أزمة السير. تختصر هاتان الكلمتان معاناة مئات آلاف اللبنانيين يوميًا في الزحمة الخانقة خصوصًا عند مداخل ومخارج بيروت. وفي وقت يجمع الخبراء ان تفعيل قطاع النقل العام أساسي لحلّ هذه الأزمة، فإن الباصات في بيروت والمناطق بحاجة الى تنظيم وتطوير كي تصبح وسيلة نقل يستخدمها الجميع ومن كافة الفئات كما يحصل في دول العالم!
وفي هذا الإطار، قرر 4 شبان جامعيين لبنانيين يدرسون في الجامعة الأميركية في بيروت أن يغيروا المفاهيم الموجودة لدى البعض حول الباصات في لبنان في محاولة لتقديم صورة مختلفة عن هذا القطاع خصوصًا وان الكثيرين من سكان العاصمة لا يعرفون على وجه التحديد طريقة عمل الباصات ولا وجهاتها إذ أن لا تنظيم فعليًا لهذا القطاع حتى الآن.
إذاً، بدأ الطلاب الأربعة تيريز كيروز وغسان زغيب ويارا نصار وجورج جحا مهمة ليست سهلة اذ بدأوا بتطبيق هاتفي يساعد الأشخاص على اختيار الباص الذي يريدونه في لبنان بكل سهولة عبر مبادرة YallaBus… تروي كيروز لـIMLebanon ان التطبيق يسمح للمستخدم بأن يدخل معلومات عن وجهته التي يريد الذهاب اليها ليطرح التطبيق امامه خيارات الباصات وأين ينتظره (بما أن لبنان لا يحوي محطات ثابتة كثيرة للباصات) إضافة الى ان التطبيق يعلم المستخدم في أي ساعة سيمرّ الباص.
وتشدد على ان الفكرة بدأت بمبادرة فردية خالصة من خلال استخدام الباص خصوصاً على خط “الكولا – الدورة” والتعرف الى السائقين ومشاكلهم وهواجسهم، وعملنا بالتالي على فكرة تسهيل التنقلات العامة والعلاقة بين الراكب وأصحاب الباصات.
وعن المعايير المتبعة بالنسبة للباصات على التطبيق وكيفية سير العمل، توضح كيروز ان ثمة معايير بالحد الأدنى كي تكون الباصات موجودة على المنصة الالكترونية لناحية الجدية في العمل والالتزام، مشيرا الى ان من خلال الـGPS “نعلم موعد مرور الباص”. وأكدت ان طموح المطورين يكمن في وضع معايير اعلى من ضمنها النظافة وتوفر خدمة الاتصال بالانترنت وغيرها وبالتالي يصبح من الممكن تصنيف الباصات حسب المعايير.
والى جانب التطبيق، أطلق الطلاب فكرة خرائط الباصات الموجودة في بيروت ورقيًا وعبر الانترنت، فتؤكد كيروز ان التنفيذ تم بعد التأكد من وجهة كل باص والطرقات التي يمر بها وذلك بعد ان كان فريق YallaBus يتلقى الكثير من الاستفسارات حول هذا الموضوع فاتخذ القرار بتطوير خرائط تغطي بيروت. وتضيف: “كثيرون لا يعرفون أي باص يجب ان يستقلوا خلال تنقلاتهم وهذا السبب يحول دون استخدامهم للنقل المشترك”، مشددة على توجيه الشكر الى شركة “ألماسة” بما انها الوحيدة التي آمنت بهذا المشروع. وتقول ان الخرائط تتشكل الباصات المملوكة من دولة وتلك الخاص اذ ان هناك 4 آلاف باص في لبنان 40 منهم فقط للدولة، حيث تم وضع هذه الخرائط عبر الانترنت و3000 نسخة ورقية. وتكشف ان الاقبال فاق كل التوقعات خلال اقل من شهر حيث ان الأمكنة التي عرضت فيها الخرائط نفدت بسرعة كبيرة…
باختصار، هكذا ولدت فكرة رائدة من مشكلة كان الطلاب يعانون منها فوجوا حلًا بحاجة لدعم أكيد من الدولة والمسؤولين… مرة جديدة يؤكد اللبناني ابداعه الشخصي على ان يتحول هذا النجاح الى نجاح حقيقي للوطن كي يتمكن من الخروج من ازمته!