضا مواجهة النفوذ الإيراني في سوريا والضغط على الأطراف المقابلة (موسكو ودمشق) للتوصل إلى تسوية سياسية في سوريا، فضلا عن أن هذه الخطوة ستجعل أكراد سوريا الذين لعبوا ولا يزالون دورا مهما في قتال داعش، في مرمى النيران التركية.

وتعتبر أنقرة أكراد سوريا وبخاصة وحدات حماية الشعب العمود الفقري لقوات سوريا الديمقراطية تهديدا لأمنها القومي وتزعم ارتباطهم بحزب العمال الكردستاني.

وأمام حجم الضغوط تراجع ترامب حيث أعلن لاحقا أنه لا يوجد إطار زمني لسحب القوات من سوريا، فيما تحدثت مصادر عن أن القيادة العسكرية في وزارة الدفاع تمكنت من إقناع الرئيس بضرورة إبقاء قوة معينة.

ويتم في الكواليس البحث عن خطط للمرحلة المقبلة خاصة بعد نجاح قوات سوريا الديمقراطية في إنهاء خلافة تنظيم الدولة الإسلامية، وبينها إقناع الدول الأوروبية وبخاصة الحليفين في التحالف الدولي فرنسا وبريطانيا بزيادة عدد قواتهما في سوريا، بيد أنه إلى الآن لم يتم التوصل إلى اتفاق، حيث أن الجانبين لا يريدان أن يكونا في الجبهة الأمامية لما قد يواجهانه من تحديات.

وسبق وأن عرض ترامب بعيد إعلانه الانسحاب عن مقترح لإقامة منطقة آمنة في شمال شرق سوريا التي تخضع للسيطرة الكردية، بيد أن أنقرة تصر على أنها لا بد أن تشرف بنفسها على تلك المنطقة.

وعلى ضوء تصريحات بومبيو الأخيرة، فإن إدارة ترامب لن تتجه لعقد صفقة لطالما سعت إليها تركيا ومفادها التخلي الأميركي عن الحليف الكردي، بل العكس فإن التوجه سيكون نحو تعزيز قوة هذا الحليف وفرضه رقما صعبا في المعادلة السورية، ولمَ لا التوجه إلى دعم خياره في التمتع بوضع خاص في الشمال السوري وشرقه، أسوة بشمال العراق. ويضمن هذا الخيار للولايات المتحدة موطئ قدم ثابتا لها في تلك المنطقة، وأيضا يحول دون نجاح إيران في مشروع الحزام الأمني الذي تسعى إليه. ويقول متابعون إن هذا الأمر سيضطر تركيا إلى تعزيز تقاربها مع روسيا وإيران لأن هذا المشروع ترى أنه لا يستهدف إيران فقط بل ويستهدفها أيضا.